كتب م. حيان نيوف:
كلما أرادت الولايات المتحدة فتح حوار مع روسيا ، تقوم بذات التوقيت بالتصعيد مع الصين وخاصة فيما يتعلق بتايوان وبحر الصين الجنوبي ...
والعكس صحيح ، فكلما أرادت الولايات المتحدة فتح حوار مع الصين تقوم بذات التوقيت بالتصعيد ضد روسيا وخاصة فيما يتعلق بأوكرانيا وحدودها الغربية مع أوروبا ..
المحاولات الأمريكية البائسة للإيقاع بين روسيا والصين لم تؤتٍ ثمارها إلى الآن ، ومن المستبعد أن يحدث ذلك ..
المراوغة الأمريكية بين الحليفين تعتمد على الضغط والإغراء ، حيث لاحظنا صمت الولايات المتحدة عن مشروع غاز نورد ستريم ( التيار الشمال 2 ) الذي يزود أوروبا بالغاز الروسي ، كما لاحظنا صمتها في العام الماضي عن تجمع الشراكة التجاري الذي أقامته الصين مع 15 دولة في جنوب شرق آسيا ، ومنها دول حليفة للولايات المتحدة ( استراليا ، نيوزيلاندا ، كوريا الجنوبية ، اليابان ) ..
المخطط الأمريكي يقضي بالتفريق بين الحليفين الروسي والصيني ، عبر إغراء كل منهما بربطه بتجمع اقتصادي تجاري منفرد عن الآخر تمهيدا لخلق حالة من التنافس اللاحق بينهما ..
المخطط الأمريكي اصطدم مؤخرا بالعقبة الإيرانية ، التي وقعت اتفاقية استراتيجية مع الصين ، واطلقت مفاوضات لأخرى مماثلة مع روسيا ، وانضمت إلى منظمة شنغهاي ..
الإنضمام الإيراني لمنظمة شنغهاي ، عجّله المخطط الأمريكي ، وكان بمثابة رد صيني روسي على المخطط الأمريكي ..ولذلك أدركت الولايات المتحدة خطورة ذلك ، وتسعى بكل ما تستطيع لعودة إيران للمفاوضات النووية ، وضمن هذا الإطار سمحت للسعودية بإطلاق حوار مع وإيران ، وتسعى لوقف حرب اليمن ، وتدفع بالعرب للتشبيك مع دمشق في محاولة لجذب الإيراني ، وفي ذات الوقت تعمل على الضغط في آسيا الوسطى والقوقاز عبر خلق حالة من التوتر والاضطرابات هناك ، وتفسح المجال للتركي للعبث واللعب والنفوذ بتلك المنطقة لمنع تلاقي القوى الثلاث ..
إن إعلان تحالف عسكري بين ( روسيا والصين) ، أو بين ( روسيا والصين وإيران ) كفيل بتحطيم الأحلام الأمريكية بالكامل وهو أكثر ما تخشاه الولايات المتحدة ، وعبرت عن ذلك مرارا ، غير أن الدول الثلاث لا تبدو مستعجلة على هذا الاعلان ، على الرغم من أن الناطق باسم الخارجية الإيرانية ألمح إلى قيام هذا المحور بقوله ( إن محور الشرق ينمو بسرعة ) ، وعدم الاستعجال في الاعلان يدخل في باب التكتيك ، حيث ترى القوى الثلاث أنها ما زالت قادرة على المساومة وتحقيق المزيد من النفوذ والمكاسب بشكل منفرد من الولايات المتحدة خصوصا والغرب عموما ، ربما ستكون عاجزة عن تحقيقها في حال أعلنت حلفا متكاملا واحدا قد يؤدي إلى انقلاب استراتيجيات الولايات المتحدة ودفعها إلى مزيد من التطرف في سياستها والى ما لا يمكن التنبؤ به ..