كتب الكاتب حليم خاتون: الرومانسية الثورية، الطفولية اليسارية... عجز أم مغامرة
عين علی العدو
كتب الكاتب حليم خاتون: الرومانسية الثورية، الطفولية اليسارية... عجز أم مغامرة
حليم خاتون
9 تموز 2021 , 18:17 م
كتب الأستاذ حليم خاتون الرومانسية الثورية، مثلها مثل أي رومانسية، تسعى لعيش الأحلام مهما تجاوزت هذه الأحلام الواقع...  قد تُتهم هذه الرومانسية بالمغامرة من البعض، أو الطفولية من البعض الآخر...

كتب الأستاذ حليم خاتون

الرومانسية الثورية، مثلها مثل أي رومانسية، تسعى لعيش الأحلام مهما تجاوزت هذه الأحلام الواقع... 

قد تُتهم هذه الرومانسية بالمغامرة من البعض، أو الطفولية من البعض الآخر...

عندما اطلق لينين على بعض المناضلين صفة الطفولية اليسارية، قصد أولئك الذين يطالبون قيادة الحزب بخطوات أكثر جذرية مما تقوم به في واقع الحال....

في نظر لينين والقيادة يومها، كانت هذه المطالب نوع من المزايدة على القيادة، التي وحدها تملك المعطيات التي بموجبها يمكن الحكم على الوضع والتعامل معه...

هل كان لينين على حق؟

سؤال كان من الصعب طرحه طيلة عقود في الحركات الثورية، لأن الثورة البلشفية انتصرت، والمنتصر، هو من يكتب التاريخ..

كان على الحركات الثورية انتظار حوالي أربعة عقود من الزمن حتى يظهر أن لينين لم يكن دوما على حق....

أن يقوم بضعة عشرات من المناضلين الأمميين بتدريبات سرية رغم مراقبة البوليس والمخابرات لهم في المكسيك، ثم يتسللون على متن سفينة صغيرة شبه مهترئة، مع بضعة بنادق خفيفة ومتوسطة إلى كوبا، ويتمكنوا بعد فترة وجيزة من الإنتصار وأخذ السلطة في جزيرة كانت تعتبر يومها، ملهى ليليا للأميركيين وجنة ضريبية لشركاتهم... 
هذا من وجهة نظر الأحزاب اللينينية مغامرة وطفولية يسارية... قام بها مغامر اسمه فيديل كاسترو مع بضعة حالمين من الماركسيين أمثال تشي غيفارا...

ولكي لا تكون كوبا البعيدة عن عالمنا العربي جغرافياََ هي المثل،
تكرر المشهد مرة أخرى في لبنان بعد هزيمة منظمة التحرير الفلسطينية والحركة الوطنية أمام الإجتياح الصهيوني المتحالف مع اليمين الرجعي اللبناني سنة ٨٢...

يومها، سادت حالة من الانهزامية وفقدان الأمل بإمكانية الإفلات مما واجهته فلسطين مع الاحتلال والاستيطان..

هرب الكثير من "المناضلين"، واستسلم الكثير من الآخرين  لهذا الواقع الجديد... 

بدأت أفواج ضعاف النفوس بالتعامل مع الغزاة وحلفائهم على أساس أن لعنة الأقدار حلّت؛ فيما تمادى آخرون ليصبحوا عملاء فعلا للصهاينة..

مرة أخرى، بضعة عشرات من المناضلين المؤمنين بدأوا مقاومة إسلامية في ظروف مأساوية من فقدان السلاح وفقدان الدعامة الشعبية... في ظل احتلال صهيوني مدعوم بجيوش أطلسية منتشرة في بيروت، وسلطة لبنانية متعاملة ومليشيات عميلة... كل هذا تحت
 شعار المرحلة الإنهزامية تلك...

 شعار يقول، إن العين لا تقاوم المخرز...

لم تمض سنة حتى كانت جيوش حلف الاطلسي تولي الأدبار... والصهاينة يرجون المقاومين عدم إطلاق النار عليهم أثناء انسحابهم...

ولكي تتأكد نظرية، الدم أقوى من السيف، قامت هذه المقاومة الإسلامية ليس فقط بطرد المحتل تحت النار من معظم الأرض الجنوبية المحتلة، بل قامت بعملية جريئة في أخذ أسرى من أجل تحرير أسراها من السجون...

يومها وقف العالم كله، خاضعا لغطرسة اميركا، بما في ذلك الصين وروسيا وكل الأنظمة العربية باستثناء سوريا... وقفوا يضغطون على المقاومة للاستسلام والتراجع... وصل الأمر بسعود الفيصل الى وصف هذه المقاومة (بالمغامرين)، وسعى في قمة شرم الشيخ لتأديب هؤلاء...لبناء شرق أوسط جديد خاضع لاميركا والصهيونية العالمية...

هل كان هؤلاء مغامرين فعلا؟
هل كانوا رومانسيين ثوريين أكثر من اللزوم؟
أم كانوا من الطفيلية اليسارية؟

ألم يخرق هؤلاء كل حواجز العجز العربي ويكسروا كل المحظورات؟

حتى السيد حسن قال يومها أنه لو كان يعرف مدى قوة الرد الصهيوني، لربما غيرت المقاومة من خطتها... 

لكن الله اراد...
فانتصر حزب الله، وحل زمن الانتصارات وولى زمن الهزائم...

ألا يجدر بنا شكر الله، وشكر الله واجب دوما، أن قيادة حزب الله لم تكن تعرف مدى قوة الرد الصهيوني...؟

لقد انتهت "مغامرة" تموز ٢٠٠٦، بفاتحة زمن الانتصارات...

وما جرى في لبنان، جرى في فلسطين...
بدأ نفيا للمناضلين في مرج الزهور وانتهى سيفا للقدس...

أمس غضب بعض جمهور المقاومة لانتقاد موقف حزب الله مما يجري في لبنان، ووصم هذا الموقف بالعجز...

ولكي لا يكون هذا الوصف مجرد كلمة قالها كاتب ما أو كتّاب ما، نعود إلى حديث الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله، في مقابلة على شاشة الميادين مساء أمس في ٨/٨/٢١.

يقول الشيخ نعيم أن الحزب غير قادر على أخذ دور الدولة، وهو اصلا غير راغب في ذلك...

كلمتي غير قادر في اللغة العربية، مرادفة لفعل العجز...
بمعنى آخر إن وصم الحزب بالعجز يأتي هذه المرة على لسان نائب الأمين العام لحزب الله نفسه...

من حق الشيخ أن يصف الحزب بالعجز... فهو الأدرى بإمكانيات الحزب وقدراته...

لكن هل من حقه أن يقول إنه لا يريد أخذ مكان الدولة( وهو يقصد السلطة طبعا)؟

اولا، فلنعترف أن الحزب أخذ مكان هذه السلطة وكل السلطات يوم قرر تحرير الأرض لأن السلطة القائمة كانت عاجزة عن فعل التحرير... وهي لا زالت وسوف تظل إلى أمد غير معروف عاجزة عن الدفاع عن هذه الأرض ومن عليها...

إذا، حين تعجز السلطة يعتبر الحزب نفسه مجبرا على القيام بالواجب...

أليس هذا ما قاله السيد نصرالله حين تحدث عن استقدام البنزين والمازوت من إيران...؟
أليس في هذا أخذ لمكان السلطة بكل فروعها...

نعود إلى مسألة واجبات الحزب وواجبات السلطة...

طالما ان الحزب سمح لنفسه، وطالما أن الناس طالبته بالتحرير بسبب عجز أهل السلطة عن هذا الفعل...
ألا يحق للناس مطالبة الحزب بإكمال الواجب وأخذ مكان هذه السلطة في كل ما تعجز عن القيام به....

فقط الأعمى لا يرى أن هذه السلطة، والسلطة السابقة، والسلطة التي سبقت، والتي سبقت التي سبقت، ليسوا فقط عاجزون، بل متآمرون ومتخاذلون وقد نهبوا البلد وجوعوا شعبه...

هل هناك من يمكن أن يدافع عن كل هذه السلطات بما في ذلك هذه السلطات نفسها؟

حتى جماعة جنبلاط والمستقبل، يخرجون كل يوم ليحاضروا بين الناس بالعفّة... ويتحدثوغ عن السرقات والفساد والنهب...


لقد وصل الأمر بميشال عون وسعد الحريري إلى تناسي حقوق الطوائف في التأليف الحكومي، وسلموا أمورهم إلى سفيرتي أميركا وفرنسا... سبحان الله...
كيف نسي هؤلاء دستور الطائف الغبي بغبائهم...

هل هناك من ضرورة أكثر من ذلك لأخذ السلطة، أم يجب علينا انتظار أن تتنازل أميركا وفرنسا بشيء ما لروسيا والصين ، فنستيقظ في اليوم التالي لنرى قوات انتداب أو قوات دولية تحت الفصل السابع لاحتلال بلادنا وإجهاض تحرر هذا الشرق...

لقد فعلوها مع احمد عرابي ومع محمد علي ومع جمال عبد الناصر؛ هل ننتظر أن يفعلوها مع حزب الله...

الحزب لا يتعب من الترداد ليل نهار أن  ما يحصل في لبنان هو مؤامرة أميركية غربية وهو يعترف ان العنصر الداخلي موجود أيضاً...

إذا، ماذا ينتظر الحزب؟
أن تطبق المؤامرة على أعناقنا؟

أمس غضب أحدهم لوصم الحزب بالعجز وقال إن هذا يخدم الأجندة الأميركية الإسرائيلية...

نشكر الله اني لست معروفا كما الاستاذ محمد عبيد والا كان احترق البيت...

ليست المرة الأولى التي يتهم فيها العاجزون عن الفعل، وطنيين بشتى النعوت... 

صحيح أننا لا نعيش في المدينة الفاضلة... لكن على قيادة حزب الله التنبه لهؤلاء الجهلة الذين يتبعون القيادة "على العمياني"...

هؤلاء وبال على كل حركات التحرر والثورات...

أمثال هؤلاء قوضوا انجازات جمال عبد الناصر وتسببوا بهزيمة حزيران ٦٧...

أمثال هؤلاء، هم أول الانتهازيين الذين ما أن  يصلوا إلى السلطة أو شيء منها حتى يصبحوا جبابرة صعاليك كما كان يزيد...

أمثال هؤلاء، يستطيعون تحويل السلطات الوطنية الى شبيه لسلطة رام الله... يغتالون كل راي حر باسم الوطنية فيسقط نزار بنات آخر وآخر وآخر...

حزب الله عاجز لأنه يسمح لهكذا قمعيين صعاليك بالتواجد داخله وإدعاء الدفاع عن الحزب فيما هم في الحقيقة يدافعون عن مواقع انتهازية مستفيدة من وجود شكلي لحزب الله في السلطة.

أما الوجود الشكلي للحزب في السلطة، فهو وبال على هذا الحزب لأنه يلبسه ثوب الفساد الذي ارتكب ويُرتكب كل يوم تحت أنفه....
فإلى متى العجز؟
أما استلام السلطة فهو واجب كل شريف يريد.انقاذ البلد...
المسألة تُختصر فقط في التحالفات والحلفاء...
                 

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري