تشير دراسةُ جديدة قام بها فريقٌ من علماء كلية الطب بجامعة ستانفورد إلى أن متوسط درجةحرارةجسم الإنسان في الولايات المتحدة قد انخفضت خلال القرن الماض, وذبك من خلال التحقق من مجموعةٍ متنوعة من السجلات الصحية، خلص الباحثون إلى أن متوسط درجةحرارةالجسم الأمريكية انخفضت بمعدل 0.3 درجةمئوية و 0.6 درجة مئوية لدى النساء والرجال على التوالي، عما كان عليه في القرن الـ 19.
و قد تم تقديم فكرة أن درجة حرارة جسم الإنسان القياسية تبلغ حوالي 98.37 درجة مئوية لأول مرة من قبل الطبيب الألماني كارل رينهولد أوغست وندليتش في عام 1851.ومنذ ذلك الحين، أصبح من المقبول على نطاقٍ واسع أن مقياس الحرارة هو بمثابة حجر أساسٍ للصحة وأداةٍ تشخيصية يستخدمها الأطباء وأولياء الأمور كمؤشرٍ أساسي لمعرفة إذا ما كان الشخص مريضاً أم لا.
ومع ذلك ، اتضح أن هذه الحقيقة الراسخة ليست صحيحةً أو دقيقةً في الواقع، أو بعبارٍة أدق، أصبح البشر أكثر برودة على مر هذه السنين.
فقد أظهرت الدراسات الحديثة أن سجلات درجات الحرارة لمجموعاتٍ من الأشخاص كانت تميل إلى الانخفاض مقارنةً بالقاعدة المقبولة للدرجة الطبيعية لجسم الإنسان، لذلك قرر فريق جامعة ستانفورد ، بقيادة الباحثة جولي بارسونيت ، أستاذة الطب والأبحاث والسياسة الصحية ، القيام بالمزيد من الأبحاث في دراسةٍ متعمقة لمقارنة القياسات الحديثة مع السجلات التاريخية في محاولةٍ لتحديد اتجاهات درجة حرارة الجسم، وربما الكشف عن سبب حدوث هذا التبريد التدريجي في درجة حرارة الإنسان عبر العصور .
وبالنسبة للبحث، نظر فريق ستانفورد في ثلاث مجموعاتٍ من البيانات المميزة المأخوذة من ثلاث فترات تاريخية حيث كانت احداها مأخوذة من سجلات الخدمة العسكرية،السجلات الطبية، وسجلات المعاشات التقاعدية من قدامى المحاربين في جيش الحلفاء في الحرب الأهلية الأمريكية والتي تم تجميعها في الفترة ما بين عامي 1862 إلى 1930.
والثانية كانت مأخوذةً من استقصاء فحص الصحة والتغذية الوطني الأمريكي الذي تم جمعه بين عامي 1971 و 1975،
والثالثة كانت مأخوذة من المرضى البالغين الذين يزورون عيادة جامعة ستانفورد للرعاية الصحية بين عامي 2007 إلى 2017.
إجمالاً ، قام الفريق بإجراء قياساتٍ لدرجة حرارة 677423 شخصاً، وتم التأكد من أن درجات الحرارة المسجلة كانت دقيقةً بدلاً من أن تكون نتيجةً لمقاييس حرارة سيئة التصميم. وقد تم ذلك من خلال النظر في التغير في درجة الحرارة داخل كل مجموعةٍ مع مرور الوقت للتأكد من أن المنحنيات التي تظهر انخفاضاً ملحوظاً كانت متسقةً بين مجموعات البيانات الثلاثة .
و في نهاية الأمر، وجد الفريق أن الرجال الذين ولدوا في القرن الحادي والعشرين كان متوسط درجة حرارة جسمهم أقل بمقدار 0.6 درجة مئوية من أولئك الذين ولدوا في أوائل القرن التاسع عشر، في حين أظهرت أن درجة حرارة جسم النساء المعاصرات انخفاض بمتوسط قدره0.3 درجة مئوية مقارنةً بأولئك اللواتي ولدن في التسعينيات من القرن التاسع عشر. وهذا يعني أن درجات حرارةجسم الإنسان قدانخفضت بمقدار0.3 درجة مئوية كل عقد تقريباً ومع ذلك، ونظرًا لوجود العديد من العوامل التي تؤثر على درجات حرارة الجسم، يقول الفريق إنه ليس من الضروري تحديث تعريف متوسط درجة حرارة الجسم للأغراض اليومية.
أما بالنسبة لسبب حدوث ذلك، يقول الباحثون أن الآلية الأكثر ترجيحاً هي تقليل معدل الأيض البشري بسبب العوامل البيئية.
كما أن أحد الاحتمالات هو أن التحسينات في الصحة العامة على مدى 200 عام، والتي قد قللت من حدوث الالتهابات، مما يعزز عملية التمثيل الغذائي في جسم الإنسان وهذا إلى جانب الأشخاص الذين يعيشون حياةً أكثر راحةً في بيئاتٍ أكثر استقرارًا، مما يعني أن الجسم لا يجب أن يعمل بجدٍ للحفاظ على الدفء، وبالتالي فإن متوسط درجة حرارة أجسامهم ينخفض تلقائياً .
و تقول بارسونيت: "من الناحية الفسيولوجية، نحن نختلف تماماً عما كنا عليه في الماضي.
فقد تغيرت البيئة التي نعيش فيها ، بما في ذلك درجة الحرارة في منازلنا واتصالنا بالكائنات الحية الدقيقة والطعام الذي يمكننا الوصول إليه حيث أن كل هذه الأشياء تعني أنه على الرغم من أننا نفكر في البشر وكأننا أحادي الشكل، ولقد كنا كذلك بالنسبة للتطور البشري، إلا أننا لسنا متماثلين، فنحن في الواقع نتغير فسيولوجياً مع مرور الوقت".



