كتب الأستاذ حليم خاتون: ملل الانتظار، أم مقتل ثورة؟
عين علی العدو
كتب الأستاذ حليم خاتون: ملل الانتظار، أم مقتل ثورة؟
حليم خاتون
17 آب 2021 , 07:02 ص
كتب الأستاذ حليم خاتون:    بين الفياجرا وزهرة الخشخاش، تاريخ طويل من الصراع يظهر بأكثر الصور تجليا، بين ما يقوم به المحور المحسوب على اميركا في لبنان وفي المنطقة، من جهة، وبين ما يقوم به.... المحو

كتب الأستاذ حليم خاتون: 
 

بين الفياجرا وزهرة الخشخاش، تاريخ طويل من الصراع يظهر بأكثر الصور تجليا، بين ما يقوم به المحور المحسوب على اميركا في لبنان وفي المنطقة، من جهة، وبين ما يقوم به.... المحور المقابل من جهة أخرى...

المحور المهزوم والمضروب على رأسه، يتلقى الضربات ويُكيل بدوره ضربات على غير هدى في كل الاتجاهات، عن وعي وعن غير وعي، لأنه بالكاد يستطيع عدّ اللكمات التي تُوجّه  إليه...

المحور القوي المنتصر يتسلح بالصبر خوفا من زلة قد لا تكون في الحسبان أو انتظارا لانتصار سهل يأتي بلا سقوط قطرة دم واحدة... أو رأفة بمن لا تجوز الرأفة بهم أو عليهم...

عندما قرر هذا المحور أن تنتصر سوريا، انتصرت سوريا، وهي تكرس هذا الانتصار كل يوم أكثر، وإن ببطء غير محمود وغير مرغوب به ومن الضروري الإقلاع عنه حتى لو أدى ذلك لتفجير كامل الشرق الأوسط...

عندما قرر هذا المحور أن ينتصر اليمن، صار اليمن الضعيف الفقير قوة إقليمية، يمنعها هذا المحور نفسه عن تحقيق النصر النهائي وإسقاط حكم بني سعود وأبناء زايد... أيضا خوفا من امبريالية هي، في أحسن أحوالها، ليست أكثر من نمر من ورق، خيوطه أوهن من بيت العنكبوت...

الذي يشكك في هذا التحليل، عليه فقط متابعة إصرار الطالبان ليس فقط على أخذ السلطة كما أرادت لها اميركا أن تفعل، بل هناك إذلال لاميركا لا يشابهه سوى هروب الأميركيين من سايغون بعد انتصار الفيتكونغ في سبعينيات القرن الماضي...

عندما قرر قاسم سليماني أن  ينتصر العراق، انتصر العراق؛ وعندما قرر البرزاني تقسيم العراق وإنشاء قاعدة استعمارية ثانية في هذا الشرق، سقط البشمركة في اقل من ٧٢ ساعة...

ولكي لا نبعد كثيرا، عندما قررت المقاومة اللبنانية إنهاء مؤامرة جنبلاط /السنيورة/ فيلتمان، قامت وخلال أقل من ٢٤ ساعة، بإجبار فلول اللحديين والبشيريين وخبراء الثورات الملونة وأغبياء المستعربين على الهرب صوب قبرص على متن زوارق سريعة من مرفأ جونية...

بكل أسف، من يتابع مسار حزب الله منذ الدوحة وحتى اليوم، يصطدم بقوة اللاقرار، وقوة الخوف مما لا بد منه عند التعاطي بالموقف الداخلي اللبناني...

كثيرا ما تتردد على ألسنة رواد (التوك شو)، أن السلم الأهلي في لبنان موجود بضمانة أن القادر على إشعال الحرب الأهلية لا يريد إشعالها، وأن الذي يريد إشعالها غير قادر على هذا الاشعال...

صورة قد تبدو شاعرية في البدء، لكنها سرعان ما تكشف عن عورات لا عد لها ولا حصر في المحور القادر على النصر ولكن الذي لا يريد أن ينتصر...

اجل، ليس في هذا التعبير أي خطأ.... حزب الله لا يريد الانتصار على من يعتبرهم شركاء له في الوطن رغم أنهم ملعونون منذ بداية الكون وحتى الأزل...

حزب الله يراعي خواطر من لا كرامة عنده ولا شرف، من أكبر عميل سعودي أميركي اسرائيلي، حتى اصغر تافه على السوشيال ميديا...

ولولا الرهائن الإيرانيين الذين سلمتهم القوات اللبنانية للصهاينة سنة ٨٢، لكان حتى سمير جعجع أجرى اتصالات غير مرغوب بها مع المقاومة...

قد يعيب المرء على الأستاذ أسامة سعد في أخر لقاء معه على الجديد، أكثر من موقف قام مقدم البرنامج الاستاذ العريضي بدفع الاستاذ سعد إليه، عندما كان يحاول حشره لانتزاع كلمة هنا او كلمة هناك ضد حزب الله... إلا أن المرء لا يستطيع سوى مشاطرة أسامة سعد والتيارات اليسارية والقومية، هذا الكم الهائل من الإحباط الذي ولدته  سياسة حزب الله التي تمشي على البيض الأميركي في لبنان، وتحاول عدم كسره....

منذ الثمانينيات، والمقاومة الإسلامية تبني بينها وبين قوى التغيير في لبنان جدارا من الباطون لا مبرر له... بينما تسعى وبكل قوة، للتآخي والمزاوجة مع أكثر كتل الفساد في لبنان قربة إلى أميركا والغرب.... 

كان باستطاعة حزب الله احتضان كل هذه القوى اليسارية التي وجدت نفسها يتيمة بعد غزو ال٨٢،  والاستقواء بها على النظام الأمني الرجعي السوري السعودي الاميركي، بدل مهادنة عبدالحليم خدام وغازي كنعان مع كل ما كانا يمثلانه من فساد داخل سوريا نفسها، وفي كل بقعة من لبنان...

حتى تجربة شربل نحاس القصيرة في السلطة وإمكانية الاستفادة من مشاريعه المضادة للفساد، كانت مُرّة إلى درجة دفعت الرجل دفعا إلى الكفر بإمكانية وجود نوايا إصلاحية في حزب المقاومة هذا...

الفياجرا تنفخ في عضو ذابل يموت،.... شيئا من ماء الحياة، وهذا ما يفعله الأميركي وحلفاؤه داخل محور الشر عندهم... يخلقون من ضعفهم وذبولهم انتصابا لا معنى له...

بينما تقوم زهرة الخشخاش بتنويم كل اعضاء الجسم الشاب المليء بالحيوية، وتحيله إلى احلام لا تنتج سوى لذة في الخيال البعيد عن كل الواقع....

 هذا، بكل أسف ما تفعله قوى المقاومة الإسلامية بجسد المقاومة الفتي المليء حيوية، وقوة، واندفاعا....

في أمسيات عاشوراء، لا يجد المرء، وبكل أسف، سوى تلك اللهجه التبريرية سواء في كلمات السيد صفي الدين أو غيره..

دائما توجد تلك التبريرات التي تفتش عن مداهنة "للشركاء في الوطن"...

أما قول السيد حسن برفض الإسقاطات بين تجارب الشعوب والوضع اللبناني، فهذا فيه رفض لإسقاطات منطقية مئة في المئة... إسقاطات لا بد منها لتبرير قرارات ثورية لا بد من أخذها إذا لم نرد الذبول في العجز...

بكل أسف، هناك تبريرات غير مقبولة وغير منطقية وغير ثورية لقوة من المفروض أن تكون هي، قيادة مرحلة التغيير والعبور الى الدولة القوية العادلة...

كل اقوال الحزب هذه الأيام تحاول شرعنة وجود المقاومة إلى جانب قوى الفساد بحجج واهية عن حرب أهلية وكأن حربنا مع انطوان لحد أو مع أبي بكر البغدادي أو ابي محمد الجولاني أو زهران علوش لم تكن حروبا ذات جانب اهلي امبريالي في نفس الوقت...

الامبريالية سوف تضع في وجهنا دوما عملاء من شعبنا وبيئتنا، تُخفي خلفهم وجهها القبيح المستفز...

فٱذا كنا دوما سوف نتفادى الصدام مع هؤلاء لتفادي الحرب الأهلية.... لن نلبث أن نقع في الانهزامية ونفاجأ بهؤلاء يتمادون في غيهم وظلمهم ويقلبون الناس علينا حتى نصبح نحن سبب الفساد كما يحصل اليوم...

كيف يمكن هزيمة اميركا دون محاربة سمير جعجع أو سامي الجميل....

كيف يمكن هزيمة محمد بن سلمان دون ضرب فؤاد السنيورة  وشركائه....

بل كيف يمكن هزيمة المشروع الصهيوني دون مواجهة الصهاينة العرب واللبنانيين...

شئنا أم أبينا، لا توجد حدود واضحة بين المعارك المحلية والمعارك الإقليمية...

وفي الوقت الذي اكتشفت اميركا أن الستاتيكو لا ينفعها لأنها هي الخاسرة وسوف تزيد هذه الخسائر... ولأنها لا تعرف كيف ترد، فهي تحاول خلق الفوضى...

في هذا الوقت، تحاول هذه المقاومة الحفاظ على هذا الستاتيكو لأن اميركا تحاول هدمه...

صار الستاتيكو مطلبا للمقاومة بدل أن تكون هي أول من يسعى لهدمه وتكسير كل قواعده...

أمام المقاومة طريقان لا ثالث لهما:

إما طريق الثورة وتثوير المجتمع والرقي به إلى مرتبة الدولة القوية العادلة...

وإما طريق المحافظة على بنى اجتماعية وبنى تنظيمية ونظامية اكل الدهر عليها وشرب والانغماس في فساد الآخرين والتلوث بلوثته ودفع أثمان هذا التلوث...

حزب الله يخسر كل يوم من رصيده...
حتى متى يمكن لهكذا حال ان يستمر؟

لولا إسرائيل، ولولا أهمية العداء لهذا الكيان، لكانت الناس قد انقلبت ومنذ زمن على الحزب الذي يخطئ إذا اعتقد أن معه شيك على بياض إلى الأبد...

الناس طبقات ومصالح...
ومن يبيع ويشتري لا يمكن أن يحظى ابدا بحب الناس والفاسدين في آن معا...
                      

المصدر: موقع لإضاءات الإخباري