الصحافي والكاتب السياسي حسن سلامة
تعج مركز الامن العام منذ فترة طويلة بكل الفئات العمرية من اللبنانين طلبا لتقديم معاملات الحصول على جواز سفر ، فهناك عدد لابأس به من هوءلاء يستعجلون الحصول عليها في اسرع وقت تلبية لحاجتهم الملحة ولذلك يلجأون الى تقديم معاملاتهم في المركز الرئيسي مع زيادة بسيطة في الرسوم وهناك الجزء الاكبر الذي يتوجه الى مراكز الامن العام الموزعة في مناطق مختلفة من ضواحي بيروت وكل الاقضية الاخرى .
ولذلك يمكن تسجيل عدد من الملاحظات بعضها يتصل بطبيعة تقديم المعاملات واخر تتصل بكثافة اللبنانين الراغبين بالحصول على جواز سفر :
- في مسألة الاشكالات التي يكتشفها اي مواطن اراد تقديم معاملته ، يظهر ان الكثافة الموجودة يوميا في كثير من المراكز ، خاصة في بيروت وضواحيها والمدن الاخرى تعرض الراغبين بتقديم معاملاتهم الى الانتظار لفترات طويلة ، اولا للحصول على رقم يخولهم نهارا تقديم معاملتهم والثاني الانتظار ايضا لتقديم هذه المعاملة حتى يأتي دورهم ، وهنا يتبين ان المواطن لكي يحصل على رقم ( بون ) عليه الحضور الى المركز المعني بحلول الرابعة صباحا ، حتى انه قد لا ينال مايريد نظرا لكثافة المنتظرين لهذا الامر ،ما يعني الحاجة للذهاب احيانا لمرتين او اكثر حتى يستحصل على الرقم الذي يخوله تقديم اوراق معاملته عندما يأتي دوره ، وهذا الامر يثير غضب الناس مما وصلوا اليه من وضع لا يطاق في كل شيء ، حتى بتقديم معاملة للحصول على جواز سفر ، بل ان هناك من يشتكي من حال الاذلال الذي يجبرهم الانتظار لساعات طويلة حتى يتقدموا بمعاملتهم ، وهذا الواقع غير المألوف يفاقم المسوءولية المناطة بمراكز الامن العام والعناصر المولجة متابعة هذه القضايا وبالتالي من الملح والضروي ان تبحث القيادة المعنية في الامن العام عن اليات اكثر سلاسة تسهل من حاجة اامواطن لجواز سفر ، خاصة في المراكز التي تشهد كثافة بالراغبين بتقديم معاملاتهم ، حتى لا يرتد الغضب على ماتبقى من موءوسات للدولة لازال المواطن يشعر بالثقة حول دورها ، لكن هذا الواقع على مراكز الامن يتحمل المواطن من جهته مسوءولية اساسية عن اضطرار الامن العام بإجراءات قاسية تخفيفا من الكثافة الاستثنائية للحصول على جواز السفر ، حيث ان هناك اعدادا وازنة من نسبة الراغبين بتقديم معاملاتهم سببها ان هناك الكثير من اللبنانين يرغبون بتجهيز جواز السفر نتيجة قلقهم من الضابية التي تخيم على مستقبلهم وعلى الوضع اللاحق في البلاد استعدادا لاي طارىء قد يضطرهم للمغادرة في حال ذهبت الامور نحو الانفجار الاشمل ، وإما خوفا من رفع رسوم كلفة جواز السفر وفي الحالين توءكد مصادر رفيعة في الامن العام ان لا رفع للرسوم وان كل لبناني يرغب بالحصول على جواز سفر سيحصل عليه في اقرب وقت ، لكن على هوءلاء عدم التهافت دون وجود مبررات تستعجل حصولهم على جواز السفر وبالتالي يوءمل من هذه الفئة من الراغبين للحصول على جواز سفر لاسباب غير اضطرارية ترك المجال امام الفئات المضطرة فعلا للحصول على جواز السفر خصوصا خلال فصل الصيف ، حيث يعج لبنان بأبنائه من المغتربين .
- رغم كل هذه الاعداد الضخمة من اللبنانين التي تقدمت خلال فترة طويلة للحصول على جوازات سفر ، لم نسمع ونرى ان مسوءولا في الدولة اللبنانية وعلى كل المستويات إهتم او سأل نفسه او من يعنيهم الامر عن هذا السبب والى أين نأخذ بلدنا بإستقالة كل الموءوسسات المعنية بحياة اللبنانين ، من مجلس النواب ، الى الحكومة ، الى كل وزارة ، الى كل من له دور وباع في تقرير شوءون اللبنانين وشوءون بلدهم ، بل بالعكس فلا من يسأل ولا من يكلف نفسه دق ناقوس الخطر حول المستقبل المظلم الذي ينتظره لبنان ، طالما ان الجميع مستقيل من مسوءولياته ، فالمهم لدى كل هوءلاء تحقيق مصالحهم ومصالح ازلامهم والهروب من اي محاسبة تمكن من إستعادة المال اامنهوب وتوءسس لبناء دولة تعيد الثقة للبنانين بدولتهم ووطنهم .
والقضية الاخطر ، في هذه المسألة إفراغ لبنان وكل موءوسساته من الكفاءات على كل المستويات وفي كل الصعد التي تميز بها لبنان طوال اكثر من خمسين عاما ، فعلى سببل المثال فقط ، فالمستشفيات بمعظمها وبالاخص المستفيات الجامعية أفرغت من اكثر من نصف اطقمها الطبية من دكاترة واطباء وممرضين والهجرة مستمرة باعداد كبيرة تتجاوز كل ماكان يحصل في السابق ، بل ان كل التوقعات تتحدث عن إنتظار هجرات بكثافة في الفترة المقبلة ، خصوصا في حال تراجع نسب المصابين بكورونا في الاشهر الاتية .
واذا كان تفصيل هذا الواقع المخيف يفترض بحث معمق وإلقاء الضوء على كل الاسباب التي سرعت" وتسرع " بإفراغ لبنان من أبنائه وبخاصة الكفاءات والشباب ، من الواضح ان اهل السلطة والقرار في الدولة وكل القوى المقررة بواقعنا الحالي إستهوت لعبة تقطيع الوقت ، بالتوازي مع لعبة تسريع الانهيار على كل المستويات ، خاصة ماليا وحياتيا واقتصاديا ، فالاساس لدى كل هوءلاء البقاء على الكراسي وتعويم نظام النهب والمحاصصة ، حتى لو اصاب لبنان ما اصاب روما عندما احرقها نيرون .



