على الرغم من أن تتبع أصل كوفيد-19 يعد مسألة علمية جدية تتطلب تعاونا من علماء العالم، إلا أن الساسة الأمريكيين يروجون بلا ضمير لنظريات المؤامرة بهدف تشويه سمعة الصين وإعاقة الجهود العالمية لمكافحة الفيروس.
ولكن عندما يتعلق الأمر بالدعوة إلى فتح فورت ديتريك، المختبر البيولوجي العسكري الأمريكي سيئ السمعة، للسماح للخبراء الدوليين بالوصول إلى المعلومات ذات الصلة، يلتزم هؤلاء الساسة الصمت ويحاولون تجنب هذه المسألة.
في الشهر الماضي، صاغت مجموعة من مستخدمي الإنترنت الصينيين رسالة مفتوحة مشتركة لمطالبة منظمة الصحة العالمية بالتحقيق في مختبر فورت ديتريك. وحتى الآن، وقع على الرسالة أكثر من 750 ألف من مستخدمي الإنترنت الصينيين، ولا يزال عدد المشاركين في التوقيع في ازدياد.
كان مختبر فورت ديتريك، الواقع في ولاية ماريلاند الأمريكية، قد تم إغلاقه لفترة وجيزة في عام 2019 بعد عملية تفتيش قامت بها المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.
وادعى المختبر أن سبب إغلاقه كان "مشكلات البنية التحتية المستمرة المتعلقة بمعالجة مياه الصرف". بيد أن الكثيرين في العالم شككوا منذ ذلك الحين في التفسير الأمريكي.
وفي الرسالة المفتوحة الموجهة إلى منظمة الصحة العالمية، أشار المشاركون في التوقيع عليها إلى أن هناك حادث تسرب وقع في مختبر فورت ديتريك في خريف عام 2019 مباشرة قبل تفشي جائحة كوفيد-19.
وقالت الرسالة: "لكن المعلومات التفصيلية حجبتها الولايات المتحدة بحجة الأمن القومي".
وفي العديد من المناسبات، دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو لي جيان إلى إجراء تحقيق شامل في أصل تفشي كوفيد-19 في الولايات المتحدة، والأسباب والأطراف التي يجب مساءلتها عن الأداء الضعيف للولايات المتحدة في احتواء الجائحة، والمشكلات القائمة في فورت ديتريك وأكثر من 200 مختبر بيولوجي أمريكي في الخارج.
وقال تشاو إن "هذه الإجراءات التي استهلتها الجماهير ووسائل الإعلام أثارت في الواقع تلك الأسئلة التي تدور منذ فترة طويلة في أذهان الجميع، والتي أبقتها الولايات المتحدة في الظلام". وذكر تشاو "فيما يلي أسئلة يتعين على الولايات المتحدة الإجابة عليها: ما هي الصلة بين فورت ديتريك وتفشي الأمراض التنفسية غير المبررة بما في ذلك مرض إيفالي؟ لماذا لم توجه الولايات المتحدة الدعوة لمنظمة الصحة العالمية لإجراء تحقيق في فورت ديتريك؟ لماذا لا يمكن إجراء دراسة للأصول في الولايات المتحدة تماما كما هو الحال في الصين؟
يجب على الولايات المتحدة إظهار الشفافية وقول ما تعرفه عن جميع الأسئلة والاستجابة لمخاوف العالم الخارجي". في يناير من هذا العام، شكل خبراء دوليون من منظمة الصحة العالمية وخبراء صينيون فريقا مشتركا وأجروا بحوثا مشتركة استمرت 28 يوما في الصين.
وفي 30 مارس، أصدرت منظمة الصحة العالمية تقريرا مشتركا، خلص إلى استنتاجات واضحة وقدم توصيات قائمة على أساس علمي للمرحلة التالية من الدراسة العالمية للأصول. وخلص إلى أن التسرب المختبري أمر مستبعد تماما، وأوصى بإجراء مزيد من البحوث حول حالات الإصابة المبكرة على الصعيد العالمي وزيادة فهم دور سلاسل التبريد والأغذية المجمدة في انتقال الفيروس.
وبدلا من احترام ودعم استنتاجات وتوصيات التقرير، صعد الساسة الأمريكيون منذ ذلك الحين حملتهم ضد الصين. ولتبرير اتهاماتهم التي لا أساس لها ضد الصين، أشار البعض إلى أنه بما أنه لا توجد أدلة جوهرية تدعم الأصل الطبيعي لكوفيد-19، فإن ما يسمى بنظرية التسرب المختبري تستحق الدراسة.
يجب على هؤلاء الأشخاص أن يضعوا في اعتبارهم أن البحث عادة ما يكون عملية بطيئة وشاقة وأن التحقيق في أصول كوفيد-19 قد يستغرق سنوات. وفي الواقع، كما لوحظ من قبل حتى وسائل الإعلام الأمريكية، بما في ذلك مجلة ((ذا نيو ريببليك))، فقد أمضى العلماء حوالي 13 عاما في تحديد أصل وباء السارس، ولم يتم تحديد أصل الإيبولا بعد، على الرغم من أن المرض تسبب في أوبئة منذ سبعينيات القرن الماضي.
ومن خلال نشرهم لنظريات المؤامرة مع استمرار الجائحة في إلحاق أضرار جسيمة بالولايات المتحدة، يعرض هؤلاء الساسة الأمريكيون جهود الولايات المتحدة لمكافحة مرض فيروس كورونا الجديد للخطر.
ورغم أن الإدارة الأمريكية تسعى جاهدة لدفع هدفها المتمثل في تطعيم أكبر عدد ممكن من الأمريكيين، إلا أن مجلة ((نيويوركر)) حذرت مؤخرا قائلة إن البلاد "تخسر أمريكيين في حرب كان من الممكن أن تنتهي بالفعل".
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أنه "بعد ستة أشهر من توفر لقاحات كوفيد، لم يتم تطعيم أكثر من أربعين في المائة من البالغين الأمريكيين بشكل كامل"، ونقلت عن دراسات أجرتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة قولها إن "جميع الوفيات بكوفيد-19 تقريبا في الولايات المتحدة يمكن تجنبها الآن".
وكما أشارت صحيفة ((شيكاغو صن- تايمز))، فإن "مئات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم يتوسلون للحصول على المزيد من اللقاحات. ومع ذلك، يواصل ملايين الأمريكيين، رغم كل الأسباب وأفضل الأدلة العلمية، رفضهم للتطعيم".
وذكرت صحيفة ((بوسطن هيرالد)) مؤخرا أن حالات الاصابة بكوفيد-19 في الولايات المتحدة قفزت بنسبة 47.5 في المائة في الأسابيع الأخيرة، مضيفة أنه من بين المخاطر الكبيرة التي يتعرض لها الأمريكيون الآن هي "العاملون في مجال الرعاية الصحية غير المطعمين".
ومع قيام الساسة الأمريكيين بتأجيج نظريات المؤامرة وسط جائحة كوفيد-19 المستعرة، ليس من الصعب تخيل مقاومة الجمهور الأمريكي للعلم.
الخارجية الصينية: العالم لديه كل الأسباب للدعوة إلى التحقيق بشأن مختبر "فورت ديتريك"
هذا وفي وقت سابق ؛ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو لي جيان، إن المجتمع الدولي، من بينه الصين، لديه كل الأسباب لإثارة التساؤلات بشأن مختبر "فورت ديتريك"، ويدعو منظمة الصحة العالمية إلى إجراء تحقيق شامل بشأنه لصالح سلامة جميع شعوب العالم.
وفيما يتعلق بمسألة تتبع منشأ فيروس كورونا، قال تشاو إن بعض الأشخاص في الولايات المتحدة قد يشعرون بالفعل بالذنب، مضيفا أن الجانب الأمريكي يظل صامتا بشأن المخاوف الجادة التي أثارها المجتمع الدولي بشأن مختبر فورت ديتريك والمختبرات البيولوجية التي يتجاوز عددها 200 في الخارج.
وقال تشاو في مؤتمر صحفي "يجب أن يدرك الجانب الأمريكي أن المجتمع الدولي، من بينه الصين، لديه كل الأسباب لإثارة التساؤلات بشأن المختبر الذي يحفل بسجل سيء وسمعة سيئة بشأن الانتهاكات بداخله وتسرب الملوثات، وللمطالبة بالتوضيح والتفسير من الجانب الأمريكي والدعوة إلى إجراء تحقيق شامل في ذلك".
وأوضح أن هذا المطلب ليس فقط لتتبع منشأ الفيروس، ولكن أيضا لسلامة الشعوب في كل البلدان. "لن تنتهي الشكوك حتى يقدم الجانب الأمريكي تفسيرا معقولا".
وقد أدلى تشاو بتعليقات على تقرير إعلامي مفاده أن علماء من مختبرين في إيطاليا، من بينهما المعهد الوطني للسرطان في ميلانو، كتبا في بحث جديد نُشر في 19 يوليو، أن إعادة اختبار عدد صغير من عينات الدم مأخوذة قبل الجائحة أشار إلى وجود أجسام مضادة يتم رصدها بشكل طبيعي بعد الإصابة بالفيروس.
وقال تشاو إنه لبعض الوقت، أشارت المزيد من التقارير إلى تفشي المرض بشكل منفصل في أماكن متعددة في العالم في النصف الأخير من العام 2019، وأظهرت على الأقل خمس ولايات أمريكية وحدها إصابات سابقة بالمرض قبل الإبلاغ عن أول حالة مؤكدة رسميا.
وأشار إلى أن هذا يوضح مجددا أن تتبع منشأ الفيروس مسألة علمية معقدة تتطلب تعاونا عالميا من جانب العلماء بمنظور عالمي.
وأضاف أنه مع ذلك، لا يزال بعض الأشخاص في الولايات المتحدة يتجاهلون العلم والحقائق. إنهم مهووسون بالتلاعب السياسي، فهم يثيرون ما تسمى "نظرية التسرب من مختبر"، ويدعون إلى دراسة تتبع المنشأ بقيادة الاستخبارات، ويقمعون ويهددون الخبراء والباحثين الذين يتبنون صوتا موضوعيا وعقلانيا، في محاولة لإبعاد المسؤولية عن استجابتهم الفاشلة للجائحة من خلال تشويه سمعة البلدان الأخرى.
وقال إن "بعض الأفراد في الولايات المتحدة يضعون السياسة فوق العلم والمكاسب السياسية الأنانية فوق حياة الشعب وصحته، ما يفسر إلى حد كبير الاستجابة الضعيفة للمرض".
وكالات صينية



