ماذا بعدما كشف فيلتمان سر اللعبة ؟
أخبار وتقارير
ماذا بعدما كشف فيلتمان سر اللعبة ؟
غالب قنديل
21 تشرين الثاني 2019 , 17:30 م
تحركات ( فيلمتان ) بقناع اسمه الحراك اللبناني والهدف المقاومة وسلاح المقاومة .... الخطة الامريكية لاستهداف المقاومة و بقراءة موضوعيه بقلم الاستاذ غالب قنديل

بيروت

تتهاوى تباعا أقنعة كثيرة لتتكشف في ثنايا اليوميات الملتبسة والحافلة بالاحتقان والتوتر حقيقة التناقض الرئيسي الذي يحيط بالوضع اللبناني بما يتخطى تقنيات تنظيم المحاسبة العامة ومحاربة الفساد الذي يتردد شعارا في بيانات جميع الأحزاب اللبنانية بل وفي بيانات حكومات غربية خبرناها معادية للبنان وشريكة رئيسية في جميع حروب العدوان الصهيوني وهي الحكومات التي حجبت عن لبنان وجيشه أي سلاح او قدرة دفاعية تعتبرها تل أبيب تهديدا لقدرتها على استهداف اللبنانيين وتهديد اقتصادهم ووجودهم.

•أولا : كشفت كلمة السفير السابق جيفري فيلتمان امام الكونغرس كثيرا من الأوراق والعناوين واظهرت بوضوح وجود خطة أميركية للتحكم بدفة الحراك الشعبي ورسم اهداف سياسية لثورة الغضب حددها فيلتمان بتخيير اللبنانيين بين التمسك بالمقاومة مع استمرار العقوبات والضغوط المالية والاقتصادية التي سببت اختناقا ماليا واقتصاديا وفاقمت البطالة والهجرة او الرضوخ للضغوط والتنكر للمقاومة ولدورها كقوة حامية للوجود اللبناني ضد التهديد الصهيوني والتكفيري المدعوم اميركيا مقابل وعد أميركي بتسهيل إعادة ضخ الأموال الغربية والخليجية في القطاع المصرفي اللبناني والتعبير الواضح عن التقاط الفرصة التي عرضها المسؤول الأميركي هو محاصرة وتحجيم جميع أصدقاء المقاومة وحلفائها في الحكومة الجديدة. بات الموقف من هذا الهدف الذي جاهر به فيلتمان هوالسؤال المطروح فعليا على جميع اللبنانيين بدون أي استثناء وقد باتوا مدعوين صراحة للاختيار بين الخضوع للعبودية المؤبدة للهيمنة الأميركية الصهيونية وبين خيار المقاومة والتحرر.

•ثانيا : الهدف السياسي الأميركي المباشر الذي رسمه فيلتمان هو التقاط الظرف السياسي الراهن لتحجيم دور ومكانة حلفاء المقاومة داخل معادلة القرار اللبناني مما يدل بوضوح إلى المصدر الفعلي لمواصفات عديدة روجت عن الحكومة المطلوب تشكيلها بعد الانتفاضة الشعبية وبدت مسبقة الصنع وحيث يعتبر الأميركيون ان حلفاء المقاومة ضمنوا لها التغطية الدستورية والسياسية في قلب المؤسسات ووفروا لها الظرف المناسب لتعظيم قدراتها التي تقلق واشنطن وتل أبيب كما يقول فيلتمان صراحة وفي هذا التصريح عبرة لمن استدرجتهم حمى الشعارات وضجيج الطناجر إلى السير في ركاب استهداف رموز خيارالتمسك بالمقاومة في معادلة السلطة والمؤسسات وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس المجلس نبيه بري. الخيار الذي تقترحه واشنطن على اللبنانيين للتعامل مع الأزمة الراهنة طرحه بالتزامن قادة اميركيون تحركوا في الكونغرس وخاطبوا أمين عام الأمم المتحدة لتحريك رزمة القرارت الدولية الصادرة منذ العام 2005 لتكييفها وتأويلها بهدف تحريك عملية غزو أميركية غربية تحت راية أممية لنزع سلاح المقاومة وغاية ذلك هي التهويل السياسي لتطويع المواقف اللبنانية.

•ثالثا : إن هذا الفصل من الصراع يستدعي التمسك باليقظة الشعبية التي دعا إليها قائد المقاومة منذ البداية وهو ما يتخطى حدود الصبر العظيم الذي مارسه جمهور المقاومة وحلفائها وعطل به محاولات استدراجه إلى صدامات دموية لإشعال فتيل الفتن وتحويل الانتفاضة الشعبية إلى وعاء لتفعيل عناصر الفوضى المتدحرجة والصدام الأهلي وهو ما توخاه خاطفو الهبة العفوية قبل نداء السيد نصرالله إلى جمهور المقاومة وأنصارها بالخروج من الساحات اثر استهدافهم باستفزازات منظمة وغير بريئة في الأيام الأولى للانتفاضة وقد برهنت الأحداث على صحة ما حذر منه السيد نصرالله من اخطار تحيط بالحراك الشعبي في الساحات ومن محاولات ركوب وخطف مشبوهة توجها جيفري فيلتمان بلائحة الشروط التي أدلى بها امام الكونغرس.

•رابعا : انطلاقا من انكشاف الخطة الأميركية المعلنة يتحول الكباش السياسي المحلي حول تركيبة الحكومة الجديدة إلى صراع حول هوية لبنان وموقعه من الصراع الدائر في المنطقة بين محور المقاومة والاستقلال ومحور الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية وهو صراع بين خيارين لبنانيين هما خيار حماية لبنان والتمسك بقوة الدفاع والحماية الوجودية وخيار الخضوع للهيمنة الأميركية ولإملاءاتها والتفريط بالسيادة والاستقلال وإباحة البلد للمزيد من التبعية والنهب تحت ستار الإنقاذ المالي والاقتصادي. إن الكارثة المحدقة بلبنان هي حصيلة نموذج قام منذ التسعينيات واستمر تحت الهيمنة الأميركية الغربية وحروبها الصهيونية والتكفيرية ومع العقوبات الشريكة في توليد عوامل الانهيار وتلك الهيمنةهي راعية ما تراكم من هدر وفساد وسحق للقطاعات المنتجة وتخريب لموارد الثروة وجميعها صفات تلازم نماذج الحكم التابعة للهيمنة الأميركية في العالم الثالث وفي منطقتنا وهي جوهر وصفات البنك الدولي وبيوت الخبرة الغربية وهل يلتفت منظرو الثورة ويساريو الحراك إلى أن خصخصة الأصول العامة ومرافق الكهرباء والهاتف وردت بالتفصيل في كلمة فيلتمان؟ وألا يشي ذلك بتحضير وليمة نهب دولية محلية ضخمة تحت ستارانتشال لبنان من الانهيار ؟.

•خامسا : المطلوب في مجابهة المخطط الاستعماري تأكيد الثقة بالمقاومة وقيادتها وبمصداقية هذه القيادة التي قدمت تضحيات كثيرة دفاعا عن وجود لبنان وعن سيادته ولحماية السلم الأهلي والوحدة الوطنية.وتستدعي التحديات المستجدة نقاشا صريحا ومعمقا في صفوف جميع الوطنيين اللبنانيين بمن فيهم من أربكهم انفجار الغضب الشعبي او اغرتهم الساحات بفرص تعظيم الحضور فنزلوا إليها وانساقوا احيانا خلف توهمات جارفة او تورطوا في شعارات ملتبسة دون تبصرولابد من مراجعة نقدية شاملة للمرحلة السابقة فالمعركة القادمة هي الأصعب والأهم لأنها معركة تحرر من الهيمنة الأميركية ونموذجها الاقتصادي السياسي الاجتماعي الكسيح مولد الأزمات والمظالم وبؤرة الفساد والتلوث وينبغي التحضر لخوضها بجبهة شعبية للدفاع عن الوطن وللتمسك بالمقاومة وسلاحها وللتخلص من الهيمنة الاستعمارية ونموذجها الريعي التابع والمدمر وهي دعوة كنا وجهناها سابقا لمجابهة العقوبات الأميركية ولو لقيت التجاوب المنشود لكنا ربما لاقينا اندلاع الانتفاضة بجاهزية سياسية وتنظيمية تسمح بتعديل الكثيرمن المسارات. هذا الفصل من معركة التحرر الوطني لن يكون سهلا ولا عابرا بل إنه سيطول امام شراسة الحلف الاستعماري الصهيوني وهويتطلب صبرا وصمودا ونفسا طويلا ووعيا كما كانت بالتمام معركة مقاومة الاحتلال وتحرير الأرض.إنها معركة الاستقلال الحقيقي وإعادة البناء الوطني والتوجه شرقا لتخطي الأزمات الخانقة التي أغرقت اقتصاد بلادنا ودمرت فرص التنمية الحقيقية.

المصدر: وكالة سبوتنك + اضاءات