كتب الأستاذ حليم خاتون:
المشروع الوطني الفلسطيني
كلمات كبيرة لأفعال لم تصل بعد إلى مستوى حركة تحرير وطني فلسطيني...
بعيدا عن الرومانسية الثورية، لا يستطيع المرء سوى الشوق لأية كلمة في الاتجاه الصحيح في مسيرة نضال الشعب الفلسطيني التي يبدو أنها ما زالت بعيدة كثيرا عن أن تكون بالفعل، لا بالشعارات، حركة تحرير وطني فلسطيني...
حتى الرفيقة خالدة جرار ما زالت تدعو لإنهاء الانقسام الفلسطيني بعد خروجها من الأسر...
لست أنا من يستطيع المزايدة على نضال بحجم خالدة جرار...
لكن!!!
قد يكون شعار إنهاء الإنقسام شعارا شعبياََ براقاََ، لكنه شعار خلط الزيت مع الماء...
كيف وعلى اي أساس يمكن إنهاء الانقسام الفلسطيني!؟!
هذا الانقسام هو حالة عادية جدا ظهرت مع كل حركات التحرير، وفي كل البلدان التي خضعت للاحتلال...
لا يمكن الوحدة مع الخونة...
لا يمكن إنهاء التمايز عن الخونة..
التنسيق الأمني الفلسطيني هو قمة الخيانة...
محمود عباس هو فيشي فلسطين...
حكومة محمود عباس هي الحكومة الفرنسية الموالية للنازيين والتي كانت تلاحق المقاومين وتزج بهم في السجون أو تقوم بتصفيتهم أو تقوم بتسليمهم لسلطات الاحتلال...
كيف يمكن إنهاء الانقسام مع هؤلاء؟
منذ أيام، تناول الدكتور لبيب قمحاوي، انتشار فكرة استعادة منظمة التحرير الفلسطينية. أظهر بكثير من التفصيل طوباوية هذا الشعار، لأن المنظمة القديمة تم قتلها، بل تم الإمعان في قتلها إلى درجة أنه لم يبق من روح حية فيها، بل مجرد جثة هامدة يجري في عروقها دم فاسد لا يستطيع أن ينتج أكثر من زومبي محمود عباس، ينافسه عملاء أكثر أو أقل منه بدرجة ليس أكثر ولا أقل...
حتى حركة حماس، ورغم البطولات التي أظهرها الشعب الفلسطيني في غزة، ما زالت تراودها احلام الهدنة المرحلية، وقيام دولة فلسطينية على جزء من التراب الوطني الفلسطيني...
مرة أخرى، وأخرى.
علينا شكر الصهاينة لأنهم غير مستعدين لتقديم تنازلات طالما أن بإمكانهم عدم تقديمها...
مرة اخرى، وأخرى، نكرر مقولة حكيم الثورة الفلسطينية المناضل جورج حبش حين ردد أنه يعوًل على "وطنية" الإسرائيليين أكثر مما يعوًل على وطنية العرب، بما في ذلك الفلسطينيين...
لو رضى الإسرائيليون بحل الدولتين اليوم لما تأخرت حماس لحظة عن الدخول في هذا تحت ستار دخان نظرية صلح الحديبية...
ما يقال عن حماس ليس سوى استنتاج لكل ما نراه من منا رأت تقوم بها ومن مساومات تحت الطاولة المصرية أو على الطاولة التركية...
كل التبريرات لا تنفع من أجل إقناع الشعب الفلسطيني بحسن نواياهم وعزمهم على أن تكون هذه الخطوة خطوة مرحلية في انتظار الظروف الأفضل...
نفس التبريرات هي التي استعملها ياسر عرفات قبل أن يبتلعها سما وضعته له إسرائيل وهو في قلب المقاطعة...
مرة أخرى اسمح لنفسي الاستشهاد بجدتي الحاجة صفية التي تركت مدينة العفولة هربا من ملاحقة البريطانيين لجدي...
في صغري، كان النقاش يدور حادا عن وقف أطلاق النار بين العرب وإسرائيل أثناء اجتماع الجيران عصر ذلك اليوم في بيتنا...
نادتني جدتي ونادت ابنة عمتي الحاجة فاطمة وكنا صغارا إلى جانب السرير حيث كانت قد صارت في عجز عن السير...
نظرت الينا وقالت، كل هذا الكلام لا ينفع... أنا رأيت اول "اليهود" الذين دخلوا إلى العفولة...
في البدء كانوا لطفاء جداً...
"تمسكنوا حتى تمكنوا"، هؤلاء لا ثقة بهم...
بيننا وبينهم لا يمكن أن يكون هناك سلام... إما نحن.. وأما هم...
رحم الله الحاجة صفية...
كانت تفهم في الستراتيجيا أكثر من كل زعماء العرب...
في الماضي... واليوم...
عودة إلى المشروع الوطني الفلسطيني...
اليوم أكثر من يعبر عن روح اليسار الفلسطيني هي حركة الجهاد...
تمثل حركة الجهاد يسار التيار الإسلامي...
من هذا المنطلق تظهر ثوريتها التي بدأت تختفي معالمها عند اليسار التقليدي الفلسطيني...
ألم يئن الأوان لكي يصحو هذا اليسار مرة أخرى ولا يكرر أخطاء الماضي بالوحدة مع التسوويين؟
عندما سوف تقبل إسرائيل بأعطاء حق لدولة فلسطينية على شبر من أرض فلسطين، هذا يعني أنها هزمت والافضل الإجهاز عليها واسترجاع كامل التراب بدل السماح لها بسنين أخرى تسترجع فيها الزمام للقضاء علينا...
القبول بإسرائيل دولة يهودية يعني القبول بالاستيطان وضياع الحقوق...
ليست القدس وحدها مقدسة...
قداسة الأرض تنتشر من البحر الى النهر...
ولا يحق لا لعباس ولا حتى لحماس بالمساواة والتخلي ولو عن شبر من فلسطين...