كتب الكاتب حليم خاتون:
في مثل هذا اليوم برعت المقاومة الإسلامية في عمل ما تتقن عمله فعلا...
عملية سريعة، تخطيط محكم، تم أخذ الأسرى وخرج السيد نصرالله مساءََ، يعلن أن الأسيرين لن يعودا إلى الديار إلا بمفاوضات غير مباشرة وتبادل أسرى...
كنت في الاردن في تلك الأيام...
سألني ضابط الامن في المطار عن الوضع في لبنان...
اجبته، لقد انتصرنا منذ اليوم الأول للحرب...
فوجئ بجوابي... أكملت قائلا...
لقد أعلن أولمرت أن هدف الحرب هو القضاء على حزب الله...
لقد وضع هذا المغفل هدفا مستحيل التحقيق...
لذا، لو مهما كانت النتيجة، سوف نكون المنتصرين، لأنه لن يستطيع القضاء على المقاومة...
إسرائيل واميركا والعالم هددوا بعظائم الأمور...
لكن المقاومة كانت قد قررت... إذا لم يكن من بد، فلتكن الحرب..
كثيرون ظنوا أن لبنان انتهى...
التقيت بالصدفة بصديق صحفي... فأخبرني أنه خلص...
لبنان راح...
جرت المعارك... بشراسة لم يشهد مثلها قبلا الصهاينة...
المفاجآت كانت تتوالى... إلى درجة أن الأميركيين كانوا يرجون الصهاينة الصمود في الهجوم لحفظ ماء الوجه...
استمات الاميركيون حتى يستطيعوا مع أصدقائهم من العملاء اللبنانيين الوصول إلى صيغة تحفظ لهم وللصهاينة ماء الوجه...
للأسف، اضطرت المقاومة للقبول بالقرار ١٧٠١...
لم يكن شعب لبنان مهيئا لفتنة الصراع...
رغم أن إكمال الحرب كان سوف يؤدي الى انهيار الكيان بالتأكيد...
أنها نفس اللعنة التي جعلت المقاومة الفلسطينية توافق على وقف إطلاق النار في حرب سيف القدس...
هل تلام المقاومة، سواء هنا ام في غزة؟
ربما...
لقد فاجأهم النصر الكاسح فسكرت الرؤوس، وغاب عن البال أن لا حل مع هذا العدو إلا بالقتال حتى النهاية...
حتى اقتلاع هذه الجراثيم من على وجه كل شبر في أرض فلسطين...
نست المقاومة الإسلامية أن الأميركيين سوف يعاودون ولكن بأساليب أخرى...
تماما، كما غاب عن بال المقاومة في غزة هذا الأمر...
الأميركيون سوف يعاودون الحرب، لكن بطرق أخرى إذا لزم...
في النهاية غاية الحرب هي تكريس الاحتلال والاستيطان، وهذا يحصل كل يوم...
عند الحاجة سوف يعودون إلى الحرب...
هم الآن يقضمون الأرض قضمة قضمة... والأمور تسير حسب المخطط بالإجمال...
اليوم ١٢-٧-٢٠٢١، ستة عشر عاما مرت منذ ذلك الانتصار التاريخي الذي نتشبث به، لستر العورات التي حصلت ولا تزال تحصل كل يوم...
كأنها مسرحية غوار الطوشي تعيد نفسها...
كسبنا الحرب ضد العدو الصهيوني وخسرناها ضد جرذان الداخل...
"شركاء النصر" المزعومين، أكملوا ما كانوا قد بدأوا به...منذ أن سلمتهم مملكة الخير كل خيرات البلد...
أكلوا القمح، وتركوا البراز في كل مكان...
استيقظنا لنجد الانتصار وقد استحال إفلاسا... استيقظنا لنجد أن الجوع يدفع الناس إلى الكفر.. استيقظنا، لنجد أن كرامة الناس صارت ممسحة أرجل رجال المافيا الذين نهبوا البلد...
استيقظنا لنجد المقاومة مصرة على الجلوس مع هؤلاء الأنذال، وكأنهم (أشرف الناس)...
كل مساء وصباح، أشاهد على المنار صور الشهداء... أشاهد جرحى المقاومة وهم لا زالوا يعملون في الأرض التي حرروها وظنوا أنفسهم أحرارا، فإذا بالواقع يذكرهم ويذكرني، بأن حريتنا قد اغتصبها رياض سلامة وسعد الحريري وفؤاد السنيورة وميشال عون وجبران باسيل والإخوان الكبار... الكبار الذين اعمت الدولارات الخضراء أبصارهم، فانهمكوا يشاركون في السلب والنهب دون وعي....
كأننا ايام الرسول وقد ترك المقاتلون أماكنهم، ليتسنى لهم سلب غنائم الحرب...
حزب الله الذي اقسم أنه سوف يرفض رفع الTVA، لم يسمح برفعها فعلا، لكنه لم يفعل شيئا للتصدي لآثار زادت أضعاف أضعاف ما كانت سوف تفعله هذه الضريبة...
حزب الله الذي أقسم أن شعب لبنان لن يجوع، لم يستطع إنقاذ طفلة ماتت في شهرها العاشر، لأن البنزين مفقود، وكذلك البطاقة الصحية...
حزب الله اقسم قبل الانتخابات أنه سوف يحارب الفساد، فإذا به يرجو الفاسدين... يتوسل إليهم الرحمة بالناس...
نسي الحزب أن الناس لا تحتاج إلى من يتوسل ويطلب الرحمة لها...
الناس تريد من يضرب بيد من حديد كل من تسوًل له نفسه، مصادرة حقوق الناس بالعيش الكريم...
تموز عاد.... يا ليته ما عاد...
ليتنا بقينا في الدمار القديم... ليتنا بقينا ورؤوسنا مرفوعة شامخة... كما كانت في ذلك التموز، سنة ٢٠٠٦..
ليت الزمن توقف هناك يومها وما وصلنا الى يوم الإذلال هذا...
ما نفع أن نهزم عدونا، ثم نخسر أنفسنا...