كتب الأستاذ حليم خاتون:
يصرّ جميع أعداء محور المقاومة محلياً، وإقليمياً على أن حزب الله يهيمن ويسيطر على السلطة في لبنان، بدءاً من اصغر طرطور في ١٤ آذار، لا زالت قشرة بيض التفقيس على رأسه، مروراً بالحريريين والقواتيين... وصولاً إلى حكومات الكيان، وبؤساء النظام الرسمي العربي...
طبعاً، لا تشاطر اميركا وبريطانيا وفرنسا وبقية الغرب هؤلاء، في هكذا تصريحات لأنها تعرف جيداً أن كل هذا ليس إلا مجرد بروباغندا مفيدة إذا صدرت عن الصغار، الصغار... ومُضرّة جداً، إذا ما صدرت عن الكبار...
المشكلة في الحقيقة ليست على الإطلاق في هذا المعسكر المعادي...
المشكلة هي في معسكر المقاومة نفسها... في بيئتها، وحتى في الأكثرية الصامتة الرمادية التي تعرف أين الحق...، تريده، لكن دون بذل أي جهد لذلك...
ما هي المشكلة؟
المشكلة هي في أن "بوسطة" المقاومة ماشية والرب راعيها...
"اللًي بيتطلع فينا بعين، منشلّو العينتين."، يقول السيد صفي الدين...
هل حزب الله فعلاً بهذا الوارد؟
هل حسم حزب الله أمره وقرر الخروج من سياسة ردّات الفعل إلى سياسة الفعل المُبادِر..؟
لا يوجد أدنى شك أن حزب الله خاصة، ومحور المقاومة عموماً، يشكلان مشكلة للأعداء المحليين والإقليميين والدوليين...
أما الأعداء المحليون والإقليميون، فهم بالفعل وبالقول أعجز عن التأثير على مسار الهزائم التي تلحق بهم بفضل الحزب خاصة والمحور أيضاً...
لذلك لا يجدون ما يفعلونه غير البكاء والعويل وتكبير دور خصمهم لتبرير أسباب هزائمهم، وانهيارهم...
هؤلاء عاجزون فعلاََ إلى أقصى الحدود، ولو كان الأمر منوط بهم فقط، لما كان يجب حمل أية هموم...
مع هكذا جبناء حمقى ومرتزقة، النصر مضمون... لا خوف.
لكن مع الأعداء الدوليين، تختلف الأمور...
صحيح أن الأميركيين والغرب لا يزالون مرتبكين ولم يصلوا بعد إلى خطة حاسمة لهزيمة حزب الله والمحور... إلا أنهم لا يتركون فرصة إلا ويعملون من خلالها على التخلص من هذه القوى التي يبدو أنها، حتى اليوم، عصية على كل ما فعلته اميركا وما يمكن أن تفعله...
في المقابل، لا يظهر حتى اليوم أن حزب الله، أو المحور، توصلا إلى برنامج عمل، أو خطة لكيفية الرد على كل ما يجري...
حزب الله مصرّ على الإتكال على السلطة القائمة لمعالجة الأمور...
هو لا يتحرك إلا بعد أن يكاد عزرائيل يقبض على روح الشعب اللبناني...
هو بالكاد يلحقنا قبل إعلان الموت السريري...
يتعامل حزب الله مع هذه السلطة على أنها تهتم فعلا لمصير الناس...
أو كأن هَم هذه السلطة هو من نفس هموم الحزب أو هموم الناس...
لقد انتصر حزب الله في كل حروبه مع الصهاينة لأن تحديد العدو كان واضحاً جداً أمامه، ولأنه كان يعرف من هم حلفاؤه...
لا مجال لأي لبس.
العدو هو اسرائيل، والحليف هو الجمهورية الإسلامية في إيران...
في سوريا والعراق، انتصر حزب الله الى جانب حلفائه... أيضاً لأن شخصية العدو كانت واضحة ومحددة...
العدو المباشر في سوريا والعراق، هم التكفيريون وعملاء الاطلسي والعربان...
في لبنان، يجب أن يعرف حزب الله أن معظم أطراف السلطة التي يشاركها الحكم هم أعداء...
حتى مَن بقي من هؤلاء المشمولين بكلمة معظم، هم أيضاً أعداء، ولكن بطريقة غير مباشرة...
حزب الله يتصرف وكأن محمد نجيب ميقاتي ورياض سلامة وسعد الحريري يهمهم إيجاد حلول لأزمة الإنهيار الإقتصادي...
طبعاً، إذا كان باستطاعتهم أيجاد حلول لا تُغضِب أسيادهم الدوليين لن يتأخروا في ذلك...
لكنهم جنود في هذا الحصار، وهذه الحرب غير المباشرة على الحزب...
كما أن محاربة إسرائيل هي أولوية عند حزب الله...
كذلك فإن محاربة حزب الله وإلحاق الأذى به، حتى لو اضطر الامر ان يتم إلحاق الأذى بالشعب اللبناني، هو أولوية عند هؤلاء...
أبسط دليل على هذا القول، أن الميقاتي والحريري وجنبلاط واليمين المسيحي هم ضد حزب الله في معركته الدائرة ضد السعوديين وبقية المشيخات...
أمس على المنار، أشارت السيدة منار أن كل هم التلفزيونات التابعة لمحور الشر، هو إظهار الضرر الذي تستطيع المشيخات إلحاقه بلبنان...
بينما لا أحد يتحدث عن عناصر القوة التي يمتلكها لبنان...
يا أحبائي في المنار، هذا شيء طبيعي...
هذه هي مهمتهم...
لكن الجواب ليس فقط في إظهار مكامن القوة عند لبنان للرد... بل كيفية الرد، والأهم، (مَن) سوف يرد...
هنا هي المشكلة.
انتم في المنار تشيرون إلى مكان قوة لبنان... تشيرون إلى الفعل الواجب فعله... لكنكم تبقون الفاعل مجهولا في احسن الاحوال، وفي معظم الأحيان تبثون اوهاماََ أن السلطة القائمة يمكن ان تقوم بهذا الفعل...
ميقاتي لن يذهب إلى محاولة إيجاد دول تشتري إنتاجنا خوفا من الغضب السعودي عليه...
كذلك جعجع أو الحريري أو أي من مجموعة السلطة القائمة...
أما التيار العوني، فكل همه محصور في كيفية المحافظة على السلطة التي وصل إليها ثم لم يقم بما كان يجب القيام به حتى يحتفظ بها...
تماما كما حصل مع المازوت...
في النهاية وحده حزب الله هو من يستطيع فعل شيء ما...
ما هي المشكلة في إيجاد اسواق لتصريف انتاج زراعي أو صناعي بأقل من مليار دولار...؟
الأمر يحتاج إلى سلطة فاعلة، ولكن غير تابعة لأعداء حزب الله...
هؤلاء بطبيعة أحوال ما يحصل هذه الأيام، هم أعداء لبنان أيضاً...
لا يريد حزب الله ممارسة السلطة حتى لا يُتهم بالهيمنة على الدولة...
لكن ما يفعله بهذا العمل، هو ترك
هذه السلطة في الأيدي التي لا تسعى إلى إيجاد ولو حلول مرحلية للأزمات المتتابعة...
هذه آخر همومهم...
إنها نفس دوامة الإتجاه شرقاََ...
حزب الله لا يتوقف عن الكلام والكلام فقط عن هذا...
يريد من الآخرين التابعين إلى النظام المالي الغربي أن ينفذوا هذا الاتجاه شرقاََ...
بالله عليكم... هل يجد أحدكم منطقاََ في هذا...؟
السلطة الحاكمة في لبنان تابعة الف في المئة الى النظام المعادي للشرق وحزب الله يريد منهم أن يتجهوا شرقاً...
تماما كما يريد حزب الله من الفاسدين أن يقتنعوا بأن ما فعلوه يقع في الحرام، وان عليهم التوبة وإعادة المال المنهوب...
"طلع الشعر على لسان" جمهور المقاومة عن عقم هذه النظرة وهذه اللاواقعية...،
لكن ما العمل...؟
لا يزال حزب الله يتوكل على الله دون أن "يعقل الناقة"...
لن يرسل الله من يعمل على إنشاء جبهة وطنية عريضة تخوض النضال وتقوم بما يجب القيام به...
على القوى الوطنية والثورية الموجودة على الأرض القيام بذلك...
الأكثر تأهيلا للقيام بهذا العمل هو حزب الله... لكن الحزب غارق في الثنائية من جهة، وفي مار مخايل من جهة ثانية...
يا أخوان، إذا كان ولا بد، خذوهم معكم إلى هذه الجبهة...
إدعوا الى مؤتمر عام واعملوا على وضع برامج محددة يريدها ويطالب بها الشعب، فإذا قرر اصحابكم البقاء لتنفيذ هذه البرامج وليس لعرقلتها يكون هذا جيداََ... وإذا لا، سوف ينسحبون من تلقاء أنفسهم ولا يبقى في الميدان إلا من يريد السير فعلا بهذه الحلول المنطقية...
(عقدني السيد نصرالله من استعمال كلمة الثورية مع انها اكثر ملاءمة من كلمة منطقية،
كل مرة يقول لنا:
إذا بدكم تقوموا بالثورة، قوموا بها وحدكم)...
حسناََ، لا نريد القيام بأية ثورة...
كل ما نريده أن تقوموا انتم بما تقولون به...
"اللًي بيتطلع فيكن بعين، اقلعوله العينتين"...