كتب م. زياد ابو الرجا:
أنصار المقاومة، حلفاء المقاومة، جمهور المقاومة،
مقاومة.. مقاومة.. مقاومة
المقاومة كمصطلح في العقل الجمعي الفلسطيني لم تتم بلورته وتحديد وسائله وأدواته ويفتقر إلى الربط المنطقي بين أشكاله وتوقيت تقدم وأولية هذا الشكل على الأشكال الأخرى في أدوات الصراع دون المساس بجدلية العلاقة بينها والتي تؤدي إلى خدمة وتحقيق الهدف الاستراتيجي العام.
1- حين نقول إن الضفة الغربية هي ضفة المقاومة فإن قولنا هذا صحيح ولا غبار عليه حين نقارب الموضوع باتساع النظر والاحتكام إلى العقل. في الوقت الذي كانت فيه الفصائل الفلسطينية تخوض صراعاً عسكرياً مع الكيان وعلى عدة جبهات كانت الضفة الغربية تحت الاحتلال طاردة لأجيال الشباب الذين يغادروا إما بحثا عن لقمة العيش أو طلباً للعلم في الجامعات والمعاهد. وشهدت تلك الفترة الانكماش الديموغرافي في المدن والبلدات والقرى الفلسطينية. بعد تولي السلطة إدارة الحكم الذاتي اندفعت الرساميل الفلسطينية إلى الضفة وكثرت المشاريع التطوعية وتقدمت دول الاتحاد الأوروبي لتنفيذ مشاريع كثيرة وخاصة في البنية التحتية، شهدت حقبة السلطة انتشاراً واسعاً في التعليم وتم بناء مئات المدارس وكثير من المعاهد والجامعات المرموقة مما أدى إلى عملية الترسيخ الديموغرافي لأجيال الشباب وعملت السلطة على استيعاب جميع مخرجات التعليم في وزاراتها ودوائرها المختلفة الذي عكس نفسه على اتساع العمران والبناء وأصبحت الضفة خالية من الأمية علاوة على ذلك تكفلت السلطة بتوظيف الذين لم ينالوا قسطاً من التعليم العالي ووفرت لهم دخلاً يوفر لهم العيش الكريم..
أليس هذا في المحصلة النهائية مقاومة للمشاريع الصهيونية الهادفة لإخلاء الأرض من سكانها الأصليين؟ أجيبوا أيها المزاودون.. إنها مقاومة وطنية بامتياز.
2- حين نقول إن هناك مقاومة في غزة فإننا على صواب المقاومة لا تعني أنها في حالة اشتباك يومي ومتواصل مع الكيان. هنا في غزة المقاومة قوة صد وردع أثبتت التجارب والحروب الصهيونية عليها استحالة اجتياحها برياً خوفاً وتحسباً من بطش المقاومة كما أثبتت معركة سيف القدس الأخيرة أن المقاومة وبالتنسيق مع حلفاءها بادرت بالهجوم على مدن وبلدات وقرى الكيان ومستوطناته بالصواريخ التي أطاحت بالقبة الحديدية وساقت ملايين المستوطنين إلى الملاجئ وكشفت عجز الكيان عن تحقيق أي انجاز ومع تثبيت وقف إطلاق النار والدعوة إلى إعادة الاعمار وصمت المدافع وهجيع الصواريخ تبقى غزة بقواها مجتمعة مقاومة.. أم أن للمشككين رأي آخر؟؟
3- حين نقول ان في لبنان حزب مقاومة وأكثر أطراف المقاومة عدداً وعدة بحيث يشكل قوة إقليمية فاعلة يحسب حسابها فإن صفته كمقاومة ليست وساماً منح له من طرف.. وإنما مقام رفيع عمده باللحم والدم وآلاف الشهداء والجرحى والذي أجبر المارينز ومن معهم على مغادرة لبنان وتابع مشواره في المقاومة للمحتل الصهيوني حتى أرغمه تحت النار أن يخرج من لبنان مدحوراً تاركاً عملاءه خلفه.
وعندما حاولت أمريكا أن تخلق شرقاً أوسطياً جديداً من خلال حرب تموز على حزب الله في عام 2006 شاهدنا تدمير البارجة ساعر ومجزرة الدبابات الميركافا في وادي الحجير وعلى شاشات التلفزة بثاً مباشراً كما شاهدنا بكاء وعويل جنود النخبة الصهيونية واشلائهم على ارض المعركة. أليس هذا مقاومة؟ إن الذين يأخذون على حزب الله أنه لم يطلق بعد ذلك طلقة على الكيان فإن تساؤلهم سيكون مشكوك فيه.. لإن التساؤل يجب أن يكوةن ما الذي منع الكيان منذ ذلك الوقت على اجتياح شبر من لبنان؟ حيث تكون الإجابة أن المقاومة في لبنان تملك قوة الردع والصد وحتى التقدم داخل الجليل بقول خبراء استراتيجياً... إن القدرة على منع العدو من ممارسة عدوانه هي انتصار كبير..
نعم إنها مقاومة في لبنان عز نظيرها ورصيد للأمة العربية لا ينضب.
4- عندما نقول أن هناك محور مقاومة ممتد من طهران إلى دمشق مروراً بالعراق فإننا لا نجافي الحقيقة حيث يشكل هذا المحور الظهير والسند لكل أطراف المقاومة على جميع الساحات لإن مقاومة هذا المحور تمتد اقليمياً حيث التغول الصهيوامريكي الذي يستهدف الإقليم برمته عبر وكلائه الإرهابيين والمطبعين.. إن الحرب الكونية على سوريا استهدفت الموقف السوري من قوى المقاومة وعدم تخليه عن الثوابت الوطنية والقومية.. أليس هذا مقاومة لمشاريع الهيمنة والتقسيم والتفتيت. إن الذين يعيبون على سوريا أنها لم تطلق طلقة واحدة على الجولان منذ العام 1974 فإن هذا مردود إلى نحرهم لإن خروج مصر من الصراع بعد كامب ديفيد جعل ميزان القوى لصالح العدو ومع ذلك ما هو موجود في الجولان فض اشتباك لا هدنة ولا اعتراف ولا تطبيع والأجدر بهؤلاء المشككين بالموقف السوري و من نفس الأرضية التي يطرحون تساؤلاتهم أن يقولوا لماذا لم يطلق الجيش العربي الأردني طلقة واحدة ضد العدو الصهيوني حيث الضفة الغربية حين تم احتلالها كانت جزءاً لا يتجزأ من المملكة الأردنية الهاشمية وفوق ذلك عقدت اتفاقية وادي عربة.. لماذا تغمض جيوش الـ NGO عيونها عن كل ما حولها وتفتحها على سوريا فقط؟
الجواب على ذلك أن هؤلاء يعيشون بين ظهرانينا ولكنهم مستعربون حيث يقومون بدور الطابور الخامس بالتشكيك بكل ما هو مقاومة وتشويه قوى المقاومة وتحميلها أوزار كل الخونة والمطبعين والداعين إلى الخلف والتخلف.. نحن نعرفهم من دموع التماسيح التي يذرفونها، ولكن كتاباتهم تفضحهم وتدل على أي ضفة يقفون.. أن كل من يتعرض للمقاومة وقوى المقاومة بالتشكيك فهو حتما في خدمة العدو...



