كتب الكاتب حليم خاتون:
لم يمض بضعة ايام على تسليم الحريري امور تأليف الحكومة للرئيس بري... حتى خطا باسيل إلى الجبهة، مستعينا في الظاهر بالسيد نصرالله، قاصدا في المضمون أن يضحًي الحزب كما العادة من كيسه، لإرضاء نابليون الرابع، جبران باسيل...
في الشكل، يرفض جبران أن يكتفي بتسمية ٨ وزراء، وترك ١٦ اسم للتحالف غير المعلن القائم بين الحريري وبري..
وقد أشار الكاتب سركيس نعوم أكثر من مرة إلى هذا.... باسيل ينفي سعيه إلى الثلث الضامن، لكنه يطالب في الواقع بنصف الحكومة....
في المضمون، يسعى جبران لإجبار الحزب على القبول بحلف مقابل، يقوم بين التيار العوني وحزب الله...
من جهة، يكون قد نجح في فك تلاحم بين حركة أمل وحزب الله عصى كثيرا على الفك، رغم كثرة
المحاولات؛ ومن جهة ثانية، ينام على حرير وعدِِ يأتيه من السيد نصرالله بتأمين الثلث زائد واحد، عند الحاجة...
المعروف عن جبران باسيل، ذكاء ماكر إلى أقصى درجة...
لم يخنه هذا الذكاء هذه المرة...
حزب الله ليس بالسذاجة التي تجعله يُحشر في هذه الزاوية..
باسيل يعرف هذا...باسيل هدف إلى شيء آخر تماما....
إذا، ما الأمر؟
ما هو الهدف فعلا، من هذه "الاستعانة بصديق"؟
1- اولا، يهدف إلى نقل الضغط إلى مكان آخر... خاصة مع إثارة مسألة وزارة المالية... حيث لا يعود باسيل وتياره، وحدهما تحت النار...
2- يريد قبض ثمن اي حلحلة من حزب الله مباشرة، ليس بالضرورة اليوم؛
لكن حين يأتي الوقت...
هو يعرف جيدا، أن حظوظه الرئاسية باتت معدومة...
فرض عقوبات أميركية عليه لم يكفِ لاستجرار وعد من السيد نصرالله...
إذاََ، يجب اختلاق أمر آخر وأكثر، إذا استدعى الامر، من أجل إزاحة سليمان فرنجية الذي يبدو اقرب الى موقع مرشح التسوية منه مرشحا عن 8 آذار....
فرنجية يحظى بدعم بري والحريري وجنبلاط وسوريا، وأهم شيء حزب الله، وله خطوط مفتوحة على السعودية وأميركا وفرنسا..
المسألة ليست في الخضوع أو عدم الخضوع لخطط نابليون الرابع باسيل، المسألة تنحصر في إذا ما كان الحزب سوف يتخطى ولو مرة واحدة، دور المصلح الإجتماعي التي تثير غضب أنصاره تماما كما تثير اشمئزاز من ينتظرون منه بعض الديناميكية في التعامل بدل التعفن في مواقف انتظار قضاء باهت فاسد حينا، أو قيام "الدولة" بواجباتها في زمن انتفاء وجود مقومات أو حتى علامات وجود دولة على قيد الحياة حينا آخرا (لعل المدرب غسان سركيس هو خير معبر عن هذه الفئة)...
هل يكون ما يجري الآن، فرصة تاريخية لقيامة لبنان من جديد،
أم يهدر حزب الله وحركة أمل هذه الفرصة التي جاءتهم على طبق من فضة من قبل تيار المستقبل، والتيار العوني...
يقوم الثنائي الشيعي الذي حصل على شبه توكيل، بتأليف حكومة تحترم المناصفة شكلا، وتقوم بتسمية 24 وزيرا، من خارج الطاقم السياسي كله، تكون مهمتها قيادة مرحلة انتقالية... حتى نهاية عهد ميشال عون، تكون هذه المهمة محصورة... في مجابهة الأزمة الإقتصادية، عبر إجبار المصارف وكل الذين هربوا الأموال إلى الخارج لإعادتها فورا مع احترام السرية المصرفية للمحافظة على أسماء هؤلاء خارج الفضيحة...( في لبنان اسماء كثيرة تحظى باحترام الشارع اللبناني بكافة شعوبه المتناحرة)..
وفي حال رفض أي جهة كانت القيام بهذا، ترفع عنها السرية المصرفية وتخضع فورا للتحقيق الجنائي...
يلي ذلك، وضع جدول لإعادة توزيع الخسائر يستثنى منها كل صغار المودعين والطبقات الشعبية التي تحمّلت وحدها حتى اليوم، خسائر بعدة مليارات من الدولارات، سواء عبر منصة دولار ال3900، أو عبر انهيار الليرة الذي تسبب بخسارة هذه الطبقات الشعبية أكثر من 90% من مدخراتها، ورواتبها...
ما أهمية أن يكون وزير المالية شيعيا إذا كان سوف يكون كما علي حسن خليل، أو غازي وزني..
المطلوب من حزب الله وحركة أمل، فرض الدكتور الياس سابا مثلا... وزيرا للمالية..
المفروض بوزير الاقتصاد أن يقوم بتقديم مشروع قانون إلغاء كل القوانين التي تحمي الاحتكار، عبر حماية الوكالات الحصرية...
وتكون مهمة وزير الصحة العمل مع وزارتي الصناعة والاقتصاد لخلق صناعة دوائية والتركيز على استيراد ما لا يمكن صناعته محليا والاعتماد على الأدوية المرخصة في أوروبا خارج الBrand...(الجينيريك)...
تكون مهمة سعد الحريري مع ميشال عون رئاسة الحكومة وتنسيق أعمالها دون أي تدخل آخر...
إذا كان الحزب والحركة يعتقدان أن هذا الطلب صعب... فهذا أقل ما يمكن أن يُطلب... رغم أن الحلم يبقى دوما إقامة دولة قوية عادلة لا يمكن في حالة لبنان أن تكون سوى دولة مدنية بكل ما في الكلمة من معنى...
على الاقل، اقطعوا الحبال ليتوقف رقص المهرجين ...