د. عامر الربيعي / الانتخابات العراقية وضجيج الحلف الصهيوامبريالي
مقالات
د. عامر الربيعي / الانتخابات العراقية وضجيج الحلف الصهيوامبريالي
د.عامر الربيعي
30 تشرين الأول 2021 , 18:54 م
د. عامر الربيعي / الانتخابات العراقية وضجيج الحلف الصهيوامبريالي

 

 

هل تخاف أمريكا من التدحرج خارج العراق بضغط العوامل الدولية ، فتشبثت بالانتخابات كنوع من الحل

 

مشهد العراق بعد نتائج الانتخابات البرلمانية وما حملته من قضايا ساخنة أفرزت كالمعتاد الإشكاليات الدفينة ، والتي تحاول كتل الأحزاب العراقية عند كل انتخابات برلمانية تجاوزها ، إلا أنها في كل مرة تعود إليها، وتبدأ من النقطة التي وضعها لهم بول بريمر حاكم الاحتلال الأمريكي في 2004-2005, ونائبه البريطاني جيرمي غرينستوك ,هولاء ممثلي الحلف الصهيوامبريالي واجهة 

 

الاصلاء اللذين يحاولون الصعود لقيادة العراق، كانوا موجودين عند كل مخاض لولادة مرحلة جديدة سلبية او ايجابية وفق وجهة نظرهم ، وها هي الكتل والأحزاب تحاول الخروج كالمعتاد من هذه الدوامة التي ليس لها مخرج الا بوحدة أبناء العراق.

 

*إشكالية: ما هي الاوجه والارادات السياسية التي تمخضت عنها العملية السياسية

ماهي الخطط التي يحملونها وفق الجيوبوليتك الصهيوامبريالي التي تحاصر العملية السياسية العراقية

تمخض بعد الانتخابات عدة أذرع تحاول غرس خنجرها بصدر العراق ، وهي تتوسع بمحورها إلى أن وصلت إلى الاصلاء. وهذه المحاور تتبادل الأدوار في الضغط لحرف ما بناه العراق منذ 2003 وإلى اليوم ، تتمثل هذه المحاور : 

المحور الأول: شركاء العملية السياسية بدءا من افرادها في 2003 الداخلين مع القوات الدولية والاحتلال الامريكي وما تمخض فيما بعد من قوائم تحمل مسميات عديدة ، وصولا إلى 2021 وما صاحب هذه الكتل والقوائم من تكتلات، وخاصة تلك الأدوات التي كانت تنضوي تحت اسم القائمة العراقية ، التابعة لأياد علاوي الذي أصبح رئيسا للوزراء في الفترة بين 2004-2005 ، احتوت هذه القائمة كل التنظيم السياسي والذراع الصهيوامبريالي الذي تمدد إلى جهات عديدة في الحكومة، ودخل بائتلافات مختلفة مع الداخل العراقي ، والبعد القومي العربي للعراق وحددوه بدول الخليج وأبرزها السعودية ، فمارست هذه القائمة بشخوصها، عملية تخريب العملية من الداخل، ابرزهم بالإضافة إلى اياد علاوي ، صالح المطلك، جمال الكربولي ، طارق الهاشمي، رافع العيساوي واسامة النجيفي ، اما عجيل الياور فإنه خريج جامعات السعودية وأمريكا، جاء به بول بريمر لمجلس الحكم الانتقالي ، ليتم تعيينه رئيسا لهذا المجلس بعد اغتيال القيادي في حزب الدعوة عز الدين سليم ، إضافة إلى عدنان الباججي الحامل للجنسية الاماراتية باعتباره مستشارا لزايد حاكم الامارات السابق، وعدنان الدليمي ، وحيدر الملا و ما يعرف بفائق الشيخ علي الذي يعاني من أزمة اتزان ثقافي ، ومحور احمد الجلبي وانتفاض قمبر وحزب المؤتمر القادم من أمريكا مع كنعان مكية ومصطفى الكاظمي، كانوا جميعهم لديهم مناصب سيادية مهمة ، وأخذوا يمارسون عملية إضعاف ولادة نظام عراق ديمقراطي ووضع العصا امام تقدم العراق سياسيا واقتصاديا ، متخذين من قضايا العراق الجديد وازماته واشكالياته مواضيع يتحدون بها الشعب ، والوقوف عندها والتباكي عليها وجعلها معظلات يجب أن تجمد الدولة عندها ، مما ادى الى خلق نمط جديد متثاقل تسير عليه المؤسسات وفق عملية التعطيل ،بحيث تكون حركة الدولة وجهازها الحكومي ومهامها محسوب الخطوات ، واستنزافها بدل من اثراءها وعلى كل الصعد ، وفق أجندات الدول التي جعلت منهم أدوات اختراق للنظام الوليد في العراق من ناحية ، ولكي لا يجمح نظرائهم من المخالفين لهم من الأحزاب والكتل الأخرى ويعبرو بالعراق إلى ضفاف لا يريدها الحلف الصهيوامبريالي

 من جهة ثانية ، ناهيك عن فرض أنفسهم على التحالفات الأخرى المناهضين لها ،بحجة خلق الكتلة الأكبر، وهكذا تستمر عملية تدحرج العملية السياسية بدستورها الذي تعطل في 2021 إلى أن وصلت ، بأن يعتصم الأغلبية المطلقة التي حكمت العراق تفترش المخيمات في الشوارع تنديدا بتزوير الانتخابات ، وأصبحت من لاعب أساسي وقوي في العملية السياسية ، إلى مطالب بحقه ، ونلاحظ تصاعد وتيرة عملية إخراجها من نفوذها كأغلبية، ومحاولات لطي صفحتها ، للانتقال بالعراق إلى مرحلة جديدة مرحلة بأدوات جديدة، اسميتها أدوات داعش العسكرية والتطبيع السياسي . 

 

لان المرتكزات المتوفرة في الحكومة ، توفر لهذا المنهج الظهور واختراق ميزان القوى في البرلمان العراقي ، نعم هذا بالضبط ما يراد ان يصل بشركائهم ممثلين الأغلبية. 

اي بمعنى ان عملية اتخاذ القرار أصبحت مناطة بهذا الجانب، أو من توالد منه تباعا،و بالاطار الداخلي والحلف الصهيوامبريالي باطاره الخارجي

المحور الثاني : محور الخلايا النائمة، والمقصود تحديدا الطور الجديد من حزب البعث العراقي الحامل للمد القومي والعربي ، المتحالف مع الخلايا النائمة من تنظيم القاعدة و داعش ، وهذا المحور تكمن خطورته في أنه احد شقيه أخذ يتمدد من أفغانستان إلى باكستان إلى العراق، لينظم الشق الثاني ليضخ في منطقة الشرق الأوسط والعراق وسوريا واليمن وحتى لبنان من خلال المد العروبي والقومي الذي يحمله البعث العراقي الحامل للتعصب الأيديولوجي الحزبي ، الى ضخ خليطا قتاليا يستقطب محاور دولية عديدة ، باحثا دوما عن زوايا للانطلاق ، لإحداث التغيير الذي يقف خلفه الإصلاء من الحلف الصهيوامبريالي، هذه الخلايا النائمة من داعش و القاعدة ،استخدمت في العراق لأجل تفعيل واستنهاض النفس الطائفي، أما اليوم وخاصة في أواسط آسيا تستخدم لأجل أحداث ردع للقوى المنافسة لهذا الحلف، من خلال انظمام محاور دولية لها، وقد كسبت الإمبريالية الصهيونية من عملية اختراقها لهذه المجاميع الارهابية بانها قامت بتمييع العقيدة التي تدفع الأفراد للانضمام إلى هذه الجماعات ، بأن يندرجوا مباشرة بمخطط مسبق بعيد عن الأسس والأهداف المعلنة. 

 

وبوادر استنهاض هذه الخلايا في العراق واضحة ، ولكن وفق اي منهجية ؟

 هل سيتم طي صفحة اقتصار هذه المجاميع على البروز العربي فيها ، ليصبح بروز لقادة من آسيا الوسطى ، لتمارس في العراق أيضا كما غيره من الساحات العربية و الآسيوية ، عمليات تجريف لكلا الجوانب التي من الممكن أن تكون عائقا مستقبليا أمام حركة الإصلاء من الحلف الصهيوامبريالي ، وهنا تظهر تداخل العامل الاقتصادي ودوره في تصاعد أقطاب عديدة مع دور العامل السياسي الذي يشهد تراجعا في ساحات وتقدمت في أخرى ، والعراق من أبرز تلك الساحات التي يتم فيها صراع الاقوى، بحيث ان الانتخابات العراقية ، لم تكن مهمة للعراق وحسب ، وإنما مهمة أيضا للحلف الصهيوامبريالي وبقوة لان الانهيار لاجنداته سيكون هو البديل .

المحور الثالث : المحور العربي المتحالف وجوديا مع الصهيوامبريالي، جذور هذا المحور تعتاش على الكم الذي يضخه في جسدها من أدوات يضمن لها البقاء كأداة تتحرك وفق منهج الحلف الصهيوامبريالي، ولهذا الامر أسبابه التاسيسية الهيكلية لهذه الأداة.  

لذلك كانت هي الحاضنة التي تربى عندها فكر التكفير ، واتخذ طريقته منهجا ليخط في العراق كما في سوريا و غيرها من البلاد العربية أنساق دولية ومراسيم إرهابية لم تعرفها الجغرافيا منذ حقبة الاستعمار، أو حقبة الدولة العثمانية، وتناولها في العديد من المقالات دور فكر التكفير في خدمة الصهيونية الإمبريالية في تطويع شعوب المنطقة لأجل التطبيع والانتماء جغرافيا وبطريقة طوعية العمل تحت متطلبات هذه الصهيونية. 

 

المحور الدولي و الإمبريالي:-

هذا المحور كان موجودا في العراق ، كان المحور الدولي وبكل الدول المنظوية تحت اسم المجتمع الدولي، تدور في فلك متطلبات الحلف الصهيوامبريالي، توالد هذا المحور إلى أن وصل وجها لوجه امام دول العالم ويخوض صراعا اليوم في أرض الشرق من عدة اصعدة أولهما صراع الأقطاب ومخاوف انهيار ظهير هذه الإمبريالية اي الولايات المتحدة امام قوة الأقطاب الأخرى التي لا تألوا جهدا للانتصار للدولة الوطنية. وثانيهما صراع العقيدة التي تقف خلف الصهيو امبريالي امام عقيدة شعوب المنطقة ، واعتماد هذه الصهيوامبريالية على موروث التكفير الذي اخذ بالتوسع في أواسط آسيا.

 

*إشكالية: هل كان المحور الدولي الصهيوامبريالي دور مؤثر في الانتخابات العراقية؟*

 

استطرادا على ما سبق، فإن معظم القوى الكبرى أو مجلس الأمن التي تعتبر نفسها ممثلة عن دول العالم ، أصبحت اليوم تخضع لمتطلبات الحلف الصهيوامبريالي، ويتضح ذلك من عدة عوامل تاريخية نقتصر على ذكر القضية الفلسطينية وما لحق بالشعب الفلسطيني من أذى منذ،1917 وإلى اليوم وكيف تدرجت قضية فلسطين من دولة وطنية عربية مستقلة ذات كيان إلى اسم لا يوجد على خارطة العالم وبمباركة دولية. 

اليوم يعلم العراق ان انتخاباته زورت، وأن ما يعرف بجنين بلاسخارت الممثلة الاممية في العراق كانت من ضمن الأدوات التي أشرفت على عملية التزوير ، المراد من هذا التزوير ، الحفاظ على الاسس القيادية للحلف الصهيوامبريالي في العراق والتي تم تكريسها ، هذا الحلف الذي يخاف ان ينهار، فهو منوط به التصدي لتقدم الصين اقتصاديا في العراق، ومنوط به إنعاش أدواته من ثروات العراق كالأردن ومصر والكويت والإمارات، ومنوط به الوقوف بوجه محور المقاومة، ومنوط به حماية جبهته الأخرى في أواسط آسيا وتحالفه مع طالبان ، وانعاش النفس الداعشي في تلك البقاع ، وكل ذلك نلاحظ أن الكيان الصهيوني سعيد بنتائج الانتخابات التي أشرفت على تزويرها جنين بلاسخارت ممثلة الامم المتحدة في العراق ،التي تلقت دعما امريكيا للإشراف على الانتخابات . 

إذن الحلف الصهيوامبريالي، يعمل على جبهات عديدة ، ويعاني من فوضى وتخبط وضغط ، ويحاول دفع كل ذلك نحو فتح جبهات والاختباء خلفها سواء الإقليم الروسي أو الإقليم الصيني أو إقليم غرب آسيا وكل تلك الجبهات وتتفاوت في قوتها وجغرافيتها بالمقارنة مع قوة وجبهات الصهيوامبريالي الذي لا يملك الا تحريك طبيعة النظام الحاكم بشكل عام و خاصة في العراق او خلق ازمة وتضخيمها كما تم تضخيم تصريحات وزير الثقافة اللبناني جورج قرداحي وغير ذلك فليس امام الأصيل الإمبريالي الا خلق الفوضى ليحافظ على خططه.

 لذلك فإن مخاوفه ستقوده إلى إعادة هيكليته السياسية في العراق من خلال إعادة إنتاج سياسة الحصار الاقتصادي وسياسية البند السابع كنوع من الزيادة في خلق الفوضى إلى جانب مصطفى الكاظمي وبرهم صالح و محمد الحلبوسي.منهج روجت له الامم المتحدة يقوم على أنه إذا ثبت تزوير انتخابات العراق سيتم تفعيل البند السابع .

 في حقيقته هذا التلويح من قبل الأمم المتحدة لا يمتلك مقومات نجاحه ، لان العراق اليوم ليس عراق عصر النظام البائد. و الا انه يتضمن نوع من إرهاب الدولة الوطنية ومعناه الذهاب الى حرب اقتصادية على شعب العراق وسينفذها الثلاثي الأنف الذكر .

نستخلص من خلال المحاور الانفة الذكر ، ان الحلف الصهيوامبريالي، كان حاضرا خلف كل تلك المحاور ، وما حراك العمل السياسي الذي يفتقر الى البرنامج والمنهج والقيادة الحكيمة الا عملية سير العراق نحو الفوضى التي قطع دابرها السيد علي السيستاني. الأولى عند إعلانه ان العراقيين هم المسؤولين عن كتابة الدستور في 2005 والثانية فتوى الجهاد الكفائي 2014 . لذلك فعلى الرغم من انتفاء تاثير ودور بول بريمر وجريمي غرينستوك، إلا أنه تم استبدالهم بسفارات و بسفراء أمريكا وبريطانيا، ومعهم مؤسسات عديدة داعية للسلام، من خلال إعادة ارشفة الذاكرة العراقية وجعلها تركز على قضايا اجتماعية تفتح المجال للصهاينة العراقيين.

ولغرض التخلص من شبح الفوضى،فإن الحلف الصهيوامبريالي، مستعد لإشعال ساحات أعدائه كما فعل من خلال فوضى تشرين ليظفر بخطوة هنا وهناك تظهره أنه قويا وما زال يملك القدرة على التلويح بالقوة.

اما موضوع الكتلة الأكبر و حساسية اندماجها الغير مدروس مع الكتل والأحزاب الأخرى المنبثقة عن المحور الأول الأنف الذكر ، يجب أن يتم أخذه، من ناحية ان الكتل الأكثر تأثيرا في المجتمع ستكون قياداتها دوما عرضة لخلق التوازن الذي يضمن للحلف الصهيوامبريالي ابتعاد شبح الفوضى عنه، ويضمن له عدم انهيار الاسس التي يقوم عليها ،وتساعده علي الانتقال إلى المرتبة الأعلى، التي تؤهله لخلق الفوضى في ساحة عدوه مستقبلا ، حتى لو كانت ساحة الكتلة الأكبر ، التي اتخذت من اتحاد الرؤى نسقا جديدا مؤقتا ، وإشعال الشارع العراقي بهذه الكتلة.

دكتور عامر الربيعي

رئيس مركز الدراسات والبحوث الإستراتيجية العربية الاوربية في باريس

 

المصدر: وكالات+إضاءات