كتب الأستاذ حليم خاتون:
الأخت بثينة عليق تتكلم بلغة القلب والعاطفة... حين تتكلم عن المقاومة وبيئتها ومجتمعها.
كل ما قالته عن أسباب خراب لبنان، صحيح... لكنه جزء من الحقيقة، وليس الحقيقة كلها.
هي محقة، حين تتكلم عن الإحتكارات، والطائفية والمحاصصة، والمصارف...و...
إذا أردنا الخير لأمتنا، إذا أردنا السمو بمجتمعاتنا، علينا البحث بجدِِ اكبر، وعزيمة أكبر... عن الحقائق
بصراحة، نحن لسنا بخير.
مجتمعاتنا، ليست بخير.
أنها ثقافة الأنا، والأنانية. ثقافة الفردية، أو العائلية، أو العشائرية أو القبلية... التي قد تكون جيدة أحيانا في مقاومة المحتل، لكنها ليست كذلك، حين نتحدث عن بناء مجتمع، وبناء إنسان.
إنها ثقافة الغرب الأميركي، الذي تحكّم بروح الشرق، وسرق منه روحانيته
المقاومة، ومجتمع المقاومة، لم يولد في المريخ، ولم يأت من زُحل...
هذه المقاومة، وهذا المجتمع، هما وليدي هذه البيئة... ويحملان الكثير من درناتها
كثيرا، ما تراودني صورة التاجر الذي يجهش بالبكاء بحرقة على الحسين في عاشوراء، ثم يذهب إلى عمله لجمع المال وتكديسه، ناسياََ، أو متغافلاََ، أن هذا المال المكدّس في الخزائن، لن يكون إلا جمراََ،يحرق روحه ويسلب روحانيته، بعدما سلب إنسانيته.
بكل أسف. صحيح أن شعبنا أعطى الكثير من الإستشهاديين الذين وهبوا حياتهم من أجل القضية... لكن السؤال الذي يراودني هو:
هل وهبوا حياتهم، كما الحسين، أو غاندي، أو غيفارا... أو أصغر استشهادي من جنود هذه الدنيا المجهولين، أم كانت لحظة تجارة... مع الله
ما تحتاجه الأمة هو أن نحيا حياة الاستشهاديين، كما فعل هؤلاء، وكما فعل المهندس ومغنية وسليماني.
حتى لو متنا ميتة طبيعية، علينا أن نعيش حياة نضال، لا أن نعيش تجارا، ثم، وفي لحظة... نتاجر مع الله... نعطيه روحنا في سبيل جنة موجودة
لكي لا نكون داعشيين، أو أشباه تكفيريين، علينا أن نحيا من أجل الآخرين كما عاش المسيح.
وأن نموت من أجل القضية، كما عشنا من أجلها... كما فعل أيضاً وأيضاً السيد المسيح.
أنا لا أرفض التجارة مع الله، إذا كانت أسلوب حياة كاملة... أنا أرفضها حين تكون فقط وسيلة للتكفير، في لحظة...
مجتمع المقاومة عندنا، ليس منزّهاََ، بكل أسف؛ في زمن نحتاج نحن فيه، إلى مجتمع قدًيسين
لذلك، على الأخت بثينة، وعلى مثقفي هذه الأمة، مواجهة هذه الأمة بالحقائق المرّة، علّ أحرار هذه الأمة ينظفون أنفسهم من الأوساخ والدرن الذي أورثتهم إياه حياة الحاجات المادية اليومية، فنسوا حاجات الروح اليومية التي وحدها تسمو بالروح البشرية وتحررها من عالم الحاجات الحيوانية
علينا الاعتراف بأن مجتمعاتنا بحاجة فعلا إلى إعادة تثقيف. ليس على طريقة الخمير الحمر في كمبوديا طبعا... لكن على طريقة الآلاف من رجالات ونساء هذا العالم الذين عاشوا إنسانيتهم من أجل السمو بالإنسان من القعر المادي إلى الروح العالية في السماء...
لا يمكن أن نكون أناساً، إلا إذا كنا إنسانيين.