أدب
صرير الاصداء يوقع من يده قلبه...
،ومع حيرة الاصداء..يصعد السلم المفروش بالخوف...,
خوف تشربه اذناه مع دقات الساعه..!
وتتسمر في دمه الاصداء..لأصوات حزينة..,
الاشعار والاغاني تدخل في دمه.. ترعاه تحت الجلد...,
يتساءل:أيمكن ان يموت ذلك القلب؟!
حبل من الحصار بين ثنايا الليل..ترتعد فوقه عصافير المساء..
وهو تحت الحبل..بكتم صرخته عبر الظلمات ..
تمزقه دقات الساعة الكئيبة كأنها صرير مدرعة..,
تخترق عظامه...,و..عصافيره المسائية..لتحط في قلبه!
* * *
وأخيرا عاد..عبر فصول الارض والسماء...!
يتكلم شــجنا..ويضحك اقمارا.., ويبكي امطارا..!
يتنفس طين الارض..ويرقص برقا متأرجحا فوق حبل مشدود..,
بين جدران الصمت والحصار..
..وكان المهرج ــ مازال كما هوــ يرقص عبر الساحات..
يصبغ شعره ويضحك في المذياع المسموع والمرئي...,
ويلتوي رقصا فوق مسرح العبث اليومي..,
يخرج للناس حتى في اوراق الاعلانات..,
ويغسل إبطيه بخمر جوع الغلابة...,
و يأكل احلام الاطفال السمر... !!
ويستلقي فوق وعود حجرية..كي تلد له مسوخا منفوخي الاوداج ..!! ..
..لاحظ ان المهرج لم يتغير منه شيء...,
سوى انه اصبح بجلباب قصير ..ولحية!!
ويتنهد:كنا في عصرٍ نبتهل فيه الى الشجر كي يبقي كل الفصول..
حتى تتركنا الريح السوداء..فانتقلنا الى عصر الصمت الاسود..
-قد جئتكم متأرجحا في قيود غربتي واشعاري ..!
اغتصب الكلمة بعد الكلمة واصرخ :
يا أرض..يا أرضي
كوني لي قداسا اتلوه في صلاة الرفض ...,
كوني سكينا اغرسها في قلب الحقد ..
كوني قصيدة مسنونة افقأ بها عين الصمت...!
* * *
ينظر إلى الناس الذين يحدقون في الصمت..,
الذي أعشاهم عن صراخ الضوء في عين السماء الباهتة...!
الصغار جاعوا .. والأرض البور تنْشــق..,
نادى الصغار.., فرد الصدى صوتهم في الليل
غنوا.. بكوا.. توســّلوا .., شقّوا الجيوب الخــاويه ..!!
فلا شيئ يأكله الصغار.
فاترك عباءتك البالية أيها المهرج الرسمي على باب المسجد...,
ليبيعها الصـغار ..ويشتروا لهم بعض الحنطة .. بعض الزاد..!
* * *
هو .. طائر صلبته الرؤى والأحلام ...,
يتمشى كل يوم على شعاع الشروق..,
أفلت أكثر من مرة من طائر الموت ..,
وصلب نفسه على صدر الأرض يغني لها...,
فيهتز جسدها عرساً في النهـار ..,
ويرتـدُّ عـواءً مع الريـح في آخر الليـل ..
يلتف مع الريح الخفية .. .,
ويخفي عينيه عنها من رعب روح تمردت على الجُرح..,
مدعياً فرحاً لم يحدث ولم يأت..!!!
سرب من حمام حط فوق عينيه ..,
وطار يتأرجح في دوامة صمت....
مغمضا عيناه على ما تبقى من ارض...,
زارعا على ما تبقى من صخرها اغنياته الاخيرة..!!
* * *
عيناه طافحتان بشمس الجوع...,
ظمآن يشرب من صخرة الريح...,
وقلبه الطائر تخطفه شرارة برق في الليل الحالك..,
يتخبط بين سكاكين الرعد ...,
مرتعشا على ارض تدور على محور سجن..,
او حواجز من صنع عدو وعدو آخر..!!
مدن الصمت تعلو تلال ارض..,
كانوا يوما يتغنون ويفتحون صدورهم لعودتها..,
بأجراس وصلوات عبثية تشنقه وتشنق جيله كله...!!
يشنقه ليل الاخوة قبل ليل الاعداء ...,
يسمع ريحا تولد في الاعماق...!
ينتظر لغة اخرى تحملها هذي الريح بغتة..,
و تقول للسفلة ... انتم سفلة ...!
* * *
ينطلق بوجه فارس من ذلك الزمان يستجمع في عينيه التائهتين..,
ما تنطقه الارض من بذور الكلمات ..
ليالـيه مغمغمة بالاحلام الضائعة ..,
وصباحاته مسلسلة بالالام....!
يسير خلال مدن الصمت الوحشي...,
يضـيق عليه هواء البر..والحرية..
ــ لم بقيت هنا ؟!ولم تهرب لأرصفة اخرى؟
ــ ابقاني جرح نازف منذ ذلك الزمان محفور في صليب ايامي...,
ينزف شجرا وفطائر عيد للمحرومين...!
ينزف رجالا ..,وسمراوات مغمورات بالاحلام..!
ــ ماذا يبقيك والريح قد طَمَـرتْ الرؤى ؟!
..والجرح مندمل في عينيك ورعب الدنيا يصرخ في مآقيهما ..؟!
ــ كي يبقى منّـي حلم المطر...,
وطائر الرعد الذي انتظر..!!
* * *
ينطلق عبر التلال الترابية..يجوس الارض والقمح والاقمار..,
ويغافل حارس الليل..ويهرب تحت جلباب الريح...!!
تساوره وتحاوره الهموم والاحزان واللقمة العصية...
يشد الخطى نحو مدينة الحلم..تسأله:
ـــ لِمَ جئت الى اعتابي يا غريب .؟!
ـــ ضللت الطريق..وتهاوت مسالك الارض امامي..,
وساقتني التراتيل السماوية اليك!
.... دارت الارض به حين التقاها ...,
في نهديها فاجت ازهار برية..
وفي عينيها نزلت اشرعة صمت....,
... مَـرَّغ وجهه بين جدائل شعرها.., يقلبها ويرتعد..
ويلوذبها فتعيد الكرة وتضمه...,
يغوص بصدرها يشهق مغتبطا كأنه يراقص جنيه...
لم يأتيه النوم..ولم يستيقظ
ومنذ ذلك الزمــن ..., وآه من الزمن ..,
ما زال يقرأ ما كتبته ضفائرهــا على وجهـه ...!!!
* * *
عبر الشوارع والازقة المظلمة..
دخل المدينة
ليخوض في احلام دفينة..,
شاهد عسس السلطان..فجرا اليوم...,
يتفقدون القادمين واحدا.. واحدا...
كانوا يعشقون صمت الرعية
قابله الشرطي..صاح به..هل تحمل قفل المدينة؟!
قال: لا..,بل قرأت تاريخها ورؤاها الخفية واعيارها وميراثها وعصارة احزانها
-اذن انت مارق!
ــ بل ابحث عن لقمة .. تسد جوعي فقد تعبت من مضغ الحروف والكلمات!
-اذن انت تقرأ..وتتكلم كثيرا..
حقا انت مارق خطير..!!
ــ وهل كسرة خبز وحفنة ماء تجعلني مارقا ..
هل انا قادم الى مدينة جوع؟!!
..جئت وحيدا..لأنادي من يجلس على عرش المدينة
اقلب عيني في تصاويره التي تملأ الشوارع والحوانيت..!
-انت تعبث في الذات السلطانية!
الم اقل لك
انك قارئ
ومتكلم
...مارق.. مارق!
انت..انت..
واخرج من جرابه سلاح الموت
..سمع الغريب صياح الطلقة
والشرطي يقول
انت لست ب حي!
..وكان الموت على الاسفلت
بتهمة المروق..!!
والتعدي على الذات السلطانية
.., اللئيمة!
* * *
