كتب الأستاذ حليم خاتون:
قبل اغتيال ياسر عرفات، ناقش أرييل شارون هذه المسألة مع الأميركيين...
في النهاية، يحتاج الكلب، مهما بلغت شراسته وحظوته لدى السيد؛ يحتاج دوما إلى إذن سيده قبل الانقضاض على أي كان مِن الموجودين تحت حماية هذا السيد...
عرفات، عاد بعد أوسلو إلى رام الله، بضمانات أميركية... لذا ذهب شارون يطلب الإذن من سيده الأمريكي للقضاء على عرفات...
جواب الأميركيين كان أنهم يريدون التخلص من عرفات بالتأكيد، وأن وجوده يعيق الإستمرار في مخططاتهم... لكنهم يفضلون موته بشكل طبيعي...
أما شارون، فقد كانت إجابته،
"لقد تأخر الله... ألا يمكن لإسرائيل تذكير الله بهذا الأمر، ومساعدته في هذه المهمة؟".
عندما يقول حزب الله ما يقوله عن التآمر الأميركي في لبنان، هذا يعني تلقائيا أن الصهاينة موجودين داخل صورة التآمر الأميركي...
لا يمكن الفصل ابدا بين السيد وكلبه، خاصة في حالة اميركا وإسرائيل...
يقول الإعلامي جان عزيز أن إنذاراََ وصل الى الرئيس عون قبل سنتين، بأن لبنان سوف يتعرض إلى حرب غير محدودة، وفي كل المجالات، وأن الهدف سوف يكون إعادة لبنان الى وضع ما قبل سنة ١٩٨٢...
وإلى من لا يعرف، فإن لبنان كان يعيش يومها في حروب أهلية متشابكة ومتداخلة، في غياب شبه تام لأي سلطة مركزية... في وضع "حارة كل مين إيدو إلو"...
كل الدلائل تشير إلى أن الأميركيين هم وراء كل ما يحصل اليوم في لبنان....
حزب الله لا يتوقف عن الجزم بهذا الأمر...
قناة المنار، لا تترك جملة تمر دون الإشارة إلى التآمر الأميركي... في تحقيقات المرفأ... في سياسات رياض سلامة... في الحصار... في خنق البلد...
كل الشعب اللبناني مقتنع بأن أميركا تدفع بالبلد إلى الهاوية...
إذاََ، الإنذار الذي وصل الى الرئيس عون، كان جديا، وهو يُنفّذ بالحرف... حرب اقتصادية،
حرب مالية، حصار كامل، عقوبات على سوريا وإيران تترجم نفسها مآسِِ في لبنان..
لم يبق سوى الحرب العسكرية الإسرائيلية التي تصلنا التهديدات بها كل يوم...
ناهيك عن التهديد بالتدخل الدولي لوضع لبنان تحت الوصاية الأميركية مع ما يرافقها من وصاية سعودية صهيونية وتسليم السلطة لما تبقى من جماعة ١٥٥٩، والمحكمة الدولية...
باستثناء حزب الله، كل الأحزاب والحركات لديها علاقات مع الأميركيين تتراوح ما بين تنفيذ كل ما يُطلب منها ولو كان هذا على فك رقبتها... وما بين الخوف من الأميركيين وعدم الجرأة على مخالفتهم...
نادي رؤساء الحكومات، المستقبل، القوات، معظم بقايا ١٤ آذار يمشون بكل شيء وأي شيء تطلبه اميركا، حتى لو أدى هذا إلى دمار البلد، وأوضح دليل على هذا، استقالة الرئيس الحريري من الرياض وما كانت تحمله من أهداف لتفجير الوضع الأمني والإقتصادي في لبنان....
العونيون خائفون؛ لكنهم مطيعون جدا... وإذا اقتضى الأمر، يمشون... والدليل استعدادهم لترشيح نواف سلام للتكليف بتشكيل حكومة لأجل التصدي لحزب الله...
حركة امل والمردة، مردوعان وقد تلقيا أكثر من رسالة غير مباشرة... لكن، في النهاية، عند الحاجة يمشيان كما تريد اميركا والدليل منع حكومة حسان دياب من تحقيق أي خطوة لا توافق عليها اميركا هذه... وعندما دقت الساعة، تمت إزاحة هذا الرجل الفاقد لأي دعم دون الاهتمام بالعواقب...
سامي الجميل وصبيان الNGOs، نسخة طبق الأصل عن المظاهرات التي أسقطت عادل عبد المهدي في العراق... هؤلاء، معظمهم في الخرج
الأميركي...
جنبلاط، رجل الوقفة على التل...
هو يتمنى لو كان زبّالا في نيويورك...
أساساً، هو أكثر من يتمنى الانتهاء من كل شيء تعنيه المقاومة...
لا زالت احلام رفيق الحريري "بالسلام الإسرائيلي" في الشرق الأوسط تراود جنبلاط...
حزب الله يقف أمام هذا المشهد، وعلى ما يبدو... يفهم جيدا ماذا يدور... لا يمكن أن تجري هكذا أمور دون أن يدري...
ينظر إليهم وهم يضعون الحبل حول رقبته... يتحدث مع الجميع مباشرة، ويعرف أن كلامه يصل إلى الأميركيين...
يحاول التظاهر بالهدوء، ويذكًر الجميع أن سقف الهيكل لن يقع عليه وحده، بل سوف يقع على رؤوس الكل...
أمام جمهوره، يبرر سكوته عن كل المعاصي برفضه الوقوع في الشرك الذي ينصبه له الاميركيون، الفتنة والحرب الأهلية...
إذا كان سكوته عن المعاصي غير مقبول... فإنه محق جدا في تحليله الذي يقول إن الهدف من كل ما يجري هو جر الحزب والمقاومة إلى حرب فتنة داخلية...
من الخارج يبدو وكأن الحزب يتواجد في مأزق صعب، حيث هو مضطر للتواجد مع الفاسدين في نفس الحكومات، وفي برلمان، أغلبيته الساحقة من الفاسدين، وفي نظام، راعِِ بامتياز للفساد...
بسبب كل هذا يخسر حزب الله كل يوم من رصيده الشعبي أكثر وأكثر...
صحيح أن لدى حزب الله جمهور يتبعه (على العمياني)، لكن الحزب لا يستطيع تجاهل ما يصيب لبنان عامة وبيئته بالتحديد من مصائب...
شيء واحد فقط قد يطمئن...
عداء حزب الله الذي لا يمكن أن يخف أو يضعف لإسرائيل واميركا...
بما ان الحزب يعرف، ويقول علنا، أنه يعرف بأن كل ما يحصل هو مؤامرة أميركية، فهذا يفترض بشكل تلقائي ان الحزب يتهيأ لليوم الذي سوف ينقض فيه على المتآمرين المحليين والإقليميين... وبضرية معلم، وكما فعل في السابع من آيار، سوف يوجه صفعة سوف تزيد محور المقاومة قوة وهيبة...
صحيح أن الفئات الساعية إلى التغيير في بنية النظام في لبنان كانت تأمل الكثير الكثير من حزب الله، وكانت ترى فيه عنصرا إيجابيا في هذه العملية، إلا أن عزاءها يبقى في معرفة أن لا اميركا ولا الصهاينة سوف يتراجعون عن استهدافه واستهداف كل الشرفاء في هذا البلد، مما سوف يجبر الحزب ويجبر المحور على الرد...
الشيء الجيد هو ارتباط المسألة الوطنية، مع مسألة الاستهداف الذي يجري لكل بلاد المحور اقتصاديا وماليا وأمنيا وزيادة هذا الارتباط كل يوم أكثر وأكثر..
وأن الفاعل في الأمرين هو نفسه عدو الأمة الذي لا يمكن عدم التصدي له...
لذلك، لن يجد حزب الله بداََ من المواجهة في النهاية... وما يبدو مأزقا اليوم سوف يتحول فرصة نجد فيها حزب الله يتصدى للفاسدين حتى لو لم يرد...