كتب الأستاذ حليم خاتون:
في الكيان، حكومة أميركية، يقودها بينيت وليبيد، اخذت مكان نتنياهو...
لماذا قامت اميركا بكل ما تستطيع للإطاحة بنتنياهو؟
نسي نتنياهو أن إسرائيل هي مجرد وكيل... صحيح أن لها تأثير في اميركا، ولها أتباع في كل الإدارات... لكن حين يأتي وقت اللعب الجدي، يأخذ كل واحد مكانه...
المفاوضات الأميركية الإيرانية، سواء مع وجود الباقين على الطاولة أو في غيابهم، وصلت إلى نقاط صعبة جدا.
أنها لعبة البوكر... وصلت إلى النهاية دون أن يستطع الأميركي معرفة ما يوجد من أوراق في يد الإيراني...
مع أن الإيراني لا يلعب بالميسر، إلا أنه لعبها هذه المرة بذكاء منقطع النظير...
غباء ترامب من جهة، وعنجهية نتنياهو من جهة ثانية، جعلتهما يعتقدان أن ردة فعل الإيرانيين سوف تكون الرد على خطوة الإنسحاب الأميركي من الإتفاق، انسحاب مقابل، بنفس القوة ونفس الأسلوب، حفاظا على كرامة إيران وماء وجهها...
درس الأمريكيون ونتنياهو الشخصية الإيرانية جيدا وتعمدوا محاولة النيل من موقع إيران... ولكي يدفعوا الإيرانيين إلى ردات فعل غير مدروسة، عملوا على تكبيل أيدي الأوروبيين، وجعلوا إسرائيل توثق علاقاتها مع روسيا والصين في محاولة لمنع التنفس عن إيران...
الإيرانيون انسحبوا عمليا من معظم قيود الاتفاق، لكن دون أن يسحبوا توقيعهم...
خلال سنوات ترامب نفذ الإيرانيون كل دراساتهم ومشاريعهم الورقية، وطبقوها على الواقع...
ولكي يزيدوا من ارتباك الاميركي، قاموا بتعميته بالكامل عبر نزع كاميرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتوقف عن تسليم الأفلام المزروعة في منشآتها النووية...
باتت اميركا في حيرة من أمرها...
هل وصلت إيران فعلا إلى ما تقوله؟
هل باستطاعة إيران الوصول فعلا إلى ٩٠٪ من التخصيب؟
حتى الرد على اغتيال الشهيد سليماني، رغم الأهمية القصوى لما حدث، جاء مدروسا بعناية..
ردت إيران بقسوة، لكنها لم ترد بالقسوة المفروضة...
أفهمت الاميركي أن الحرب معها ليست نزهة، لكنها لم تعطي نتنياهو مراده...
نتنياهو يعرف انه أعجز من أن يشن حربا على إيران، لذلك يحاول توريط الاميركيين بها...
لوهلة نسي نتنياهو أن المفروض عليه الركض وراء الطريدة، هو الكلب، وليس سيد هذا الكلب...
جاء بايدن وطلب كل المعلومات عما تمتلكه إيران فعلا، ليكتشف أن الملفات أكثر غموضا مما كان يتوقع...
بايدن ليس رجل سلام...
هو بالتأكيد يتمنى التمكن من ضرب إيران... لكنه يخشى العواقب...
إنه يريد التأكد من أن يده هي العليا...
لكن كل المعطيات تؤكد له أنه إذا دخل في أي مغامرة، ومهما كان الدمار الذي سوف يلحقه بإيران، إلا أن النتيجة سوف تكون هبوط الولايات المتحدة من نادي السوبر الذي تحتكره لنفسها، إلى أندية الدرجة الأولى مع روسيا والصين...
إذا، ما العمل؟
هو في حيرة من أمره... ويله أن أبقى العقوبات أن تكمل إيران خطواتها باتجاه استكمال الدورة النووية...
وويله، إن رفع هذه العقوبات، وتبين أن الإيراني بلفه... هو لن يستطيع إعادتها بنفس السهولة...
حاولوا التخلص من بعض عناصر القوة عند إيران... عرضوا نصف حل في اليمن، جاءتهم الردود صفعات على كل الجبهات...
في العراق، قوتهم توازي قوة إيران بفضل تغلغلهم في القوى الأمنية العراقية، وطابورهم الخامس المتمثل بالتكفيريين والإنفصاليين من الأكراد... هم يحاولون النيل من الحشد الشعبي، لعلهم يتقدمون على الإيرانيين هناك...
في سوريا، يمسكون بالورقة الكردية بشكل شبه كامل، ويمسكون بالورقة التركية بنسبة كبيرة، رغم طيش أردوغان، ومحاولته اللعب خارج القوانين الأطلسية أحيانا... لكنه عاد في المدة الأخيرة إلى بيت الطاعة.
ذهاب أردوغان إلى أفغانستان مؤخرا هو أكبر دليل على إخلاص الكلاب لسيدها عند الحاجة...
في مقابل هاتين الركيزتين، يتمتع النظام السوري بتفوق، يظهر كل يوم أكثر وأكثر...
لذلك حركت اميركا الصهاينة في جنوب وجنوب شرق سوريا...
بالتأكيد، أن دخول العنصر الإسرائيلي بهذه القوة، سوف يقلل من قوة النظام الذي لم يستطع حتى اليوم فرض وجهة نظره على حليفه الروسي...
روسيا في سوريا، تحاول اللعب على بعض التناقضات داخل الجيش السوري، وتساهم بذلك، بإضعاف موقع النظام...
روسيا تتمنع عن تأمين الحماية الجوية للنظام...
لكن هذا لا يبرئ النظام من التردد وعدم الصدامية...
يخشى النظام من الأتراك والاكراد والأمريكيين في الشمال، أن هو فجر الوضع ضد إسرائيل...
هل هو على حق؟
بالتأكيد لا.
في حالته تلك، التصرف بعقلانية يُضعف النظام ويسمح لروسيا بممارسة انتهازيتها في عدم تفعيل الغطاء الجوي... كما وعدت منذ سنين...
في غزة، هناك توازن غير منطقي بين قوة في المقاومة تملك قوة تخريبية لا يستهان بها، وقوة تدميرية عند الصهاينة لا تستطيع تدمير أكثر مما دمرت...
لكن على المقاومة هناك العمل بكل جهد وانتظار اي انفجار على أي جبهة، للدخول فورا في القتال، وعدم الذهاب الى أي تسوية...
بين الفلسطينيين والصهاينة لا يوجد أية إمكانية لأي تسوية...
حتى الهدنة، يجب رفضها قبل تأمين الحد الأدنى من رفع الحصار عن القطاع وتأمين الحد الأدنى من الحماية للفلسطينيين تحت الإحتلال...
لكن خوف الأميركيين الأساسي يأتي من لبنان...
هم يملكون كل السلطات التي لا تملك سلطة دولة في هذا البلد...
بيدهم الجيش والأمن الداخلي والمخابرات معظم الأحزاب الرسمية...
لكن كل هؤلاء لا يساوون شيئا إذا قرر حزب الله أن الكيل قد طفح وتوقف عن مهادنة ازلام اميركا...
أميركا تعرف ماذا حصل في السابع من أيار...
حتى رجالها كانوا من بين الهاربين إلى قبرص بعد تنفيذ حزب الله عملية سريعة ونظيفة تركت كل خصوم الحزب عراة حتى من ورقة التوت...
أميركا تعرف جيدا أيضاً أن بقاء كل تلك الجواكر في الملعب، ناتج عن إحجام القاشوش من الذهاب الى الآخر...
هل ينتظر الحزب المفاوضات أيضاً؟
تردد الحزب يشي بهذا...
ماذا سوف يقول حزب الله حين يُطرح اسم نواف سلام...
اميركا سربت اسم نواف سلام لكي تأتي ربما، بميقاتي...
هل يكون ميقاتي رجل التسوية بين حزب الله والاميركيين... هل يرشح الحزب لصا آخرا، بعدما فشل سعد ألحريري...
أم أن الأميركيين يريدون كسر الجرة...
ما هي أهمية لبنان لأميركا؟
هنا السؤال...
هل تدخل اميركا في تفاوض غير مباشر مع الحزب عن طريق الفرنسيين مثلا؟
هي فاوضت طالبان وانسحبت لتقليل الخسائر في أفغانستان..
إذا ضمنت ستاتيكو ما في لبنان، سوف تكسب هدنة تحتاجها باستماتة إلى أن تنجلي المفاوضات مع إيران...
كما يبدو؛
الحزب ينتظر فعلا مفاوضات فيينا...؟
والذي ينتظر فيينا، سوف يدخل في تسويات مع اركان الفساد...
لا يستطيع حزب الله أن يكون ثوريا ضد الصهاينة، ومساوما مع اركان الفساد في لبنان...
يستمر شد الحبال بين محور المقاومة، ومحور الشر الأميركي...
وكل طرف ينتظر أن يصرخ الطرف الآخر اولا...
حزب الله يثق بجمهوره، أو على الاقل، بمعظم هذا الجمهور...
لكن كلما طالت القضية، ضَعُف موقع الحزب...
أما رياض سلامة والمصارف، فهم يعملون على إطالة فترة الإنهيار الحالية...
هذا يساعدهم على التخلص من الخسارة على حساب فقراء المودعين...
هل هناك تداخل بين حرب العقوبات والفساد، وبين حرب العسكر؟
بالتأكيد...
هل يلعبها حزب الله صح؟
بصراحة، طالما الحزب لا يرفع شعار الدولة المدنية القوية العادلة... طالما كل حلفائه من قعر ما خلقه الله...
هناك خوف فعلي أن لا تختلف نهاية حزب الله، عما حصل لأمل، ومنظمات المقاومة الفلسطينية التي انتهت كلها أحزابا سلطوية نفعية...