إستقال الحريري بأمر أمريكي ويحاول تشكيل حكومة وفق تعليمات أمريكية دون جدوى, فلا حزب الله سيلبي ربته ولا جبران باسيل ومن خلفة التيار الوطني الحر, عمد الحريري الى ادعاء عدم رغبته برئاسة حكومة لبنان, بينما هو مُستميت للعودة لمقر الرئاسة في بيروت, عمد سعد على حرق الأسماء المنافسة وكان مسرحيته بقبول تشكيل سمير الخطيب ومن ثم رفضه كما فعل مع كل من سبقه, ففي عودة الى وقائع اليوم الأخير من رحلة الخطيب، تبيّن أن الرجل كان في ضيافة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، حين حضر فجأة وزير الاتصالات المستقيل محمد شقير، موفداً من الحريري، وحاملاً رسالة تقول إن تطورات استجدّت؛ أبرزها إعلان العائلات البيروتية رفضها تكليف الخطيب، وأن دار الفتوى تستعد لعقد اجتماع موسّع للمجلس الشرعي الإسلامي لإصدار موقف يعارض ترشيحه، وأن هناك استعداداً لاحتجاجات كبيرة في صيدا والبقاع والشمال.
سمع الخطيب الرسالة، كما سمعها إبراهيم، واتفق عندها على أن يتوجه الخطيب الى بيت الوسط على الفور وإعلان عزوفه من هناك. لكن الحريري رفض، معتبراً أنه سيصار الى تحميله المسؤولية، واتفق على مخرج يقوم على زيارة الخطيب مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ليعلن من هناك اعتذاره، ثم الذهاب الى بيت الوسط لإبلاغ موقفه هذا الى رئيس الحكومة.
الخطيب كان يحتاج الى هذا المخرج، لأنه لا يريد الدخول في مواجهة مع «أهل بيئته». وهو كرر أن الحريري رشحه، وأنه يفضّل أن يعلن تراجعه من بيت الحريري. لكنه كان يسعى في تلك اللحظات الى تقليل حجم الأضرار التي أصابته، علماً بأن كثيرين لم يكونوا يصدقون أنه سيشكّل الحكومة، وخصوصاً أنه هو نفسه كان قد عبّر عن امتعاضه من طريقة تصرف الوزير جبران باسيل معه. وروى كيف أن الأخير حاول فرض صيغة حكومية وتوزيع الحقائب بطريقة لا تراعي أنه ليس هو من يشكّل الحكومة.