قراءة تحليلية للمنطقة\ م. مدحت ابو الرب 
مقالات
قراءة تحليلية للمنطقة\ م. مدحت ابو الرب 
19 شباط 2020 , 20:52 م
  لم يعد خافيا على احد ان هناك محورين في المنطقة محور يسير في الركب الامريكي ومحور اخر لا يعترف بان امريكا قدرا  وممكن مقارعتها وحتى هزيمتها  صفقة القرن :       لا داعي لتكرار ما يتم تداوله بشأ

 

لم يعد خافيا على احد ان هناك محورين في المنطقة محور يسير في الركب الامريكي ومحور اخر لا يعترف بان امريكا قدرا  وممكن مقارعتها وحتى هزيمتها 

صفقة القرن :
      لا داعي لتكرار ما يتم تداوله بشأنها ولكن من المهم التاكيد انها محاولة لخدمة الصهاينة باعطائهم اقصى ما يمكن اعطاؤه من قبل الامريكان فهي خدمة انتخابية لنتنياهو وترامب معا . وتم رفضها من قبل الجانب الفلسطيني بكل مكوناته 
     لكن هذه الصفقة اخذت ولم تعطي , بمعنى انها لم تعطي الارض مقابل السلام المنشود في مبادرة السلام العربية على اقل تقدير. احتفظت بالارض لان امريكا والكيان الصهيوني لا يمكن ان يحصلوا على السلام من قبل المحور الموالي لهم فهذا المحور منبطح وقدم لهم كل ما يمكن تقديمه حتى ورقة التوت لم يحتفظوا بها . اما المحور الاخر المعادي لامريكا وهو محور المقاومة فهو من يملك اعطاء الامن لكنه غير معني باعطاء الامن للصهاينة حتى مقابل الارض لان هدفه ابعد من ذلك ولا تعنيه المرحلية ولا قرارات الشرعية الدولية المنحازة ويسعى لتخليص المنطقة من هذا السرطان لانه ينظر اليه كعدو لكل المنطقة وليس لفلسطين وحدها. ومما يؤكد ذلك ان الصفقة سورياً  اضاعت الجولان من خلال ضمها للكيان بدعم امريكي  ولبنانياً اضاعت  مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وما بقي من قرية الغجر من خلال ضمها للجولان واردنياً من خلال التلويح بضم الاغوار وشمال البحر الميت للكيان الصهيوني اما فلسطينياً فلم تبقي شيئا لذكره.
      اي ان ما تقوله امريكا للكيان الصهيوني خذوا الجولان والقدس وكل ما جاء في صفقة القرن وكونوا اكثر امانا لانني لم اعد استطيع ضمان امنكم اكثر خاصة انني منسحبة من المنطقة وعليكم الاعتناء بانفسكم .

اغتيال الشهيد القائد سليماني :
     كان في نفس السياق وهو الاعتقاد ان اغتياله سيعطي مزيدا من الامن للصهاينة ولكن كانت المفاجئة للامريكان ان امنهم وامن الصهاينة اصبح في اقل مستوياته وكان الرد الاستراتيجي على عملية الاغتيال الجبانة هو اخراج الامريكي من المنطقة . بعيدا عن الطائفية كان لهذا القائد فضلا على كل الساحات من العراق لسوريا لفلسطين واليمن وافغانستان وبلسان مقاوميها .
الساحة العراقية :
     مما لا شك فيه ان اغتيال سليماني اعاد توجيه البوصلة الى العدو الامريكي واقتنع من الاخوة العراقيين ممن كانت لديهم شكوك بان العدو هو امريكا فهي من احتل العراق ودمره وهي من يمنع تنميته وهي من نشر الفساد داخله وتمثل ذلك في موقف الصدر الذي كان اول من ايد خروج الامريكان من العراق رغم ان الامريكان كانوا يعتمدون عليه كراس حربة لخلق فتنة شيعية شيعية معتقدين انه نتيجة مواقفه المؤيدة للحراك والمطالب المعيشية للعراقين قد اصبح في صفهم لكن وطنيته التي لا شك فيها كانت مفاجئة لهم . فهذا الرجل لم يدخل العراق على ظهر الدبابات الامريكية ولم يشارك في عملية بريمر السياسية بل كان اول من رفع شعار مقاومة الاحتلال الامريكي بعد الغزو .
     في هذا السياق وهو البحث عن الامن للكيان الصهيوني يمكن فهم الضربات الامريكية على الحدود السورية العراقية واستهداف المقاومين العراقيين والسوريين في تلك المنطقة .
        نتيجة الاعتداءات الامريكية المتكررة على سيادة العراق تم اخذ قرار على المستوى السياسي ومن قبل اعلى سلطة تشريعية ان القوات الامريكية يجب ان تخرج من العراق وعلى المستوى العسكري يتم التحضير لانطلاق اعمال المقاومة ومن قبل كل الفصائل في حال لم تخرج القوات الامريكية من العراق. وهنا ايضا من كان يبحث عن الامن اصبح امنه وامن كيانه اقل مما كان عليه .

الساحة السورية :
       قام الجيش العربي السوري بانجازات عظيمة في شمال وغرب حلب وريف ادلب ادت لفتح الاوتستراد الممتد من دمشق لحلب وتحرير مئات البلدات والقرى تجلى في هبوط اول طائرة في مطار حلب قادمة من دمشق وهو حدث لم نره منذ سنوات. قد تكون سوريا منشغلة من تحرير ارضها من الارهابيين في منطقة ادلب وشمال حلب لكن عينها لم تنم عن شمال شرق سوريا فاخراج الامريكان المحتلين هو هدفها الثاني لتتفرغ بعدها لتحرير الجولان باذن الله .
     تزامن الضربات الصهيونية على مخازن السلاح في محيط دمشق مع كل نصر يحققه الجيش السوري ضد الارهابين يبين مدى ترابط طرفي العدوان والذي يهدف لتدمير سوريا وتشريد اهلها خدمة لامن الصهاينة .
    الشعب السوري بطبيعته شعب مقاوم وما حصل في خربة عمو من تصدي الاهالي باجسادهم العارية  للدورية الامريكية الا خير دليل على ذلك . فهذه الحادثة ما هي الا مؤشر على ما ينتظر المحتل الامريكي في هذه المنطقة .


تركيا :
    الدور التركي منذ بداية الاحداث في سوريا كان دورا مشبوها من خلال دعمه للتنظيمات الارهابية بالسلاح وتسهيل مرورها عبر الحدود . ننظر لتركيا كدولة اقليمية في المنطقة وكجارة يجب ان تكون تكون علاقاتها مع جوارها في احسن حال من منطلق احترام سيادة الاخر ومن خلال التعاون في المجالات الاقتصادية والامنية . لكن لاردوغان كان المشروع مختلف كما اظهرت الاحداث فهو كان جزء من المشروع الاخواني المدمر والذي سمي زورا بالربيع العربي ومن خلال هذا المشروع كان له اطماع في السيطرة على اجزاء من سوريا والعراق احياء لمشروعه العثماني المتمثل في قيادة اكبر جزء من المنطقة العربية يوم نجح الاخوان في مصر وتونس وكانوا قريبين من النجاح في سوريا .
    ذكرت اردوغان بالسم كصاحب للمشروع الهدام للمنطقة لان معلمه اربكان كان من نفس الحزب ولكنه كان ينظر للمنطقة كمنطقة اسلامية يجب ان تنهض ليكون كل منها عونا للاخر لا مسيطرا عليه. 
    هذا المشروع بدأ بالانحسار مما سبب تخبط سياسي وعسكري لاردوغان لانه لم يضع في حسابه ماذا لو فشل المشروع بل سار به كانه امر واقع . ومن هنا نفهم تخبطه فهو يحاول اللعب على المتناقضات بطريقة ساذجة املا في اصلاح ما يمكن اصلاحه لكن فات الاوان .
ايران :
   ايران ايضا جارة وقوة اقليمية في المنطقة لا يمكن التقليل من قدراتها لكن الفرق بينها وبين تركيا اردوغان انها لا تسعى لبناء امبرطورية ايرانية كما يشاع بل تسعى لينا منظومة تشاركية تحفظ الامن وتساهم في نهضة اقتصادية وتنموية تهدف ان تستفيد منها كل المنطقة . هي دولة مستهدفة من قبل امريكا والكيان الصهيوني ولا تملك الا ان تدافع عن نفسها في ظل جيران منبطحين ومعادبن ويسيرون في ركب امريكا . 
قد يقول البعض لكن ايران امتدت في العراق وسوريا ولبنان واليمن  فما تفسير ذلك ؟؟؟
   لهؤلاء نقول ان الدود في العود من ايام تشكيل الاحلاف العربية الامريكية التي وجدت لحماية الكيان الصهيوني في مهده ليقوى ويترعرع  على حساب نهضة المنطقة ثم تكفلت بحمايته عن طريق نشر الفتن والمؤامرات من ايام عبد الناصر وحتى الان . ايران لها نفوذ في العراق لكنها لا تحتله ولها نفوذ في سوريا بطلب من الدولة السورية ولها نفوذ في لبنان واليمن وفلسطين عن طريق مساعدة قوى المقاومة . انه تحالف الشركاء في المصير والاهداف وليس تحالف الخنوع والضعفاء والمستسلمين الذين باعوا الارض في سبيل الكرسي .
عسكريا وقواعد الاشتياك :
    بعد اسقاط الطائرة الامريكية التجسسية من قبل ايران وبعد اغتيال القائد سليماني قامت ايران بتدمير جزء كبير من قاعدة الاسد الامريكية في العراق . ولم ترد امريكا على الضربة المهينة وبلعت لسانها .
     كانت الرسالة الايرانية واضحة اذا قمتم ايها الامريكان بالرد سنرد بقصف الكيان الغاصب وسندمر اي قاعدة عسكرية في المنطقة ياتي منها الرد القاعدة الثانية اتت على لسان الناطق باسم المحور السيد حسن نصرالله بان الثمن الذي ستدفعوه على جريمتكم هوخروجكم من المنطقة اما عاموديا او افقيا. القاعدة الثالثة جائت من ايران اذا استهدفتم اي من قواتنا داخل سوريا سيكون الرد من ايران نفسها وبشكل واضح على الكيان الغاصب.
    واخيرا ما ارادته امريكا من تعزيز لامن الكيان الصهيوني لم يتحقق بل على العكس اصبح الكيان الصهيوني اقل امنا واصبح الجنود الامريكان في المنطقة اهدافا . 
فها هي فصائل المقاومة في كل الساحات تؤكد تلاحمها ووحدة مصيرها واهدافها متمثلة اولا باخراج المحتل الامريكي من المنطقة  فهل تحسن القيادة الفلسطينية قراءة الاحداث والعمل وفق متطلبات عملية التحرر الفلسطيني اما تبقى مصرة على هذا المسار الذي اخذ اكثر من وقته واكثر من فرصة وثبت فشله  للقاصي والداني .

المهندس مدحت أبو الرب

المصدر: وكالات+إضاءات