كتب الأستاذ حليم خاتون: سعد، من تحت مظلة البطرك إلى تحت مظلة المفتي
أخبار وتقارير
كتب الأستاذ حليم خاتون: سعد، من تحت مظلة البطرك إلى تحت مظلة المفتي
حليم خاتون
13 حزيران 2021 , 16:34 م
كتب الأستاذ حليم خاتون:    يُحكى أن مجموعة من التنابل تاهت في الصحراء القاحلة وكاد أفرادها يموتون جوعاً وعطشاََ إلى أن منّ الله عليهم بشجرة من النخل وارفة الظلال وتحمل من الثمر ما لذّ وطاب...

كتب الأستاذ حليم خاتون: 

 

يُحكى أن مجموعة من التنابل تاهت في الصحراء القاحلة وكاد أفرادها يموتون جوعاً وعطشاََ إلى أن منّ الله عليهم بشجرة من النخل وارفة الظلال وتحمل من الثمر ما لذّ وطاب...

وصل التنابل إلى ظلال الشجرة وقعدوا بفيئها يرتاحون وينظرون إلى ثمر التمر بشهية وكل واحد منهم ينتظر أن يقوم غيره بتسلق النخلة وقطف الثمار...

وبينما هم على تلك الحالة من الإنتظار دون أي جدوى ولا أي مبادرة من أي من التنابل فتح  "أنشطهم!!" واصغرهم سناََ وأكثرهم "حكمة" غير مُطاعة؛ فتح فاهه ليقترح امراََ.... فجازاه الله بحبة من التمر وقعت بين أسنانه مباشرة...

كبّر الباقون لهذه "المعجزة"، وحسدوه على ما منّ الله به عليه...

مضغ صاحبنا حبة التمر وردّ على أصحابه قائلاً:
لما كل هذا الحسد؟
وهل نزلت حبة التمر ممضوغة؟!!

أما شجرة النخل، فهي الوطن المسمى لبنان في صحراء قاحلة من أمة التطبيع والتتبيع والفساد والتخمة والتبذير...

وما ثمار التمر إلا السلطة العادلة الخيًرة التي يريدها كل من ليس أهل لها ويتعفف عنها فقط من هو أهل لها....

وأما التنابل، فهم كل الأحزاب والحركات والتيارات والهيئات والجمعيات إلى آخر ما تفتّق على 
تأليفه اللبنانيون من تجمعات....

أما صاحبنا الذي أراد اقتراح حلِِِّ... فهو ...
حزب الله ما غيره...

امس، لم يجد سعد الحريري من صدر يبكي عليه غير المجلس الشرعي بكل ما تعنيه هذه الخطوة من دفع للبلد إلى ابعاد طائفية مذهبية سوف تقوده حتما إلى المجهول وربما الهلاك..

كالطفل، الذي خاصم كل أقرانه بأنانيته ولم تعد مربيته تهتم لأمره، لأنانيتها هي أيضاً... ركض إلى صدر أمه...لأن الأم وحدها ترى في ابنها القرد، غزالاََ...

سعد الحريري العاجز أمام المربية - السعودية، والذي احتمى كثيرا في ظلً الرئيس برًي، واحيانا لجأ إلى جنبلاط وأحيانا أخرى الى البطرك... لا يستطيع قول الحقيقة عما فعلت وتفعل به المربية...

ولأنه ضعيف الشخصية ولم يكن رجلاً في الرياض حين تلقى الصفع واللبط، خضع يومها وقدّم استقالة ذليلة بدل أن يكون وطنيا ويقول لا ...

ولأنه لا زال ذلك الضعيف الذي لا ينفك عن لثم اليد التي صفعته والتي تحتفظ بثروته وأمواله وعائلته رهينة...
لم يجد سعد الحريري، كما أي ضعيف، سوى اللجوء إلى الموقع الذي يهدد به الجميع بالفناء في حرب مذهبية، عصبُها جاهلية منتشرة في كل أصقاع هذا البلد المنكوب...

ماذا فعل أمس سعد الحريري؟
رمى بكل من مد اليد إليه في حفرة التهلكة المذهبية...

فليذهب الجميع ومعهم لبنان الى الجحيم مقابل أن لا ينتهي هو كما تريد السعودية وكما تفعل  مملكة الخير بكل همّة للقضاء عليه...

وكما في أيام داحس والغبراء، خرج علينا دار الإفتاء يصب الزيت على النار في محاولة لشد العصب المذهبي دفاعا عن رجل أقل ما يقال فيه أنه لم يكن رجلاً، لا في الرياض، ولا في غيرها...

خرج المجلس الشرعي يدافع عن خطيئة اسمها إتفاق الطائف..

ولأن الجميع يخاف داحسَ وغبراءََ مذهبية في الجاهلية المعاصرة... سكت البعض وأنبرى البعض الآخر في الدفاع عن اتفاق مسخ كرس تقسيم البلد إلى مذاهب وطوائف بدل بناء دولة قانون وعدالة يتساوى فيها كل المواطنون في الحقوق والواجبات...

وأكثر المدافعين عن هذا الطائف المخزي هم الذين استفادوا من فساده وتقسيماته التي كرّستهم ديوكاََ على مزارعهم المذهبية...

ومن المدافعين أيضاً، الخائفين الذين ترتجف فرائضهم من الفتنة التي يريد سعد والمفتي إيقاظها..

لكن ما يؤلم حقاََ، هو خروج بعض المثقفين من أمثال الكاتب ورئيس تحرير جريدة الجمهورية،
الأخ طارق ترشيشي، مطالبا بتطبيق الطائف!!!

نحن نعيش اليوم مأزقا دستورياً، أوجده دستور الطائف..

نحن عشنا على مدى ثلاثة عقود،
أزمات ومآزق ولم نستطيع بناء وطن، لأن ما لم نستطع تطبيقه في اتفاق الطائف، لن نستطيع تطبيقه ابدا... وان حلً هذا لا يمكن أن يكون سوى بمؤتمر وطني لا يكون عماده لا الطائفيون ولا الأحزاب الطائفية، بل رجال وطنيون يتم انتخابهم من قبل جميع اللبنانيين من كل المناطق ويكونون من رجال القانون والعلم والإدارة ولا يتبعون لا أميركا ولا فرنسا ولا السعودية ولا حتى إيران (كي لا يبكي مصطفى علوش)...

يجتمعون لكتابة دستور جديد لا طائفي لجمهورية مدنية فوق كل الأديان ....

هل هذا صعب؟
عندما طرح السيد حسن مؤتمرا تأسيسيا، ارتجفت ارجل المستفيدين من هذا الخراب القائم...

لا للأحادية، لا للثنائية، لا للمثالثة، لا للمرابعة والمخامسة.. والمعاشرة...
نعم فقط للبنان وطني ديموقراطي يتساوى فيه الجميع بغض النظر عن الدين والمذهب والعرق واللون والجنس وأي اختلاف آخر خلقه الله للغنى، وجعلنا نحن منه مقتلنا...

لكي تكون تعدديتنا غنىََ، كفوا عن رمي الوطن في الجحيم...

إلى كل رجال الدين دون استثناء

إلى كل زعماء الطوائف

إلى كل زعران البلد

ارفع ا أيديكم عن لبنان ...

كفى كذباً،
انتم من نهب...
وانتم من سرق...
وانتم من باع الوطن بسبعة من الفضة في أسواق الخليج والغرب...

أما ماذا سوف يحصل؟
فإن ما فعله هذا المُعاق، وما سوف يفعله معاقو الطوائف والمذاهب... هو إشعال نار تزيد مأزق لبنان تأزما، عبر دفع الجهلة من مدّعي الأيمان إلى الشوارع...

الحل يكون فقط بدولة مدنية؛ وكل تجديف آخر لن يفعل أكثر من مراكمة المآسي...
                     

المصدر: موقع اضاءات الاخباري