في الرد على من يقول ان الدول العلمانية لا تمنع قيام احزاب دينية فيها. اقول: صحيح، يوجد في الدول، المسماة متقدمة، احزاب دينية، ولكن هذه دول فيها قوانين وتخضع كل الاحزاب لهذه القوانين، ولا يطمح اي حزب ببناء دولته الدينية التي على شاكلته. في بلادنا نفتقر الى الدولة بالمفهوم السياسي الحديث، دولة الامة، لدينا مزارع وطوائف وعائلات وحارات، وكل من هذه المنظومات تعمل لأقامة دويتلها الخاصة بها.
في المرحلة الانتقالية ، اي مرحلة الانتقال من اللادولة الى الدولة، او من دويلات الطوائف والمزارع الى الدولة الوطنية ، واشدد على الوطنية بدلا عن المدنية لان مفهوم المجتمع المدني صار ملتبسا بعد ما شاهدناه من ممارسات وارتباطات الجمعيات(الانجيئوز) اللاوطنية. في هذه المرحلة بالذات يجب حل كل الاحزاب غير الوطنية، اي التي لا يكون الانتماء فيها للوطن، ومنع تشكيل اي حزب او حركة او جمعية او هيئة جذرها لا وطني، او دون وطني، اي قبلي وطائفي ومذهبي وعائلي او محلوي، وحتى المدارس والمؤسسات التي تأخذ هذا الطابع يجب توقيفها وحلها، ووقف كافة المخصصات والمساعدات التي تقدم من موازنة الدولة الى كافة مجالس الملل المذهبية والجمعيات اللاوطنية، واخضاع الاوقاف للنظام الضريبي المتبع اسوة باية املاك خاصة او الشركات، ووضع عائدات الاوقاف وطرق جبايتها ونفقها لرقابة الدولة ،ومحاسبتها على صرف اي نفقة تصب في خدمة برامج سياسية مهما كانت خلفياتها. وعندما نصبح دولة وطنية، لدينا نظام وطني ، ودستور وطني، وقوانين وطنية، وتربية وطنية، ومؤسسات وطنية، وعندما تترسخ هذه المفاهيم وتصبح هي السائدة لا شيء دونها، وعندما تخضع كل مكونات المجتمع لسيادة القانون العام، عندئذ يمكن السماح لأحزاب لها تسميات دينية ، ولكن تحت القانون ومراقبته لكل حركاتها وممارساتها وعلاقتها مع الخارح، عندها ،لم نعد نهابها وتصبح دون تأثير يذكر على بنيان الدولة الصلب والمتين والموحد.
اسد غندور



