وقف إطلاق النار بين لعنة الثمانين وعودة المهدي
مقالات
وقف إطلاق النار بين لعنة الثمانين وعودة المهدي
حليم خاتون
23 تشرين الثاني 2024 , 10:47 ص

كتب الأستاذ حليم خاتون:


يقال إن مناحيم بيغين قضى آخر أيام حياته حزينا مكتئبا يستغفر آلهة الظلام لأن أرييل شارون تخطى الخطط وتجاوز خلدة أثناء اجتياح ال ٨٢...

تقول أساطير التوراة أن نهاية مملكة إسرائيل الثالثة يبدأ مع اجتياز جيوش المملكة بلدة خلدة جنوبي بيروت...

سنة ٨٢، في خلدة، واجهت مجموعة من الإسلاميين، معظمهم من رعيل عماد مغنية وفؤاد شكر؛ واجهت القوات الإسرائيلية وحققت أولى الضربات الموجعة بعد الهروب الكبير  لمعظم فصائل منظمة التحرير الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية، بإستثناء بضعة مواقع برز فيها أبطال جديرون، كان أشهرهم، أبطال قلعة الشقيف في جنوب لبنان...

هناك، من قلب مواجهات خلدة تأسس ما سوف يحمل لواء المقاومة الإسلامية في لبنان تحت إسم حزب الله...

بدأت مفاعيل لعنة الثمانين منذ أربعة عقود...

في المقلب الآخر، آمن مجموعة من رجال الله أن عودة المهدي لن تكون إذا لم يوجد لهذه العودة فرسانها...

فهم هؤلاء إن النزال الكبير لن يكون إلا في منطقتنا...

كان السيد موسى الصدر أول من وضع أسس هذا النزال حين قال كلمته الشهيرة:
"إسرائيل، شر مطلق!"

لم يمض وقت طويل، حتى أكمل امين عام حزب الله الشهيد السيد عباس الموسوي تلك الكلمة بإطلاق التعبير الشهير الثاني:
فلسطين هي كربلاء عصرنا...

منذ سنوات، اكتمل ربط عودة المهدي بفلسطين حين خرج الأمين العام الثالث لحزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله وأقسم على الملأ قائلا:

لو ترك العالم كله فلسطين، فإن شيعة علي ابن أبي طالب لن يتركوها...

يومها غضب بعض الشيوعيين  وبعض القوميين العرب من ناصريين وبعثيين وماركسيين ومعهم بعض القوميين السوريين لأن هذه معركة الأمة كلها وليست معركة الشيعة وحدهم...

ربما كانوا عل بعض الحق لأن شيعة أذربيجان لا يقلون نذالة عن سُنّة طاعة السلاطين والملوك والرؤساء العرب حين يتعلق الامر بفلسطين بينما تدفق عشرات الآلاف منهم، وربما مئات الآلاف، لتدمير الدولة السورية...

لكن السؤال يبقى؛
أين هم الناصريون والبعثيون والقوميون السوريون؟
أين هم الشيوعيون؟

لا نرى لهم اثرا، لا في الميدان، ولا خلف الخطوط يدافعون عن بيئة المقاومة ويمنعون طعن ظهرها من الخلف...

وما رميت إذ رميت، لكن الله رمى...

في فلسطين يتمادى الصهاينة في حرب إبادة إجرامية وحشية لم ير العالم لها مثيلا...

حرب الإبادة تلك وإن لم تحرك الاغلبية من الشعوب العربية الميتة، فإنها قد بدأت بزلزلة أسس الأساطير التوراتية الكاذبة حتى وصل الأمر بأحد ضيوف الصهيوني البريطاني بيرس مورغان أن يفند هذا الإجرام المنصوص عنه في التلمود والتوراة، والذي يدعو إلى الإبادة، نصا نصا، وكلمة كلمة...

لقد جعل الله على رأس الكيان رجالا من أمثال المهووس بجنون العظمة نتنياهو الذي لم يقبل، ولا يقبل، ولن يقبل بأقل من الأحلام الصهيونية الكبيرة رغم ان بايدن قال له أن العودة إلى فلسطين تكلفت حوالي مئتي عام؛ وان إقامة الكيان المصطنع على معظم أرض فلسطين استغرق حوالي سبعة عقود والوقت كفيل باستعمار كامل فلسطين التاريخية قبل الانتقال إلى لبنان وسوريا ومصر والعراق و(السعودية) وغيرها...
لكن نتنياهو، ومن خلفه بن غفير وسموتريتش وساعر وكاتس وغيرهم يريدون كل شيء اليوم قبل الغد...

لذلك لا يوافقون على أي وقف لاطلاق النار إلا بانتصار ساحق لن يكون طالما في الميدان رجال أحبوا  الله ورسوله، ولا بد أن يحبهم الله ورسوله...

الغريب هو أن الكثيرين ممن يؤمن بالغيبيات يسعى ويطنطن ليل نهار من اجل الهدنة ووقف النار، بحجة المآسي، وكأن هذه المآسي لن تكون أكثر وطأة في اي حرب قادمة...

هذه الحرب قادمة لا محالة حتى لو شك سمير جعجع ومحمد بن زايد ومحمد بن سلمان برؤوسهم الريش...

كيف يوفق هؤلاء الغيبيون بين إيمانهم بعودة المهدي وطلبهم وقف النار...

إذا كنا سوف نطلب وقف النار، لماذا الصلاة استعجالا لعودة المهدي!!!؟؟

نتنياهو لن يوقف النار إلا إذا هزم...
أميركا لن توقف إطلاق النار إلا إذا هزمت...

هل خسرنا كل تلك الدماء وكل العمران...
هل خسرنا السيد نصرالله وخسرنا كل القادة لكي نذهب إلى وقف لإطلاق النار لن يشكل اي فرق لأن اي حرب في المستقبل سوف تقود إلى تضحيات أكبر وخسائر أكثر...

هل سوف تغير إيران عقيدتها النووية؟
ثماني سنوات من العذابات والحصار والعقوبات لم تغير اثناءها إيران عقيدة ساذجة بتحريم النووي في عالم نووي بامتياز...

هل سوف نبادر إلى الهجوم كما كان يجب، أم نتلقى  الضربات على أمل احتوائها، فيستشهد كثير من القادة ونخسر آلاف الصواريخ بلا طائل...

هل نضمن أن أهلنا لن يقتل منهم الآلاف وينزح منهم الملايين؟

بالله قولوا، هل سوف يتغير الأمر أم نوافق على وقف لاطلاق النار، ثم نعلن نصرا سوف يكون منقوصا جدا بعد اغتيال القادة والضربات التي لم يتم الرد عليها بنفس الوزن...

صحيح ان ثمن استمرار الحرب كبير جدا...
لكن ثمن الحرب القادمة سوف يكون أعلى بكثير إلا إذا قررنا أن لا نتأخر وان نبادر نحن إلى الهجوم، وان لا نعبأ، لا بتدخل أميركا، ولا الغرب؛ بل نصلي أن يتدخلوا حتى يتلقوا ما يستحقون بسسب الجرائم التي ارتكبوها بحق شعوبنا...

نفاوض هوكشتاين الإسرائيلي...
نصدق هوكشتاين الإسرائيلي بعد كل المآسي التي جلبها من الأساس القبول به مفاوضا...

يخرج من يتحدث عن اسم جديد للحرب الدائرة ليتخذ من ذلك جملا ينسحب فيه من فلسطين...

صحيح ان بإمكان الشعب الفلسطيني القيام باكثر مما يفعل...

صحيح ان أغلبية فلسطينيي الضفة لا تتحرك على الأقل في اعلان العصيان المدني...

لكن ما تفعله غزة يجب أن يكون درسا للتاريخ في قتال الشعوب...

غزة المحاصرة من كل الجهات تجترح المعجزات، بينما لا يخفي حتى رفيق نصرالله القومي العربي الناصري طلبه بوقف الحرب وترك فلسطين لمصيرها...

هل إذا اعتدى مغتصب على فتاة ولم يبادر بعض اشقائها للدفاع عنها؛ هل يمكن اعتبار هذا حجة لباقي الأشقاء أن لا يفعلوا الواجب؟؟

المنطق يقول إننا أخطأنا في كثير من الأمور...
لكن هذا الخطأ اصلحه رجال الميدان...

هل نعالج الخطأ بالخطأ فنذهب الى وقف لاطلاق النار عندما يكون الأميركي والاسرائيلي مهزومين، وهم لن يذهبوا إلى وقف النار إلا في حالة الهزيمة فقط...

لقد آن الأوان لاتخاذ قرارات جريئة...
إن الإقتصاد العالمي تحت رحمتنا، فلنقم بما يجب...
ولتقم طهران بالتفجير النووي بدل حياكة سجادات سوف تحرقها الطائرات الاميركية في حال فقدان الغطاء النووي...
                           
المصدر: موقع إضاءات الإخباري