كتب الأستاذ حليم خاتون:
"المرأة التي تهز السرير بيمينها، تهز العالم بيسارها..."
من اعظم الأقوال على ما اعتقد.
"وراء كل عظيم، امرأة"...
نحن اليوم في شهر آب... لقد مر عيد المرأة، ومر أيضا عيد الأم...
لكنه مجرد تساؤل ورد في الخاطر...
هل يعمَرُ بيت فيه هذه المرأة الجميلة والآدمية، لكن، التي ليست ست بيت...؟
تجنبا للظلم، سألت أكثر من شخص... تذكرت أكثر من عائلة وأكثر من حادثة....
النتيجة كانت دوما مأساوية...
Catastrophe ....
في كل اللغات، وفي كل البلاد...
النتيجة واحدة.... خراب البيت لا يأتي فقط من المرأة السيئة، بل من المرأة السلبية أيضا...
هو إسقاط قد لا يعجب الكثيرين، لكنه إسقاط منطقي جدا...
عندنا في لبنان، وكما في كل البلاد والمجتمعات وُلد حزب في ظروف قهر طبقي، وقهر احتلال وهيمنات على كل الأصعدة...
لا يمكن القول أبدا أن هذا الحزب وُلد من لا شيء...
إنه تاريخ مليء بكل ما تعرفه أو عرفته الشعوب...
من مرارة الإذلال، ومرارة الدعوسة بين الأرجل، والخوف على مستقبل بدا أنه على وشك الاندثار... وُلدت مقاومة جنينية، اتخذت الاسلام لها عنوانا، والتحرر الوطني والقومي هدفا...
من قلب مجتمع هو مجموعة مجتمعات ليس معروف لها أصل ولا فصل...
قومية، على دينية، على مذهبية، على وطنية.... على ألف ضربة سخنة...
المهم، وُلدت مقاومة ورثت كل ما سبقها من خلطات تتراوح بين النقاء الثوري الفطري وانتهازية البشر بكل فئاتهم من أقصى اليمين المتخلف إلى أقصى اليسار الطفيلي...
رغم كل الصعوبات التي يفرضها واقع أننا منطقة بالغة الأهمية لكل القوى الكبرى، حيث اننا نشكل وسط هذا العالم جغرافياََ، ومهد الحضارات التوحيدية القديمة... نتكلم لغة واحدة، ونؤمن بإله واحد وإن برع الدجالون في إعطائه صبغات مختلفة الألوان...
بشكل من الأشكال، تُشكًل منطقتنا الجغرافية تهديدا لكل القوى الاستعمارية، ورافعة لكل القوى الصاعدة...
لذلك ليس من السهل تركنا نتحرر ونستعيد تاريخنا المسلوب منا...
لكن المأساة ليست فقط هنا...
المأساة، أن الإستعمار سلبنا القدرة على التدبير...
تماما كما المرأة الجميلة الآدمية التي ليست ست بيت...
كذلك المقاومة الجميلة الآدمية، لا تريد إدارة البلاد...
عبثا حاولنا... عبثا رَجَوْنا هذه المقاومة أن تتصرف كشخص بلغ سن الرشد وعليه مسؤولية بناء أوطان...
عبثا حاولنا إقناع المقاومة أنها الوحيدة الجديرة بإدارة البلد...
"لكن دق ألمي، بتضلها مي"...
تصر المقاومة أنها لا زالت مراهقة وتريد أن تعيش سنّها.. وفي هذه الأثناء... يموت الوطن..
تطلب المقاومة بكل ادب ممن يدير البلد أن يقلع عن شرب الخمر ولعب الميسر، واللهث وراء الملذات الدنيوية...
عندما تحاول راشيل كرم على الجديد دفع ضيفها لتسمية حزب الله كقوة أمر واقع لا يتصدى للتهريب في منطقة بعلبك الهرمل...
وعندما يقول السيد نصرالله أن هذا ليس من مهام الحزب الذي يريد التفرغ فقط للتحرير، ويطلب من "السلطة الفاسدة أن تتوقف عن الفساد وتقوم بدورها"، كاشفا في الوقت عينه أن معظم أهل السلطة هم من الفاسدين المحتكرين...
عندها نكون في مطبخ "الحيص بيص"...
راشيل كرم تسعى إلى التقرب من جماعة البترودولار عبر الدفع باتجاه النيل من حزب الله الذي بيده أن يفعل شيئا، لكنه لا يفعل أي شيء، بل تحاول الإيحاء دون دليل ان الحزب مرتكب لفعل التهريب وليس فقط فعل العجز...
ما فعلته راشيل كرم أمس، يفعله غيره كل يوم، وعلى اكثر من شاشة...
كل هذا وحزب الله مصرّ على العذرية الثورية...
المرأة الجميلة الآدمية، يخطف جمالها ألبابنا، وتخطف آدميتها قوة نقدنا لقلة تدبيرها...
هذا ما يفعله جمال المقاومة، وما تفعله نظافة كف قادتها...
تُخرسنا المقاومة حيث يجب الصراخ بأن كفى...
يخرج الجيش لكشف صغار الفاسدين والمحتكرين... رأسمال اكبرهم لا يزيد على مليون دولار أو أكثر بقليل...
لا يقترب أحد من كبار رجال شركات احتكار المحروقات والدواء والمال... الذين يشكلون فعلا الدولة العميقة في لبنان...
يخرج الاستاذ نجاح واكيم على المنار، كما خرج قبله الدكتور حسن مقلد وغيره...
يكشفون عن عروض استثمارات صينية أو روسية بعشرات مليارات الدولارات...
مصفاة الزهراني قادرة وحدها على تلبية حاجات لبنان من الوقود... ومصفاة طرابلس قادرة على تأمين مدخول صافي على الخزينة يزيد على أربع مليارات دولار ونصف المليار...
لو كان قيس سعيًد هو رئيس لبنان، بدلا عن ميشال عون، لما كنا أضعها أربع سنين في مماحكات كل هدفها محاصصة وتحاصص...
في تونس، يُؤخذ على الرئيس سعيًد، أنه اضاع سنتين من عهده قبل أن يضرب رجال السلطة الفاسدة...
لكن الرئيس قيس سعيًد فعلها على الأقل، في حين أن الرئيس ميشال عون لا زال يفتش عن مكسب هنا أو مكسب هناك...
وإلى جانب الرئيس العاجز، تقف مقاومة لا تقل عجزا...
ما يظهر في لبنان منذ بداية الانهيار، هو أن كل رجل أو امراة في هذه السلطة مذنب حتى تثبت براءته....
كل الرؤساء الحاليين والسابقين ناهيك عن المتوفين...
كل رؤساء الحكومات ورؤساء البرلمان والوزراء والنواب والمدراء العامين ورؤساء المجالس على اختلافها ورؤساء اللجان والمكاتب...
في لبنان، الكل مذنب حتى تثبت براءته بما في ذلك رؤساء ومدراء الصحف والشاشات ومنظمات المجتمع المدني...
في لبنان، القاضي والمحامي مذنب حتى اثبات العكس...
في لبنان القوى الأمنية من جيش وأمن وغيرها مسؤولة عن عدم محاربة الفساد في أقل تقدير... ناهيك عن ارتباطها بقوى الشر الاستعمارية...
بعد كل هذا العرض تخرج علينا المقاومة، ويخرج علينا السيد نصرالله يتحدى أن نعطي إسما واحدا من المقاومة تشوبه شبهة فساد...
عفوا يا سيد...
المطلوب هو اكثر بكثير من هذا..
المطلوب هو تحرير الناس من حب مراهقة غير مسؤولة ووصاية من مقاومة لا تريد ولا تدع أحداً يفعل شيئا...
تحرير إرادة الناس في التغيير هو المطلوب يا سماحة السيد..
ما نعيشه اليوم هو أسوأ من أسوأ ايام الحرب الأهلية... لذلك لا ضرورة للمفاضلة بين الحرب وبين محاربة الفساد....
العمليتان وجهان لعملة واحدة، هي عملة التغيير والتحرير المتلازمتين واللتين لا بد منهما إذا كنا نريد فعلا بناء الدولة القوية العادلة...