الإعلام العبري , لا يزال سمير القنطار يقلقه بالرغم من رحيله
أخبار وتقارير
الإعلام العبري , لا يزال سمير القنطار يقلقه بالرغم من رحيله
زهير اندراوس
16 كانون الأول 2019 , 23:04 م

كتب الراصد للإعلام العبري زهير أندراوس, عن تحقيقات التلفزة العبرية عن الإغتيالات, يتناول اليوم الرواية العبرية إستهداف الشهيد البطل سمير القنطار, تقد لكم ما كتب ونتمنى أن نقرب لكم طريقة تفكير العدو الصهيوني.

إضاءات 

 

في فيلمٍ وثائقيٍّ تل أبيب تُقِّر بصورةٍ غيرُ مُباشِرةٍ بأنّ اغتيال القنطار كان ثأريًّا وانتقاميًّا وترفض تحمّل المسؤولية وصحافيٌّ بـ”هآرتس”: “إسرائيل جعلت القتل مصدرًا للفخر وقُدوةً”

يُواصِل التلفزيون العبريّ، وتحديدًا القناة الـ13، عرض حلقات برنامج التحقيقات الاستقصائيّ (قائمة الاغتيالات)، الذي أعدّه وأنتجه مُحلِّل الشؤون العسكريّة، ألون بن دافيد، المُقرّب جدًا من المؤسسة الأمنيّة في كيان الاحتلال، وبالتالي فإنّ البرنامج يقوم بتمجيد وتهليل الأجهزة الأمنيّة في الدولة العبريّة، وبالإضافة إلى ذلك، يعمل البرنامج، الذي اعتمد على كبار القادة الأمنيين في السابِق ومن جميع الأجهزة الأمنيّة، يعمل بشكلٍ واضحٍ على أنسنة المجتمع الإسرائيليّ وجعله الضحيّة وليس الجلّاد، وفي المُقابل يقوم البرنامج التلفزيونيّ، وهو يدخل في إطار الحرب النفسيّة بشيطنة كلّ الناطِقين بالضاد، وبشكلٍ خاصٍّ، يعمل بدون كللٍ أوْ مللٍ على عرض الإنسان العربيّ على أنّه الإرهابيّ مع أل التعريف، وأنّ الحرب عمليًا، وفق البرنامج، تدور بين الأشرار، أيْ (العرب) ضدّ الطيبين أيْ (اليهود)، فالعرب يقومون بتنفيذ عملياتٍ إرهابيّةٍ، وفق منطقهم، واليهود، يقومون بالردّ عليها (!).

 

وليلة أمس الأحد، وعلى مدار ساعة ونصف الساعة عرضت القناة الـ13 الحلقة عن الشهيد سمير القنطار، حيثُ كان واضِحًا وجليًّا، أنّه بعد مرور أربعة أعوامٍ على عملية اغتياله في حيّ جرمانا بالعاصمة السوريّة، دمشق، وتحديدًا في الـ19 من شهر كانون الأوّل (ديسمبر) من العام 2015، ما زالت إسرائيل الرسميّة لا تُقّر ولا تعترِف بمسؤوليتها عن العملية الإرهابيّة، التي استهدفت القنطار، وفي هذا السياق قال الجنرال في الاحتياط موشي يعلون، والذي شغل خلال عملية التصفية منصب وزير الأمن، قال أمس للتلفزيون العبريّ إنّه لا يعرِف من نفذّ العملية، ولكن بابتسامةٍ عريضةٍ وخبيثةٍ قال إنّ مَنْ نفذّها كان عبقريًا، وأنّ العملية تؤكّد على أنّ المُخططين لها كانوا على علمٍ بتحرّكات القنطار بسوريّة، على حدّ تعبيره.

 

بالإضافة لمُواصلة إسرائيل نفي مسؤوليتها عن عملية الاغتيال بشكلٍ رسميٍّ، فقد قال مُعّد ومُقدّم البرنامج، المُحلّل بن دافيد قال بدون أيّ اعتراضٍ من قبل الرقابة العسكريّة في تل أبيب، قال في مُقدّمة البرنامج إنّ عملية تصفية الشهيد القنطار تمّت من مُنطلقاتٍ ثأريّةٍ واضحةٍ، من قبل الجهة التي نفذّت العملية، والجهة الوحيدة، التي يوجد لها “حسابًا مفتوحًا” مع القنطار، على حدّ تعبير المُحلِّل هي إسرائيل، وبالتالي يُمكِن القول والفصل إنّ جميع التلميحات تؤكّد أنّ كيان الاحتلال هو الذي قام بتنفيذ العملية.

 

الثأر والانتقام وما إلى ذلك من تعابير ومُفردات مأخوذة من وطن الإجرام، إذا جاز التعبير، ومن العالم السفلي ومن عصابات المافيا والإجرام المُنظّم، برزوا بشكلٍ واضحٍ عندما أجرى المُحلّل لقاءً مع القائد العسكريّ لمنطقة شمال إسرائيل في تلك الفترة، والذي كان مسؤولاً عن عملية اعتقال القنطار ورفيقه وتصفية الفدائيّ الثالث الذي كان معهم، حيثُ قال إنّه قبل إطلاق سراح القنطار طلب من مصلحة السجون في الكيان الالتقاء معه، ولكنّهم رفضوا، وعندما سأله المُحلّل ما أراد أنْ يقول له ردّ الجنرال في الاحتياط قائلاً: سمير القنطار، أنتَ قاتل دنيء، كان بمقدورنا أنْ نقتلك عندما ألقينا القبض عليك، ولكننّا لا نسمح لأنفسنا بالتنافس معكم في قتل الأطفال، وتابع الجنرال قائلاً: كنتُ سأقولُ له أيضًا: عُد إلى لبنان، ولكن تذكّر أنّنا في أعقابك، وسنصِل إليكَ عاجلاً أمْ أجلاً، على حدّ تعبيره.

 

الصحافيّ التقدّمي غدعون ليفي من صحيفة (هآرتس) عقّب في مقالٍ نشره بصحيفة (هآرتس) قائلاً: تُحِّب إسرائيل الانكباب على ذكرياتها الدامية: كيف قتلنا، كيف صفينا، كيف اغتلنا، يا لنا من أبطال! بين الحين والآخر فيلم آخر، ليس سوى بث دعائيّ في صالِح القتل، الهذر عن بطولات إسرائيل، ودومًا بالسجود وبالإعجاب بالأبطال المصفين، ودومًا بالغمز المليء بالأسرار وبمعرفة كلّ شيءٍ، دون طرح أسئلةٍ، ودون التشكيك ودون الخوض في نقاشٍ جديٍّ، على حدّ قوله.

 

وتابع: لا يوجد الكثير من الدول التي تبعث بوحدات التصفية لقتل أعدائها وهم نيام أمام عيون نسائهم وأطفالهم، بل وأقّل من ذلك، دول تتباهى بما تفعل، وترغب في أنْ تروي للأصدقاء، بل وتجعل القتل قيمةً، في ظلّ الطبل والزمر الإعلاميين. إسرائيل تقتل، والصحافة تنفعل، وأردف: إذا كان ممكنًا بشكلٍ ما أنْ نفهم الدافِع أوْ حتى المُبرِّر لأعمال القتل والتصفية، وإنْ لم تكُن فيها حكمة، فإنّ جعل أعمال القتل قدوة هو أمر لا يعقل، فقد يكون اضطرارًا لا بُدّ منه، وهذا أمر مشكوك فيه طبعًا، واختتم ليفي قائلاً أمّا أنْ القتل مصدرًا للفخر؟ ترفيهًا للجماهير؟ قتلاً وتسليةً؟، وبدلاً من أنْ يخجل المُصَّفون بأعمالهم، وربمّا حتى الندم ذات يومٍ، نجدهم أبطالاً في هذا الزمن، على حدّ قوله.

 

مهما يكُن من أمرٍ وعلى الرغم من أنّ الماكينة الإعلاميّة الإسرائيليّة تعمل بقوّةٍ مع الإعلام الغربيّ على ترسيخ الصورة النمطيّة السلبيّة جدًا للإنسان العربيّ، إلّا أنّ! البرنامج أمس اعترف بحقيقةٍ واحدةٍ: القنطار “الدرزيّ”، كما شدّدّ البرنامج، تحوّل إلى ظاهرةٍ يُحتذى فيها بالوطن العربيّ.

المصدر: وكالات+إضاءات