في قلب جبال الأنديز البوليفية، استيقظ بركان خامد منذ أكثر من 250 ألف عام، في ظاهرة جيولوجية غير مسبوقة حيرت العلماء وأثارت تساؤلات حول طبيعة البراكين التي اعتُبرت "ميتة"، هذا البركان المعروف باسم أوتورونكو، أطلق سحبا من الغازات وهزات أرضية خفيفة، ما دفع الخبراء إلى تسميته بـ"بركان الزومبي".
- العلماء يتحرّكون.. ماذا يحدث في أعماق الأرض؟
فريق بحثي دولي من جامعات رائدة في الصين وبريطانيا والولايات المتحدة، بدأ بتحقيق معمق في هذه الظاهرة، مستخدمين تقنيات متقدمة مثل التصوير الزلزالي ثلاثي الأبعاد، وتحليل الخصائص الفيزيائية للصخور، بهدف فهم مصدر هذه النشاطات الغامضة.
خلافا لما كان يُعتقد سابقا، لم يكن سبب الاستيقاظ تصاعد الصهارة نحو السطح، بل اكتشف الباحثون أن حركة السوائل والغازات في الطبقات السفلية هي المسؤولة، هذه النتائج نُشرت في مجلة PNAS العلمية.
- تشوهات أرضية غريبة .. و"قبعة مكسيكية" تظهر من الأعماق
منذ تسعينيات القرن الماضي، لاحظ العلماء تشوهات أرضية غير طبيعية حول أوتورونكو، حيث يرتفع مركز البركان بمقدار 1 سم سنويًا، في حين تنخفض أطرافه، مما شكل نمطا غريبا يشبه قبعة "السامبريرو" المكسيكية الشهيرة.
وباستخدام بيانات مستخلصة من أكثر من 1700 زلزال، تم التوصل إلى أن خزان الصهارة العميق المعروف باسم "ألتيبلانو-بونا"، والذي يمتد تحت بوليفيا وتشيلي والأرجنتين، يضخ سوائل ساخنة وغازات بركانية مثل ثاني أكسيد الكربون عبر قناة ضيقة إلى باطن البركان.
لا ثوران قريب ... لكن الخطر قائم
على الرغم من هذه التحركات، لم تسجل أي مؤشرات على ثوران وشيك، مما يشير إلى أن البركان لا يزال في مرحلة "الاستيقاظ" فقط، دون أن يصل إلى حد الانفجار. غير أن هذا النشاط يقدم للعلماء منهجية جديدة لتقييم البراكين الخاملة في مختلف أنحاء العالم، ويعيد النظر في تصنيفاتها الخطيرة.
- أكثر من 1400 بركان خامد قد لا تكون نائمة فعلاً
يقول ماثيو بريتشارد، أستاذ الجيوفيزياء بجامعة كورنيل، إن هذه الدراسة تمثل تحولا كبيرا في فهم البراكين الخاملة، مشيرا إلى أن نفس التقنية يمكن استخدامها لفحص أكثر من 1400 بركان خامد حول العالم، من بينها العديد من "براكين الزومبي" التي قد تستيقظ فجأة دون سابق إنذار.
علم جديد ... لفهم قديم
هذا الاكتشاف لا يغير فقط طريقة تعاملنا مع البراكين، بل يفتح آفاقًا جديدة لفهم سلوك الأرض العميق، والتنبؤ بالكوارث قبل حدوثها، وربما إنقاذ أرواح لا تُحصى في المستقبل.

