روح الاستشهاد ودعم
مقالات
روح الاستشهاد ودعم "محور المقاومة" سر الاقتدار الفلسطيني \زهراء كركي
زهراء كركي
14 كانون الأول 2019 , 19:11 م

 

 الجنون بات مرافقا هذه الأيام لرئيس الحكومة الإسرائيلية الهشة، بنيامين نتنياهو الدائم الصراخ والعويل محذراً من تهديدات إيران وحلفائها في المنطقة، عبر الإيحاء بأن طهران توشك أن تُوجّه ضربات للبنية التحتية الإسرائيلية.

عويل نتنياهو وآخرين من القيادات العسكرية الصهيونية جاء في اعقاب المواجهة الاخيرة مع الجهاد الاسلامي في غزة، ولاحقا كشفت حماس خفايا العملية الفاشلة لوحدة "سييرت متكال" الاستخبارية الإسرائيلية في قطاع غزة التي أفشلتها كتائب القسام وأطلقت عليها عملية "حد السيف" في11 نوفمبر 2018.

لقد وصل الاقتدار الفلسطيني بفضل الجهوزية والروح الاستشهادية من ناحية، ودعم محور المقاومة وعلى رأسه الجمهورية الاسلامية من ناحية اخرى، بحيث بدأ الرد الفوري على اعتداءات الكيان الصهيوني، واشتراط الجهاد الاسلامي لوقف اطلاق النار ايقاف الاغتيالات، ورفض العودة للتفاهمات القديمة التي كانت سائدة قبل الاغتيال، وما يسجل ويرفع الرأس عاليا الحاضنة الشعبية للمقاومة، والتي كانت لافتة من خلال حجم الجنازة التي خرجت لتشييع جثمان الشهيد ابو العطا ومطالبة أهل غزة بقصف تل ابيب رغم معرفتهم التامة وخبرتهم السابقة عن حجم المعاناة التي ستنتج عن هكذا مواجهة، ما يعني أيضا ان نظرية العدو بالحروب الخاطفة والحسم الواضح, اثبتت هذه المواجهة سقوط نظريته .

فقد تحول الكيان لنظرية الدفاع وانهاء المواجهة, بينما كان الإنهاء بيد الجهاد الاسلامي بعد تدخل الوسطاء، اما الحسم فلم يتحقق ابدا وانتهت المواجهة وعادت الامور كما كانت، لقد تأكدت هذه الامور من خلال الشلل الذي اصاب الاقتصاد وقطاع التعليم ونزول معظم المستوطنين للملاجىء وحالات الرعب والذعر التي اصابتهم.

على مستوى الجهاد الاسلامي وهو فصيل واحد وعندما اغتال الكيان أمينه العام فتحي الشقاقي كان الجهاد يملك بندقية واحزمة ناسفة اما اليوم فيملك اسلحة نوعية من صواريخ بمديات بعيدة ودقيقة ومن طائرات مسيرة لم تستدعي ضرورات المعركة الأخيرة استخدامها وبقيت اسرارها محفوظة لمواجهات قادمة، أما محور المقاومة فلم يكن معزولا، فسلاح "سرايا القدس" مصدره محور المقاومة الذي كان يتابع بعين الشريك الذي يعرف حجم قدرات شركائه وامكانياتهم في منع العدو من تحقيق اهدافه، ولو استدعت الضرورة تدخله لما توانى عن ذلك، ولنا في ما حصل بسوريا تجربة، رغم الحرب الكونية وعشرات الالاف من المقاتلين التكفيريين الأشداء.

كما أن اغتيال قيادات المقاومة، والغارات اليائسة بين الفينة والفينة على قوات محور المقاومة وخاصة في دمشق، ليست الا ردود متاخرة كثيرا، برغم أنها قد تبعث قليل من الأوكسجين السياسي لحالة الوفاة السريرية للغدة السرطانية الصهيونية.

الشيء بالشيء يذكر، فقد عاد وأطل قائد حماس في غزة الأسير المحرر ومؤسس العمل الامني يحيى السنوار ليشكر ايران على الدعم العسكري الذي تقدمه للمقاومة في قطاع غزة، وقدم المعلومة المذهلة عن قدرات المقاومة، وتفاخر بالإنجاز الميداني الذي أربك الحسابات الإسرائيلية، فالرجل لم يفش سراً، وإنما كشف الغطاء أمام الشارع الفلسطيني والعربي عن واقع المقاومة الذي يشكل مفخرة للعالم العربي والاسلامي، ويشكل راحة للفلسطيني الذي ظل لسنوات حقل تجارب لكل أنواع الأسلحة الإسرائيلية.

إن شكر السنوار لايران يمثل موقف القائد المسؤول الذي ينسب الفضل لأصحابه في تحقيق هذه القوة المخيفة للعدو، وفي هذا التصريح تحدٍ للكثير من الدول العربية التي خذلت المقاومة، وحاولت جرها إلى مربعها، مربع التطبيع، والاعتراف بإسرائيل، وهذا الموقف الذي تعاديه إيران، وحرصت على إفشاله من خلال تزويد المقاومة بالمال والسلاح والدعم اللوجستي، بهدف زلزلة الاستقرار الإسرائيلي، وهز حلف المطبعين، المؤمنين بقدرات إسرائيل، وتفوقها في المنطقة، وعلى هذا الموقف يلتقي رجال المقاومة مع إيران، كما يلتقي رجال المقاومة في فلسطين مع تركيا الصاعدة، وهي تفتش عن مناطق نفوذ جديدة، تفرض عليها الاصطدام بالتوسع الإسرائيلي والأمريكي.

الشكر لإيران لا يعني الشكر للمذهب الشيعي، ولا يعني الذم للمذهب السني، الشكر لإيران شكر للموقف السياسي، والذم لدول التطبيع العربي، لا يعني ذم المذهب السني، وإنما ذم لموقف تلك الدول التي وصفت المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، وحرصت على تقبيل يد نتانياهو الذي يعادي السنة والشيعة معاً، ويتآمر على الإنسانية كلها، مستعيناً بسلاح المذاهب الذي صار مقصلة لحرية الشعوب وخلاصها من الطغاة. جرأة السنوار هي جرأة المقاتل، الذي لا يهاب الردى، ولا يتردد في الإفصاح عن الحقيقة، فهو يعرف الحقائق على الأرض، ويعرف التفاصيل التي يجهلها الآخرون، تحدث بما لا يصدقه البعض عن إيران، والتي حاولت كل أجهزة الإعلام الغربية وإعلام المطبعين أن تجعل من إيران شيطاناً رجيماً يدنس المنطقة، بينما جعلت من إسرائيل ملاكاً للرحمة، وعنواناً للإنسانية.

ولا زلت اتذكر كلمات الرئيس البوسني السني واعذروني لهذا التعبير عندما قال بالحرف الواحد لولا ايران ودعمها للمقاومة البوسنية لما بقيت هنك بوسنة وهرسك، أستذكر كلماته وعيني على فلسطين وتحريرها القريب، وأن آخر مرحلة من مراحل الهجوم الاستراتيجي لحلف المقاومة ستكون عبارة عن عملية عسكرية خاطفة، تؤدي إلى زوال بيت العنكبوت بأسرع ما يتصوّر الجميع.. وما ذلك على الله بعزيز ..

المصدر: وكالات+إضاءات