كثرة الضغط تولد الإنفجار, هذا ما درسناه في علم الفيزياء, أما الرئيس الأرعن الذي يقبع في البيت الأبيض فهو لم يقرأ علم الفيزياء ولا الجغرافيا ولم يقرأ كتب التاريخ, لقد كان تلميذاا غبياً بشهادة مُدرسيه ومن زاملوه كطالب في مراحل دراسته في المراحل المختلفة, ورشة عمل أمريكية قدمت للرئيس ترامب دراسة عن محاذير التعسف باستخدام سلاح الحظر الإقتصادي الذي لم يوفر به أحداً, نصح الكاتب الإيطالي "نيكولا ميكافيللي" في كتابه الأمير الإيطالي "لورينزو الثاني دي ميتشي" في أوائل القرن السادس, كتاب الأمير تحدث فيه عن الفقه السياسي, أهدى ميكافيللي كتابه إلى الأمير"لورينزو الثاني دي ميتشي" ونصحه أن لا يوحد أعداءه وخصومه, لكي لا يتحولوا لقوة متحدة تحاربه وتناهضة فتفشله, لكن كما أشرنا أن ترامب لم يقرأ التاريخ ولم يستفد من عبره وحكمه, نشر الأستاذ ناصر قنديل مقالاً هاماً, رأينا في إضاءات ان نقدمه لكم لأهميته.
إضاءات
ناصر قنديل
كي لا تصبح لبنان وسورية والعراق وإيران سوقاً واحدة!
– تحت هذا العنوان وردت نصيحة ورشة عمل دراسية أميركية، موجهة للرئيس الأميركي وإدارته للتوقف عن الضغوط التي بلغت مرحلة شديدة القسوة على أسواق لبنان وسورية والعراق، مع تقييد شركات نقل الأموال النقدية بشروط قاسية للسماح بإيصال البنكنوت الأميركي النقدي إلى هذه الأسواق، ما أنتج أزمة كبيرة بدأت تهدد سعر صرف العملة، وبالتالي تمهد لحالات من الفوضى الشعبية والغضب في الشارع. وجوهر الدراسة يقوم على الاعتقاد بأن القوى المناوئة لواشنطن في إيران والعراق وسورية ولبنان تربطها علاقات وثيقة، وأثبتت قدرتها على السيطرة على الجغرافيا الميدانية لهذه الدول، وأن العراق الغني بالنفط سيشكل فرصة هذه القوى للتملص من الضغوط الأميركية، مستذكرة تملص العراق من عقوبات النفط مقابل الغذاء وسوق البونات التي أنشأها النظام السابق عبر مئات الزوراق التي كانت تحمل النفط من البصرة وتبيعه في دبي، لتقول إن الأمر لن يحتاج شيئاً مشابهاً هذه المرة. فتمويل الدولة السورية من عائدات بيع البنزين، ومثله تمويل حزب الله، والحشد الشعبي، سيتحقق بضخ كميات من النفط العراقي العام عبر الأنابيب والصهاريج، وتكريره في سورية، وربما يتم جلب المشتقات التي تكرّرها إيران وتحقق فيها فائضاً عن حاجتها، وتسيّلها بالعملات المحلية للعراق وسورية ولبنان بدلاً من تحويلات بالدولار كانت تؤمنها إيران لحلفائها.
– الدراسة تقول إن لبنان سيتخفف كدولة ومصرف مركزي من أعباء الضغوط بالعملات الصعبة وسيسهل تدفق الفيول والبنزين والمازوت، إذا كان بيعها سيتم للدولة بالعملة اللبنانية، والفاتورة تزيد عما يقارب السبعة مليارات دولار سنوياً، يمكن لحزب الله توليها عبر شركات صديقة له، توفر له عبرها التمويل دون المرور بالدولار الأميركي، ولا بالسوق العالمية. ومثله الحالة في سورية والعراق، وسيكون على إيران الاكتفاء بتأمين تكرير نصف مليون برميل نفط يومياً لحساب هذه السوق لتأمين تمويل حلفائها، وتقديمهم كقوى منقذة لبلادها وشعوبها من الأزمات التي تسببت لهم بها واشنطن. والأخطر كما تقول الدراسة إن ذلك سيجعل من إيران والعراق وسورية ولبنان سوقاً واحدة بالتدريج وسيجعل خط سكك حديدية بين هذه الدول مشروعاً اقتصادياً فورياً لنقل النفط الخام والمشتقات النفطية، سرعان ما يتحوّل لخط نقل للبضائع والأفراد، في ظل تكامل في أنواع السلع والخدمات التي تنتجها وتحتاجها هذه الأسواق. وسنشهد المصارف اللبنانية تزدحم بالعراقيين، ومثلها الجامعات والمستشفيات وقد كان لبنان وجهة العراقيين الأولى سياحياً قبل نصف قرن، وسنشهد السوق العراقية تمتلئ بالسلع الزراعية من لبنان وسورية، والمطاعم اللبنانية والسورية تزدهر وتتكاثر في العراق وإيران، وبعدها علينا ألا نستغرب أن تتحوّل هذه الخطوط لنقل الأسلحة والذخائر بأنواعها.
– النصيحة التي تخلص إليها الدراسة هي الدعوة لوقف التصعيد الخانق في الضغوط، مشيرة إلى أن مخاطر تسخين عسكري رداً عليها باستهداف القوات الأميركية في سورية والعراق سيكون أحد السيناريوات المتوقعة، ومحذرة من أن تجفيف موارد الاقتصاد في لبنان وسورية والعراق سيجعل مكافحة الإرهاب اهتماماً ثانوياً للدول المعنية، ويجعل موجات النزوح نحو أوروبا فوق طاقة الدول الأوروبية على الاستيعاب، بينما ضخ أموال خليجية وأوروبية في هذه الاقتصادات بطرق رسمية أو غير رسمية ربما يكون نصيحة مفيدة تقدمها واشنطن لحلفائها، إذا أرادت أن تحتفظ بالتكشير عن أنيابها وجعل الابتسامة تأتي من سواها، فحلفاء واشنطن سيتساقطون قبل أن يصيب حلفاء طهران أذى حقيقي تحت ضغط الجفاف المالي.