كتب الأستاذ حليم خاتون:
فشل الحريري في التأليف، ليس سوى أحد عوارض توقف قلب هذا (الطائف) عن الخفقان...
تخبط كل القوى الحزبية الطائفية وفشلها في إيجاد صيغة للتوافق ليس بدوره سوى عارض آخر من عشرات العوارض عن إفلاس هذا الاتفاق السيء الذكر والنظام الذي انبثق منه...
فشل السعودية في الاستمرار بتقمص دور الشقيقة الكبرى الذي اغتصبته بعد انكفاء مصر وانزوائها بفضل جنون محمد انور السادات وصبيانيته السياسية وعقدته النفسية في الإحساس الدوني والتي ظهرت في لباسه العسكري الذي لا يشبهه فيه سوى معمر القذافي وماريشال الزائير، موبوتو سيسي سيكو... هذا ايضا، عارض من عوارض انتهاء نظام الطائف...
تقلّص دور الراعي الى حدً التبعية لأعداء الأمة، فتاه القطيع في البراري...
التيار العوني الطائفي المذهبي بامتياز، المعارض للطائف من الأساس، لا يريد إعلان وفاة هذا النظام، حتى لا يُتهم بالطائفية!، رغم أن هذا الاتهام صحيح مئة في المئة بعد تخلي التيار عن العلمانية والتمترس خلف شعارات مذهبية متعصبة...
القوات، لا تريد نعي الطائف حتى لا تضطر إلى الذهاب الى مؤتمر تأسيسي باتت ملامحه ظاهرة في الأفق...
هي تخشى أن يعود العدّاد الديموغرافي إلى الحساب، فيتقلص حجمها إلى النصف في أحسن الأحوال...
تيار المستقبل يعاند نعي الطائف لأنه أكثر المستفيدين من كل النواقص التي احتواها هذا النظام...
نواقص سمحت لإمبراطورية رفيق الحريري بمضاعفة ثروتها خلال بضعة سنوات أكثر من عشرة أضعاف...
نواقص سمحت لهذا التيار بوضع اليد على الخزينة العامة واستعمالها في استقطاب أحزاب وتيارات سياسية وشرائح واسعة من اللبنانيين في علاقات زبائنية جعلت من كل هؤلاء شركاء في الفساد والسرقة والنهب الفاحش لكل مقدرات الدولة...
نواقص سمحت للطبقة الحاكمة بتبديد ٢٧٥ مليار دولار في ثلاثة عقود انتهت بالإفلاس الكامل والانهيار الاقتصادي وفقدان الكثير من اللبنانيين لكل مجموعة القيم الوطنية، بحيث بات أكثر من ثلثي اللبنانيين تابعين إلى دول خارجية حتى لو كانت عدوة وجوديا للبنان...
حتى سمير جعجع يكاد يسجد خمس مرات في اليوم لمحمد بن سلمان... وينافس نادي رؤساء السنية السياسية في المواظبة على الصلوات الخمس والتسبيح باسم أشباه ملوك، رفع من شأنهم التحلل الأخلاقي والقومي...
الحزب "الاشتراكي" الجنبلاطي، الشريك (المضارب) والمستفيد الاول من نظام الطائف الطائفي، ومن الفساد الذي ساد طيلة ثلاثة عقود لا يريد إنهاء الطائف قبل ضمان حصته في أي تركيبة طائفية جديدة...
حركة أمل بالتأكيد لن تنعي
الطائف...
صحيح أن أي مؤتمر تأسيسي لا يمكن أن يلحق بها الأذى، حتى لو ذهبنا إلى الدولة المدنية... لأن وزنها الديموغرافي من جهة، وثقافة القطيع المنتشرة في لبنان سوف يؤمن لها نوعا من الاستمرارية... ولن ينقص وزنها بالتأكيد...
ثم أن تشابك المصالح بين هذه الحركة وتيار المستقبل ووليد جنبلاط، أكثر متانة من صخور جبال لبنان...
حزب الله، هو أكثر العارفين أن الطائف مات، وشبع موتا...
ليس قلب الطائف فقط ما توقف عن الخفقان...
حتى دماغ الطائف، على تفاهته، أصابته جلطة، فجّرت كل الشرايين الخارجية والداخلية التي كانت تغذيه...
حزب الله بالتأكيد، وألف في المئة، لن يعترف بموت هذا النظام لأكثر من سبب:
١- إن نعي اتفاق طائفي مذهبي متخلف هو مكروه إذا لم يتم استبداله بشيء آخر... منعا للفراغ!!!
٢- يخشى الحزب من اتهامه بأنه يريد القضاء على النظام الذي سمح للسنيّة السياسية بترؤس عصابة الطبقة الحاكمة التي نهبت البلد، وما قد يجره هذا من فتنة سنية شيعية... إنه قميص عثمان الجديد الذي يبرع الفاسدون الجدد في حمله كما برع أسلافهم من الفاسدين القدامى...
٣- إن إعلان الحزب لموت الطائف سوف يفرض عليه اتخاذ خيارات لا يريد اتخاذها... خاصة إذا طرحت الدولة المدنية التي قد تصل إلى علمنة الدولة بشكل كامل...
صحيح أن حزب الله هو من ورثة الإمام موسى الصدر أيضاً، والذي يعتبر من أهم دعاة الدولة المدنية... إلا أن الحزب لم يعلن يوما، موقفا صريحا من هذا...
٤- يخشى حزب الله، دون أي مبرر على الإطلاق، أن تخرج بعض الأصوات العميلة لطرح مسألة السلاح أو التزام الحزب بقضايا الأمة... حتى لو حدث هذا، وهذا يحصل كل يوم... فما هو وزن هؤلاء...من فؤاد السنيورة وأشرف ريفي إلى سمير جعجع وسامي الجميل وما بينهم من أتباع أشباه الرجال...
لا يبقى في الميدان إلا حدَيدان..
.
جزء من اليسار الذي لم يمت بعد... رغم دخول الNGOs عليهم وهيمنة السفارات على حراك ١٧ تشرين بفضل سياسة الاختباء في البيوت، ودفن الرؤوس في الرمال التي اتبعها حزب الله، رغم كونه القوة شبه الوحيدة في السلطة التي لم ترتكب فسادا، وإن كانت غضّت الطرف عنه... ورغم كونه القوة الوحيدة على الأرض التي تستطيع ليس فقط الحشد، بل الحشد النوعي أيضاً...
ولأن أحدا لا يريد الاعتراف بموت الطائف، سوف نظل ندور في حلقة مفرغة من التفتيش بين الخائبين أو الفاسدين الذين وحدهم سوف ينالون ثقة في مجلس نيابي تسود فيه نفس أحزاب وتيارات الفساد...
المضحك المبكي، أن حزب الله الذي لم يكن يسمي مرشحا أو يعطي ثقة لكل هذه الطبقة الفاسدة، بات هو من يعقد الخلوات، ويجري المباحثات لإيصال هذا الفاسد أو ذاك، هذا اللص أو ذاك إلى منصب رئاسة حكومة "إنقاذ!؟!؟"...
طبقة فاسدة عليها تطهير البلد من الفساد... هذا كل ما تفتقت عنه عبقرية الخائفين من الثورة، ثاو...ثاو