لــمـاذا... لأننا  جيل الحلم  المسروق \  د. ياسر أكرم دودين
ثقافة
   لــمـاذا... لأننا  جيل الحلم  المسروق \ د. ياسر أكرم دودين
د. ياسر أكرم دودين
27 تشرين الثاني 2019 , 01:42 ص

     لــمـــــــــــــــــــاذا... لأننا  جيل الحلم  المسروق 

نحن الذين ولدنا في منتصف الخمسينات وبداية الستينات.. وصحونا على شعارات المد القومي فوق رؤوسنا قبل أن نمارس الكلام !.. لنكتشف بعدها بزمن أن الانسان العربي يقضي سنواته الاولى في تعلم النطق .. لتتكفل الانظمة الحاكمة بباقي عمره لتعليمه فضيلة الصمت ..!!

.... نحن الجيل الذي ولد مع بدايات ثورات مزعومة بشرتنا بالتغيير والتحرر..

لنكتشف بعدها ونحن في بداية عمرنا ، انها ما كانت الا انقلابات لضباط مغمورين.. بعضهم – وهو ماثبت بعد ذلك- كان مأجورا للمستعمر !!

... وصحونا ونحن في بداية سنين المراهقة على نتيجة مراهقتهم السياسيه التي جرتنا في عام 1967 الى أبشع هزيمة في القرن العشرين على يد الكيان الصهيوني العدو الاول لشعوبنا العربيه ..... وعندما كبرنا وتعلمنا وتثقفنا...

أدركنا : أن أنظمة فاسدة تدوس بالنعال على رقاب مواطنيها وتنتهك حريتهم من المستحيل أن تصنع لهم  انتصارا ...؟!!

..... نحن جيل الحلم المسروق الذين تابعنا بداية الانطلافة الجديدة لثورتنا الفلسطينية ... لنراها بعد ذلك تحاصر من هذه الانظمة ذاتها قبل ان تحاصرها اسرائيل... وبتقديم التنازلات لهذه الانظمة ، كان تقديم التنازلات للكيان الصهيوني ...!!  ولتبدأ الكوارث والمذابح لهذه الثورة ولشعبها ....، هذه الثورة التي بدلا من دعمها تم اخراجها بمذابح بشعة لها ولجماهيرنا من دول الجوار والمواجهة !!

باحثين لها عن خوازيق أخرى استقر اخرها في " اوسلو" وما تبعه من مصائب على اراضيهم وبمباركتهم ..!!

  واستبدلت هذه الأنظمة دعمها لنا من معلبات الخطاب القومجي المزعوم الى خطاب السلام المهين والهرولة على اعتاب البيت الابيض !!!

....  نحن جيل الحلم المسروق ..  وانا واحد منهم.. خرجت من الوطن المحتل مع بداية السبعينات للدراسة الجامعيه ...  واستقر بي المقام في مدينة أحببتها وعشقتها "الاسكندريه" ... اختلطت بناسها وأهلها وبسطائها ومثقفيها ومستنيرها ...

وتعلمت منهم الكثير ... وكانت فترة دراستي هي أسوأ فترة مرت على الشعب المصري الحبيب الى قلبي . فقد دخلتها وهي على ابواب سياسة. الانفتاح الساداتية والشعب المصري مكسورة افراحه "بنصر أكتوبر" عند" الكيلو 101"

.... وتابعت خلال دراستي نمو الجماعات المسماه " اسلاميه" حيث كنت على قناعة مع مثقفي الاسكندرية العزيزه أن هذه الجماعات ما هي الا من صنع الاجهزة الامنية للسلطه وهدفها هو ضرب القوى التقدمية واليسارية... وان المستقبل

قاتم ومريب بوجودها ؟!!... (وهو ما ثبت فيما بعد) ... وتركت الاسكندرية ومصر العزيزه مع بداية حقبة الثمانينات وهي مقيدة باتفاقيات كامب ديفد المخزيه وملاحقها السريه...

    ومع نهاية تخرجي وبداية عملي .. بدأنا نرى اللحى والجلابيب القصيرة  لجماعات الخطاب الديني المنتشرة في بقاع العالم العربي بافكار يدّعونها وخطاب ملخصه:

    الى الخلف در ..!!

     ... وبدأت كوارث الثمانينات  تهل علينا بدءا من اجتياح لبنان وتشريدنا  مرورا بتصاعد القمع الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية  واندلاع الانتفاضة الاولى التي جاءت أملا وحلما ونارا عفوية جميله ... لكنها اجهضت بدخول أبوات الخارج

(جمع ابو فلان) اليها  ليسرقوا النار الجميلة ... الحلم !!

.... نحن جيل الحلم المسروق .. الذين شهدنا زعيما عربيا في نفس حقبة الثمانينات ممن يحملون لنا خطابا قومجيا معلبا ... يدخل حربا عبثية  مع جيرانه الجدد الذين ثاروا على حاكم فاسد... ليقنعنا نحن السذج الذين علينا ان نصدقه _ بالرغم من وضوح التحريض والدعم له من المؤسسة الاميركية الحاكمه_ بأن الطريق الى تل ابيب يمر عبر طهران ..!!  وهو نفسه الذي سيتفرغ بعد ذلك ل "أم المعارك" التي وعدنا بها مع بداية التسعينات متذكرا فجأة ان "الله أكبر"... !! ليضعها على علم البلاد موهما نفسه وموهمنا أنه بذلك سيحقق النصر المزعوم .. لنصحو ا على أكبر خيباتنا صباح 15-1-1991 .. هزيمة قاسية أخرى تعود بنا وبشعبه خمسين سنة الى الخلف !! ويصر نفس الزعيم على المناطحة والمكابرة برغم حصار بلده وحصار نفوسنا  فيسبح في النهر على مراّى من غرقنا..!! واعدا ايانا بأمهات معارك جديده..! فكانت النتيجة الطبيعية هزيمة قاسية اخرى ... ليدخل الامريكيون وحلفاؤهم الى مهد الحضارات يعبثون تدميرا وفسادا وتشريدا وفتنا طائفية ومذهبية ... لتبدأ حقبة جديدة  لاستعمار جديد سافر ومهيمن على المنطقة باسرها ... فاتحا المجال للانظمة المجاورة للسفور عن وجهها الحقيقي

المتخم بالولاء لطغمة غبية في واشنطن التي لا ترى فيهم سوى انهم قوادين  لها (وهم كذلك)... !!

....

نحن جيل الحلم المسروق ... سرقوا احلامنا في النصر حين هزم العدو الصهيوني على يد المقاومة الباسلة في لبنان (جارتنا الكنعانيه) مع بداية هذا القرن الجديد بأقسى هزيمة منذ بداية حروبهم معنا _ وهي نصر تموز 2006_ .... لنفاجأ بسياسيي المنطقة العربية المتطرفين لمصلحة امريكا والتي أسمتهم "عرب الاعتدال " !!  يقفون علانية في خندق العدو ضد هذا النصر وضد المقاومة ليبدأ عهد جديد من الكرازايات ( نسبة الى حميد كرزاي- افغانستان-) في المنطقه العربيه في لبنان والعراق والخليج وغيرها .. مسفها هذا النصر ومتنازلا عن حق المقاومة ومرتميا ومرتهنا باحضان اصغر مبعوث من الخارجية الامريكيه

..... نحن جيل الحلم المسروق ..

      الذين شهدنا منذ بداية تكويننا وعبر ثلاثة عقود جماعات الحقوق المدنية الوطنيه من احزاب ونقابات وجمعيات خيرية مهمتها كانت ولا زالت الدفاع عن الارض والانسان والوقوف بوجه العدو .. والسلطات الدكتاتورية على السواء !!

ليفرض علينا مؤسسات حقوق مدنية اخرى بتمويل امريكي مشبوهة الدوافع فتقول انها من اجل حقوقنا .. كيف ؟؟!    وهم اول المنتهكين لحقوقنا ولاحلامنا في الوطن والحياة ... ومؤسساتهم تلك تأتينا باسماء متعددة مثل " حماية الاسره" و "حقوق المواطن " و "حقوق المرأه" و الاتحادات النسائية المتعدده ... والادهى من ذلك أن تتولاها السلطات الرسمية عندنا من خلال الرئيسة الفخرية – السيدة الاولى لهذا البلد أو ذاك !!- .. والحقيقة تقول ان هذه المؤسسات جاءت بهدف تفتيت مجتمعاتنا بداية من الحصن الاول – الاسرة- ليسهل حكم وقمع هذه المجتمعات بعد تدجين انظمتها الرسميه !! ... واقرأوا مشروع الشرق الاوسط الجديد – الامريكي-  لتجدوا ان اهم بند فيه هو هذه المؤسسات المذكوره ..!! ونعود لنسأل : كيف ؟؟! من يهين كرامتنا ويقتل اطفالنا ونساءنا ويغتصب مع شريكه الصهيوني حقنا في الوطن والحياة .. هل هو وصي على حقوقنا المدنيه ؟؟!!

..... وبعد .. هناك الكثير في مسيرتنا بحاجة للحديث عنه ، وهناك الكثير سقط من هذه الوريقات .. ولاعلام التخدير وفضائياته المتعددة في عالمنا العربي حديث اخر      - فهو جزء من المسيرة التي فرضت وتفرض علينا للان !! – أجلناه الى حين....

ولكن هذه مقدمة وأول الكلام  لمقالات كتبتها منذ نهاية السبعينات .. وسأظل اكتب هذه اليوميات حتى موتي .. ولو كان فيها موتي !! حتى لايسرق الحلم منا ومن ابنائنا لاننا ببساطة لانملك الا ان نحلم !!

 

    وقد تأتي هذه المقالات على شكل قصة قصيرة أو شعر أو خواطر من مفكرات ولكن مهما كان شكلها او عنوانها  او زمن كتابتها فانها جميعا تندرج تحت نفس العنوان : يوميات الحلم المسروق ... لانه مازال مسروقا ...!!!

 وبالرغم من كل هذا فنحن لانفقد الحلم  ولن نفقده .. وسنظل نحلم بفجر اخر مختلف  ...  وبموال نهار  جديد للوطن ... وكما يشدو مبدع من جيلنا

            " محمد منير"

                    لوبطلنا نحلم .. نموت

                    لو عاندنا .. نقدر نفوت

                    لو عدينا مره ، خلاص ..

                    لو ردينا .. ضاعت خلاص ..!

  .... ولهذا سنظل نحلم .. ولن نفقد الحلم ...

المصدر: وكالات+إضاءات