كتب الأستاذ حليم خاتون: لبنان الضعيف القوي.. هل يحيا؟
دراسات و أبحاث
كتب الأستاذ حليم خاتون: لبنان الضعيف القوي.. هل يحيا؟
حليم خاتون
4 حزيران 2021 , 22:32 م
كتب الأستاذ حليم خاتون:        لبنان القوي جداً بفضل مقاومةٍ تُعتبر أهمَّ قوةٍ عسكريةٍ غير نظاميةٍ في العالم، هو نفسه لبنان الضعيف الراقد في غرفة العناية الفائقة بعد أن فعلت به طبقة الأوليغارشيا (

كتب الأستاذ حليم خاتون: 
     

لبنان القوي جداً بفضل مقاومةٍ تُعتبر أهمَّ قوةٍ عسكريةٍ غير نظاميةٍ في العالم، هو نفسه لبنان الضعيف الراقد في غرفة العناية الفائقة بعد أن فعلت به طبقة الأوليغارشيا (المالية السياسية) ما فعلت دون حتى أن يرفّ لها جفن...

تذابُح عون والحريري ليس سوى أحد صور ما فعلته ولا تزال تفعله هذه الطبقة...

لماذا خرج باسيل يطالب بمؤتمر حوار وطني في بعبدا؟
ألم يعد باسيل يخاف من المثالثة؟

هل ينحصر مرض لبنان فقط في تأليف هذه الحكومة؟

هل سعد الحريري هو وحده رهينة الموقف السعودي، وهو فعلاً رهينة، يخاف التأليف دون موافقتها، ويخاف الِاعتذار دون هذه الموافقة أيضا؟...

أم هم كل المرشحين للتكليف من نادي رؤساء الحكومة ومن خارجه أيضا، يرتعدون خوفاً من ابن سلمان؟...

هل هي الطائفة السنية التي يتبع أكثر من ثلثيها للسعودية والإمارات وأمريكا، أم هو كل لبنان الذي يقف متسولاً على أبواب تلك المشيخات والممالك، في وضع الحاجة إلى المال،حتى ولو كان ثمن هذا المال كرامة وطن سالت من أجله ومن أجل كرامته دماء زكيّة؟.

لوفرضنا جدلاً أنّ
سعد الحريري اعتذر، فمن هو المرشح الذي يستطيع التأليف؟

أليست الكلمة الفصل في أيدي السعوديين؟

لماذا هُرِعَ البطرك إلى بعبدا مطالباً بحكومة أقطاب؟

أليس أحد الأسباب هو هذا المؤتمر الذي طالب به باسيل وإمكانية تحوله إلى مؤتمر تأسيسي حين تتكاثر الملفات وتبدأ الطوائف بالتناحر؟!...

من هم الأقطاب الأربعة الذين طالب بهم البطرك لحكومته العتيدة؟
الحريري، بري، باسيل جعجع،..من؟

 ما هو البرنامج الذي سوف ينفذونه؟

أمس، صدر عن مجلس الشورى في القضاء قرار غير محدّد برفض تعميم رياض سلامة الرقم ١٥١ والذي، بالتوافق مع الوزير وزني، أوجد منصة ال ٣٩٠٠ ليرة للدولار... وكأن هذا هو الفعل الوحيد الذي يجب إدانته في هذا البلد...
قضاء بائس في جمهورية بائسة.

حسناً، ماذا إذا ذهب أحد المودعين وطلب وديعته الدولارية من أحد المصارف، أياً يكن هذا المصرف.

سوف يقول المصرف: إنّهُ لا يملك بنكنوت، وفي أحسن الأحوال، سوف يعطي صاحب الوديعة شيكاً بالدولار، مسحوباً على مصرف لبنان المركزي...

يذهب المودع إلى المركزي ليطالب بوديعته ...

إذا كان حساب المصرف صاحب الشيك مجمداً في مصرف لبنان
لمدة عشر سنين كما هو حال معظم المصارف اللبنانية، فسوف يتمّ رفض صرف الشيك...

يأخذ المودع الشيك المرفوض إلى القضاء للمطالبة بحقه، وإلا يجب إعلان المصرف صاحب الشيك مفلسا، ويتم الحجز على كل أمواله المنقولة وغير المنقولة، ويتمّ اتخاذ نفس الإجراء بحق المدراء والجهاز التنفيذي والهيئة الإدارية، وقبل كل هؤلاء، بحق كل مالكي الأسهم لهذا المصرف..

هل سوف يحصل هذا السيناريو؟

هل سوف يتمّ اتخاذ هذه الإجراءات، بحق الرؤساء والوزراء والنواب وأقاربهم من المساهمين في المصرف المذكور؟

ما سوف يحصل في الحقيقة هو إلقاء القبض على المودع، وحتى على القاضي الذي قديتجرأ على قبول هذه الدعوى. 

إنه لبنان...

ما هو الحل إذاً؟

التاريخ مليء بالحلول الناجعة، إذا أردنا فعلاً الصراط المستقيم.. 
بالأفعال، وليس قولاًكماالببغاوات..

أقرب مثال، هو ما حدث مع سعد الحريري نفسه في الرياض...
وما حدث بين ابن سلمان وكافة الأمراء وأتباعهم، والمقاولين في حادثة فندق الريتز الشهيرة...

مثل آخر حدث في فرنسا، عندما تكلّمت المقصلة مع ماري أنطوانيت وبقية "النبلاء"،من ناهبي أموال الدولة...

الوصول إلى الحقوق، للوصول إلى الحلول، نحتاج أناساً بشراً، من لحم ودم.. ولكن أيضاً ذوي نخوةٍ وعزيمةٍ وكرامة، من أمثال من خرج في كومونة باريس أو إلى شوارع المدن الروسية، عشية الثورة البلشفية...

ما نحتاجه، هو أناس من أمثال أبناء الشيخ جرّاح في القدس، أو من أبناء يافا واللد الذين نفضوا عنهم الخوف، فخرجوا على الظالم، "يا قاتل، يا مقتول"...

لو أتينا بأيٍّ من هؤلاء الأقطاب أو المسؤولين، وطالبناه أن يختار، بين إرجاع كل ما سطا عليه أو  السجن أو... حتى رقبته... فسوف يَخِرُّ فوراً، هو وغيره، وتمتلىء خزينة الدولة من جديد...

هل سوف يجرؤ أيُّ مسؤولٍ، قطباً كان أو أقل... رجل دين كان أو رجل دنيا، على القيام بهذا؟... ومعظم من يجب محاكمتهم هم من هؤلاء تحديدا...

هذا ليس سؤالا، هذا مجرّد تساؤل يهدف إلى تنوير الناس، أنّ كل ما يجري ليس سوى "حكي بحكي"... مسرحية من الكوميدياالسوداء، أبطالها هم كل أنواع السلطات في هذا البلد.. 

مارتا، يا مارتا... تقولين وتقولين وتقولين ... والمطلوب واحد..
[9:56 PM, 6/4/2021] الدكتور عصام شعيتو: أخي الحبيب الأستاذ شاكر، هذا هو المقال الثاني الذي لم يّنشر بعدُ، من مقالات الأستاذ حليم:

كتب حليم خاتون:

وانتصر حزب المصارف
      ٤-٦-٢٠٢١

خرج قرار الشورى برفض التعميم ١٥١ الذي سمح للمصارف
بسرقة ما يقارب ٧٠٪ من قيمة الودائع، حتى دون الإفراج عنها؛
بل وضع سقفاً للسحوبات لا يزيد عن ألف دولار شهريا، وعلى دفعتين أيضا، زيادة في إذلال المودعين وسرقتهم في الوقت نفسه...

ظاهريا، كان القرار جريئاً حين تحدّث عن السحب بنفس عملة الوديعة...

يبدو أن القاضي كان يعتقد يومها أنه في ألمانيا أو سويسرا...
نسي أنه في بلد العجائب، لبنان..

قامت المصارف فوراً بتفسير قرار الشورى على هواها، فقامت  بإلغاء منصة ال٣٩٠٠ والعودة إلى سعر ال١٥١٤.

هكذا استغلّت المصارف القرار لترفع نسبةالسرقة  من السحوبات إلى حوالي ال٩٠٪.

لو كان مجلس الشورى يعني فعلاً ما قاله، لكان أمر فوراً باعتقال اصحاب المصارف لمخالفتهم قراره... لكن ما حصل فعلا، هو أن رئيس الجمهورية وحاكم مصرف لبنان قاما "بدعوة!!" رئيس مجلس الشورى، وتمّ وضع إخراج لائق لكي يبتلع القضاة ألسنتهم، وكأن شيئاً لم يكن...

دولة تحكمها المصارف لا يمكن تسميتها بغير اسمها: دولة المصارف.

في نفس ليلة القرار، بدأت المقابلات،على كل الشاشات التابعة لدولة المصارف، بالهجوم على هذا القرار المستهجن، دفاعاً عن المصارف "المغلوب على أمرها"...

أقلّ ما وُصف به القضاة هو حسن النيّة... وإن كان المقصود شيئا آخر ...

وصل الأمربأحدهم أن انتقد القضاة، لعدم تحدّثهم مع اقتصاديين من أصحاب المعرفة، قبل اتخاذ القرار، لأن القاضي جاهل في أمور الِاقتصاد على حدِّ زعمه...

معظم المتحدثين الذين هاجموا القرار نسوا، أو تناسوا، أن الشعب اللبناني صار خبيراً في معظم أمور الدنيا، بعدما تمّ إغراقه في 
مستنقعات المعاناة، من كل مصائب الدنيا التي قدتخطر على بال...

ما حصل في لبنان، هو بسيط جداً ...
قامت المصارف بمغامرات غير مدروسة، وخسرت.

عندما تفلس شركة، أي شركة كانت، يَتِمُّ فوراً وضع اليد عليها، لضمان الحقوق...

هذا قانون الرأسمالية والنظام الِاقتصادي الحرّ الذي يتشدق به الكثيرون من أهل النظام.

هذا ألف باء الِاقتصاد الحرّ...

هذا يُطبّق على زيد وعمر وعلي وجورج ولينين، وأيِّ إنسانٍ أو شركة ...

قامت المصارف اللبنانية بإيداع الأموال في مصرف لبنان المركزي، مقابل فوائد عالية ولفترات تصل أحياناً حتى عشر سنوات...

هي تبغي الربح؛ وهذا حقها...

لكنها قامت بِاستعمال أموال مجمّدة عندها لفترات قصيرة ومتوسطة لتلك الغاية... أي وضعها في المصرف المركزي، لآجال طويلة، وبكميات تصل حدّ الجنون في هوس الربح السهل..

عندما أتى المودع لِاستِلام وديعته، بعد انتهاء أجل التجميد،
قيل له: إنّ مالك موجود في المصرف المركزي.

نظرياً، وفي هذه الحالات تحديداً، المصرف المركزي غير مذنب... المال مجمّد عنده، لفتراتٍ  أطول، وهو غيرُ مُلْزَمٌ بإعادتها قبل الأجل.

نظرياً وفعلياً، هذا المصرف أو ذاك، يتحمّلان المسؤولية الكاملة عن سوء الإدارة و"التخبيص" الذي حصل...

عندما يرفض مصرفٌ ما إعادة الوديعة إلى صاحبها، في الأجل المحدّد، يُعْتَبَرُهذا المصرف في قانون الِاقتصاد الحرّ، مفلساً يجب وضع اليد عليه...

هذا ما يحصل في النظم الرأسمالية النظامية التي تحترم القانون...

أما في دولة المصارف، فهذا يحصل لكل الناس باستثناءالمصارف.

المصارف، في لبنان، فوق القانون.

القانون يسري في دولة القانون.

أما في دولة اللاقانون، ولبنان دولة لاقانون بكل ما في الكلمة من معنى،تكون الكلمة الأخيرة للمافيا الحاكمةالمتحكمة   ..في كل القرارات...

لماذا؟
لأن القانون، في كل طائفة، هو في يد رئيس عصابة هذه الطائفة...

ورؤساء عصابات الطوائف لهم قوانينهم الخاصة، التي تجعل منهم أنصاف آلهة على ارض لبنان، وبموافقة الرَّعاع من طوائفهم...

ما يحكم في مجلس رؤساء عصابات الطوائف هوقانون قراقوش..

لذلك تمت "دعوة" القاضي الذي تجرّأ وأصدر قراراً "غير مسؤول" وطُلِبَ منه، أو تمّ إعطاؤه الصيغة التي تحفظ ماء وجهه، بعد أن ينقع قراره في الماء قبل شربها...

ولا ضرورة لأيٍّ كان أن يتحدّى ويطلب أسماء رؤساء
وأعضاء العصابات الطائفية...

يستطيع أيٌّ كان الِاتصال بجريدة الأخبار، وهم يعطونه تواريخ أعداد الجريدة التي سمّت كل واحد استفاد من هندسات رياض سلامة المالية...

هل يُعقلُ، مثلاً،أن يدفع الناس ملياراً ومئتي مليون دولار سنوياً اشتراكات كهرباء، تستفيد منها، حصراً، مافيا المولدات ومافيا الوقود، في حين لا يكلِّفُ بناءُ معملٍ على الغاز لتوليد كهرباءأرخص وأقل تلوثا، أكثر من هذا المليار وتتأمّن الكهرباء للمواطن بعيداً عن المافيات؟...

هل يُعقل، في القرن الواحد والعشرين، عصر ما فوق التكنولوجيا، أن يشتري اللبناني مياه الغسيل من السيتيرنات، ومياه الشرب من شركات يفتقد أكثر من نصفها للمواصفات، في الوقت الذي لا تزيد تكلفة بنية تحتية للمياه عن نصف ما يدفعه اللبنانيون سنوياً لمافيات المياه على اختلافها...

هل يُعقل أن تتمّ إدانة سارق الانترنت وتغريمه بدفع أقل مما سرق بعشرة أضعاف... ولا يتمّ توقيفه، رغم رفضه دفع،حتّى هذه الغرامة التافهة؟...

ثم، وعندما يطالب أحدهم بجلب مِقصلة كومونة باريس الى ساحة الشهداء، للبدء بقطف الرؤوس التي أينعت وحان وقت قطافها، يخرج من يتهمه بالشعبوية
والغوغائية...

ابتسم انت في لبنان...

لكن، وحياة السماء والأرض وما خلق الله بينهما، كفّ عن البكاء، لأن الراتب لا يكفي لأكثر من يومين في الشهر ..

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري