كتب الأستاذ حليم خاتون:
حزب الله لا يريد السلطة... هو غير قادر على إدارة هذه السلطة كما أكد، وأصر، وألح أكثر من مرة، الشيخ نعيم قاسم...
حتى لو كان قادرا على إدارة البلد، هو لا يريد لا هذه السلطة ولا هذه الإدارة...
"شو هي غصب، يعني؟؟!
لكن حزب الله لم يخفِ فرحه بالفوز مع "حلفائه" في الدورة النيابية السابقة بأكثر من سبعين مقعدا، من اصل ١٢٨، وقيام حلقات الدبكة في ٨ آذار، واعلان أحد المسؤولين الإيرانيين بفخر عن هذا الإنجاز الكبير...
بالرغم من كل هذا... يصر الحزب أنه لا يريد السلطة!!!
لماذا يريد الحزب الفوز إذاََ طالما هو لا يريد السلطة... هذه أُحجية يجب فك طلاسمها... على الأقل كي نتمكن من فهم ماذا يريد الحزب بالضبط...
هل يريد الحزب الفوز؟ نعم أم لا؟
لا يوجد حل وسط... يا بنت، يا صبي...
كل شيء يدل أن الحزب يحرص على الفوز، لكن لماذا؟ ماذا يكسب من هذا الفوز غير الشتائم بسبب تحالفات مع كبار رموز الفساد، سواء في أمل أو مع التيار العوني...
حزب الله يبدو حائرا، على الأقل، في الظاهر... لكنه خلق حيرة غير مبررة في أوساط من آمن بأن هذه المقاومة تستطيع شيئا بنّاءََ في هذه الدولة أكثر مما فعله الحزب في مواجهة الأزمة الإقتصادية الحالية...
هل اقتنع حزب الله بمحدودية ما يمكنه القيام به؟
في هذه الحالة، يبرز سؤال آخر..
إذاََ، ما حاجة الحزب لكسب الانتخابات والاحتفاظ بالأكثرية وتحمل هذه الشتائم والانتقادات على اعتبار أنه هو من يحتفظ بهذه الأكثرية...
لماذا حمل وزر هذه التحالفات المضادة لكل قوانين الفيزياء والكيمياء والطبيعيات...
حزب الله لا يفعل اللازم للخروج بحلول فعلية مستدامة لهذه الأزمة بفضل العبء الذي تشكله تحالفاته المريضة هذه...
ما هي بالضبط حاجة حزب الله لهذه الأكثرية؟
يقول بعض الكتاب والصحفيين أمثال الاستاذ نقولا ناصيف، أن الحزب استفاد كثيرا من هذه الأكثرية، حيث أمن له الرئيس عون غطاءََ مسيحيا سمح له مثلا بضبط إيقاع تأليف الحكومات!!!
بالإذن من الاستاذ ناصيف، لكن الذي استطاع أن يعطل تأليف الحكومة حتى حصل على كل مطالبه هو الرئيس ميشال عون نفسه وليس الحزب...
لقد كان الحزب موافقا على اي شكل من الأشكال في تأليف هذه الحكومة، بما في ذلك حكومة "اختصاصيين!!!" غير واضحة المعالم، هي أكثر قربا من الغرب من أي حكومة أخرى.
قبل ذلك فقط من أجل حلحلة الأمور داخل الساحة اللبنانية...
حتى حكومة حسان دياب، التي كان يرجو الحزب أن تلعب دورا إيجابيا، سقطت بفضل حليفه الأساسي الآخر، رئيس حركة أمل ورئيس البرلمان الاستاذ نبيه بري، بتعاون ضمني مع المردة، ومع بقايا ١٤ آذار من التقدمي، وحزب المصارف...
سواء احتفظ حزب الله بالسلطة أم لا، هو اصبح قوة إقليمية تعجز أية قوة إقليمية أخرى أو حتى دولية عن مواجهته...
المغزى الوحيد لإرادة الفوز يجب أن تكون الإرادة على تشكيل فارق ما مع القوى التي حكمت لبنان ونهبت وأفسدت، حتى طار البلد...
لن يستطيع حزب الله لعب أي دور إيجابي في الداخل اللبناني، طالما هو يرتكز على حليفين أساسيين، هما حركة أمل والتيار العوني...
حركة أمل هي جزء من مشروع الحريرية السياسية، استفادت منها، وتقاتل من اجلها حتى لو اضطرها الأمر الى منع حزب الله من أية برامج إصلاحية فعالة...
باسم تجنب الفتنة السنية الشيعية...
تيار الرئيس ميشال عون، انتقل بسرعة قياسية من حركة إصلاح وتغيير، إلى حركة الشراكة مع أكلة الجبنة...
الرئيس الذي كان يوما حلم العلمانيين، أصبح المتراس الاول للطائفية والتعصب الطائفي في البلد...
الفريقان، التيار وأمل، متهمان عن جدارة، بالعمل على هدم ما تبقى من اقتصاد كان تيار المستقبل والتقدمي الاشتراكي قد حرقا أنفاسه بالشراكة مع امل والمردة منذ أن أتى رفيق الحريري حاملا كل أدوات مشروع السرقة والنهب التي برع فيهما حين أدار البلد كما كان يدير شركاته...
كل ما تم تحذير حزب الله منه منذ اندلاع الأزمة، وقع فيه، وبملء إرادته...
إصرار حزب الله على استمرار الزواج من أحزاب هذه السلطة بعد انكشاف عهرها، وخياناتها لعش الزوجية علنا، بشكل مفضوح، وبمقاييس
لا تحمل لا خجلا ولا حتى حياء... يحمل فعلا على احتقار هذا الزوج غير المخدوع، بدل الإشفاق عليه والتضامن معه...
لولا القضية الفلسطينية، ولولا القيمة التي يلعبها الحزب في المحور المعادي للصهيونية، لكان وجب رمي الحزب بالبندورة والبيض كشريك غير مضارب في منظومة الفساد...
قد يكون هذا الكلام قاسياً فعلا، لكن عائلة زوج العاهرة لم تعد تحتمل استمرار هذا الزواج الذي فضح العائلة و"حط" رأسها بالأرض...
أمام حزب الله ستة أشهر حتى الانتخابات، ستة أشهر كي يتطهر من كل الرجس الذي تلوث به بفضل زواجه غير المقدس مع امل والتيار...
الأفضل أن يكون كتلة لوحده في الجنوب والبقاع وبيروت ويجد حلفاء اوادم له عند المسيحيين والسنة والدروز، بدل استمرار المشي في طريق الشرشحة والفضائح...
لن تكون هناك فتنة شيعية شيعية لأسباب موضوعية...
على الأقل هو يستطيع السير مرفوع الراس لأنه رمى بزوجته غير المخلصة، وتخلص من فضائحها..
كما لن تكون هناك فتنة سنية شيعية، على الأقل ليس معه هو.. لسبب بسيط، أن أوادم السُنّة لن يترددوا لحظة في الوقوف إلى جانبه ضد الفاسدين من السُنّة، شرط أن لا يكون إلى جانبه أي فاسد من شيعة رفيق الحريري...
المسيحيون خمسة أقسام...
القوات، والكتائب وأمثالهم، هؤلاء لا يمكن أن يكونوا إلى جانب الحزب حتى لو عاد السيد المسيح نفسه وقاد المسيرة... هؤلاء مرتبطين عضويا بالإمبريالية والرجعية العربية منذ الأزل.
أساس وجودهم قائم عل كره كل حركات التحرر والتحرير الوطنية، وعلى كره العروبة وكل شيء يمكن اعتباره آخر... بما في ذلك الإسلام كدين...
التيار العوني.
هؤلاء انتهازيون، يركبون على ظهر الحزب حتى يصلوا إلى أهداف لا علاقة للوطنية ولا للإصلاح بها...
هم إما قطط سود غدّارة أمثال ناجي حايك وزياد أسود؛ أو انتهازيون أمثال جبران باسيل...
أو محنطون أمثال الرئيس عون نفسه...
المردة، هم الطرف الرابع في مجموعة الأربعة الاقوياء، هم ربما الأقل سوءا، بسبب ارتباطهم تاريخيا بالعروبة... لكن رفيق الحريري استطاع جر رجلهم إلى معسكر أكلة الجبنة...
الفريق الخامس عند المسيحيين، هو الأكثرية الصامتة...
عدديا، هذا الفريق يتفوق على كل الافرقاء المسيحية الأخرى...
هو فريق يضم يسار ويمين ووسط وله ميزة أساسية واحدة:
هو يشكل الفريق الوطني النظيف عند المسيحيين...
هذا الفريق لن يكون عدوا لحزب الله إذا نظف الحزب نفسه ورمى زوجاته العاهرات خارج البيت...
كل ما يحتاجه الحزب لكسب قلوب اللبنانيين وعقولهم هو أن يلفظ من محيطه كل تلك الميكروبات التي تنهش من لحمه الحي وتجلب له اللعنات...