القاتل الإقتصادي ذراع أمريكا القذرة للتخلص من الزعماء الأحرار, هل بوليفيا ضحية جديدة..
مقالات
القاتل الإقتصادي ذراع أمريكا القذرة للتخلص من الزعماء الأحرار, هل بوليفيا ضحية جديدة..
12 تشرين الثاني 2019 , 05:55 ص

منذ وجدت دولة الشر أمريكا وهي تمارس العدوان على الشعوب, "ايفو موراليس" تعرضت طائرته الرئاسية لمحاولة تخريب قبل عدة أيام بهدف اسقاطها وقتله, هذه الطريقة من الطرق التي مارستها أمريكا للتخلص من الزعماء الوطنيين الأحرار في أمريكا اللاتينية سابقاً, مزيد من التفاصيل في هذا المقال عن القاتل الاقتصادي.

إضاءات

 

كتب الكاتب محمد مهدي عيسى:

"القتلة الاقتصاديون" يتضاعفون اليوم بحسب مؤلف كتاب "اعترافات قاتل اقتصادي" لجون بيركنز، وهم يشكلون تهديداً للسلام العالمي باعتمادهم سياسات الموت بدلاً من سياسات الحياة. انقلاب بوليفيا، يوم أمس، يدفعنا للتساؤل عن مصير الزعماء والأنظمة التي ترفض الخضوع لإرادة الرأسمالية الأميركية.

تدفعنا الأزمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة في أميركا اللاتينية للتساؤل عن دور المؤسسات المالية العالمية في الاستثمار في هذه الأزمات، بل ومساهماتها في الدفع بحكومات هذه الدول نحو خيارات تعبّر عن مصلحة الرأسمالية الأميركية، وتضمن لها الهيمنة على اقتصادها النامي والمتعثر. الأزمات الاقتصادية غالباً ما تبدو نتيجة سياسات داخلية خاطئة لكنها في الواقع لا تقف عند هذا الحد، كما يكشف جون بيركنز الذي دوّن في كتابه "اعترافات قاتل اقتصادي" بعضاً من تفاصيل سياسة الإخضاع الإقتصادي التي تمارسها أميركا للسيطرة على القرار السيادي للدول النامية واستغلال مواردها وإدخالها في فلك الهيمنة الأميركية.

ينطلق الكاتب والخبير الاقتصادي، جون بيركنز، في سرده لمنطلقات مهام "القتلة الاقتصاديين" من العام 1953، أي العام الذي شهد انقلاباً عسكرياً على حكومة الرئيس الإيراني محمّد مصدّق، الذي كان داعياً بارزاً لتأميم الثروات النفطية للشعب الإيراني. لم ترض سياسة تأميم النفط التي اعتمدها مصدّق الولايات المتحدة الأميركية، ولذلك سارعت لإرسال عميل وكالة الاستخبارات المركزية كيرميت روزفلت، حفيد الرئيس الأميركي السابق فرانكلين روزفلت، إلى إيران في مهمة تهدف لتنظيم التظاهرات وإثارة الشغب ضد مصدّق، وصولاً إلى تنحيته ووضعه تحت الإقامة الجبرية. أثبتت الـ (CIA)، بعد تنحية مصدّق، جدارتها في إخضاع حكومات الدول النامية "المارقة"، لكنها لم تكن قادرة على الاستمرار في هذا النهج خوفاً من انفضاح عملائها، لذلك تولت شركات إقتصادية خاصة هذه المهمّة تحت غطاء الاستشارات الاقتصادية وبرامج التنمية والإقراض.

يتولى "القتلة الاقتصاديون" مهمة اختراق دوائر القرار السياسي في الدول النامية، بهدف دفعهم للاقتراض من المؤسسات الدولية والوكالات الأميركية تمهيداً لإغراقهم بالديون وابتزازهم بها. وبالعودة إلى كلمات بيركنز، فإن "القتلة الاقتصاديين هم رجال محترفون يتقاضون أجراً عالياً نتيجة خداع دول العالم عبر ابتزازها تريليونات الدولارات، وهم بذلك يحوّلون الأموال من البنك الدولي ومن الوكالة الأميركية للتنمية العالمية ومن منظمات "مساعدات" أجنبية أخرى، كي تصب أخيراً في خزائن الشركات الضخمة وجيوب قلة من الأسر الغنية التي تتحكم بموارد الأرض الطبيعية. وسبيلهم الى ذلك تقارير مالية محتالة وانتخابات مزورة ورشاوى وابتزاز وغواية جنس وجرائم قتل. إنهم يمارسون لعبة قديمة قدم الإمبراطوريات ولكنها لعبة اتخذت في هذا الزمن العولمي أبعاداً جديدة رهيبة". وإذا ما فشل القتلة الإقتصاديون في تنفيذ مهامهم، تعمد الاستخبارات الأميركية إلى تصفية الزعيم الذي لم يخضع أو الانقلاب عليه، كما حدث أخيراً في العراق.

إن عمل بيركنز كـ"قاتل إقتصادي" في عدد من دول الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية، مكنه من تقدير حجم الانتهاكات التي تقوم بها المؤسسات الاقتصادية في هذه الدول، إلى الحد الذي يجعل من أي طرح إقتصادي راديكالي شراً لا بد من تصفيته فوراً. ولذلك كان بيركنز قد تنبأ عام 2017، في برنامج لعبة الأمم على الميادين، بالأزمة التي تنتظر الرئيس نيكولاس مادورو، بعد إعلان فانزويلا عن تأميم شركة "جنرال موتورز"، فحين "يقوم رئيس بتأميم شركة أميركية عريقة مثل "جنرال موتورز" فهو يُقدِّم دعوة مباشرة للقتلة الاقتصاديين للمجيء".

تتشابه سياسة اليمين اللاتيني مع ما كشفه بركينز في كتابه الذي ترجم إلى 30 لغة حتى الآن. حكومات تلجأ إلى البنك الدولي للاستدانة من البنك الدولي، من غير أن تكون هذه القروض ذا فائدة على تنمية الاقتصاد المحلي، فيما تلقي الديون بأعبائها لمدة طويلة على كاهل الطبقة الأكثر فقراً في هذه الدول، وتُربك الحكومات اللاحقة التي تحاصر في مأزق الديون المتراكمة. على سبيل المثال، لجأ الرئيس الأرجنتيني السابق ماوريسيو ماكري إلى اعتماد سياسات إقتصادية ليبرالية متهوّرة، تقوم على تخصيص كبرى مؤسسات الدولة ورفع يد الدولة عن الأسواق، ما سمح للشركات المحلية والعالمية بنقل أموالها إلى الخارج. هذا بالإضافة لاستدانة 50 مليار دولار من "البنك الدولي" بفوائد مرهقة لمنع التضخّم. أمام هذه "السياسات القاتلة"، وجد الرئيس اليساري المنتخب أخيراً، ألبرتو فرنانديز، بلده مرهقاً من إرث اليمين الثقيل ومن غير المؤكد أنه سيتمكن من التخلص من هذا الإرث المدمّر قريباً.

إن الإنقلاب الذي واجهه الرئيس المستقيل إيفو موراليس، يذكرنا بما يقوله بيركنز حول دور الولايات المتحدة الأميركية في تصفية الرؤساء الرافضين للانصياع لأوامر "القتلة الاقتصاديين" أو الإنقلاب عليهم، تماماً كما جرى لسلفادور أليندي في تشيلي، باتريس لومومبا في الكونغو، ومحمد مصدق في إيران. أو حتى ما حدث، لاحقاً، مع هوغو تشافيز في فانزويلا. 

فهل يكون نظام ايفو موراليس ضحية أخرى لـ"القاتل الاقتصادي"؟

المصدر: وكالات+إضاءات