ما هي المسوغات التي تراها موسكو ، وسورية ، في تعاملهما مع أردوغان المناور
نُـــذر حـــربٍ ، ( لا ) ، التــهـديد ، والوعـــيد ، بـاتا ســــلاح أردوغــان الوحـــيد
فــرار الارهــابيين من ادلــب هو الذي يرعبــه ، مخافـة نقل وباء الـذبح إلى تركيا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كل من يعتقد أن أردوغان له أطماع جغرافية في ادلب ، هو على خطأ على الأقل، لأن الأطماع الجغرافية، باتت في حكم الماضي، نعم كان عنده أحلام تتجاوز سورية لو ربح الحرب، وعلى رأسها السلطنة، ولكنه أصيب بخيبات أضاعت بعضاً من صوابه، وبدلاً من أن يكون مهاجماً بات مدافعاً، هذه الانتقالة .
هـــــي بيـــــت القصــــيد .
وعلى الباحثين العقلاء دراسة وضعه من هذه الصورة الرجراجة ، وأن جميع اهتماماته وحواسه الآن ، باتت تتجه للبحث عن الكيفية التي سيتعامل بها ، مع الارهابيين الذين سيفرون من ادلب ، هرباً من مواجهة الجيش العربي السوري ، الذي سيطبق عليهم كالقضاء المحتوم ، فلا ملاذ لهم ، ولا أرض تحويهم ، إلا تركيا أرض الرعاية الأولى .
لذلك يتوسل أردوغان وقف الهجوم السوري على ادلب ، ولو جاء توسله بصيغة تهديد ، سعياً وراء تأجيل الكارثة ، المستعصية ، على أمل ايجاد حلٍ بأقل الخسائر ، فهو الذي ربى وسمن الدب ، الذي سينتقل إلى كرمه .
نعم عُرف أردوغان عالمياً بأنه رجل المناورات ، والانتقالات السريعة من موقع إلى آخر ، ( ذَكَّرَنا بدوران جنبلاط) ، إلى الحد الذي بات يتحرز منه الجميع ، فهو غربي الهوى شرقي المصالح ، إلا في سورية ، فلقد غرق في أتون الحرب التي شنت عليها ، كلاعب رئيسي ، بكل طاقاته المادية ، والعسكرية ، وحتى مشاعره ، وأحلامه ، ووظفهما في حربه .
ولكن لا يجادل عاقل أن أحلامه قد تكسرت على أبواب دمشق ، من السلطنة ، وحتى التوسعة الحيوية باتجاه الدول العربية ، التي كان يحلم بالتمدد لها من خلال سورية ، كلها قد غاضت معه في مستنقعه .
والذي أفقد أردوغان عقله ، أنه كان يتشارك مع شركائه في معسكر العدوان وعلى رأسهم أمريكا ، ومع الكثيرين من العملاء السوريين (المثقفين القشريين ، والاسلاميين التكفيريين)، أن النظام السوري قاب قوسين او أدنى من السقوط ، فكان حلم أردوغان يناطح السحاب ، سورية ستدمر، ستتفتت ، وهذا يحقق غاية الغايات عند أردوغان ، لأنه عندها يصبح تتويجه سلطاناً من الجامع الأموي أمرا مؤكداً .
إلا أن جميع دول العدوان ، بما فيها أمريكا ، ومحميات الخليج ، اعتمدت الحرب غير المباشرة ، أي قاتلت بمرتزقة من الارهابيين ، أما أردوغان فلقد غرق بالحرب بشكل مباشر ، بحجة تأديب النزعات الانفصالية الكردية ، مستغلاً استقواء الانفصاليين الأكراد بأمريكا ، فاحتل عفرين وغيرها .
ولكنه كغيره صدم بصمود الصخرة السورية ، حيث فقد ثلاثة أرباع أحلامه ، ولكنه وبالرغم من رعبه من انتقال الارهابيين إلى بلاده ، يظهر بمظهر المستثمر في الربع الباقي ، من ارهابييه المتكومين في ادلب ، فدخل وأقام قواعداً عسكرية ، ونقاط مراقبة في ادلب ، طبعاً تحت بصر الارهابيين وبمساعدتهم ، بحجة الفصل بين ما سمي بقوى المعارضة ، وبين الارهابيين .
بائس من يصدقه ، ولكن روسيا وحتى سورية ، تعاملوا مع هذين الاختراقين للسيادة السورية على مضض ، ولكن ببعض من تبرير .
فروسيا أرادت التعامل مع هذه الاختراقات بمرونة لثلاثة أسباب :
لأن التدخل العسكري لأردوغان كان قد تم في بيئة صديقة له ، ففي الشمال ، تدخل في المناطق التي تسيطر عليها أمريكا المعتدية ، وفي ادلب توغل في منطقة سيطرة حاضنته الإرهابية .
في هذين الحالين ، لم يكن لروسيا ولا لسورية القدرة على ردعه في حينه بشكل مباشر ، لذلك بات تدخله أمراً واقعاً ، مما تطلب حله ، بصيغة ما عن طريق الحوار ، فعقدت من أجل ذلك عدة جلسات في (أستنا) .
حيث أرادت روسيا أن تمد له حبل النجاة ، والخروج شبه الآمن من سورية ، وذلك انسجاماً مع رغبته بالتوجه شرقاً من جهة ، وتفادي الاصطدام مع سورية وايجاد حلول لثلاثة مسائل هامة ، مقبولة من سورية ومنه .
1 ـــ تدرك روسيا وسورية أن المجتمع التركي ، بات يتأفف من تواجد الأعداد الكبيرة من النازحين السوريين الذين باتوا بالملايين ، والذي حاول أردوغان استخدامهم كورقة ضغط ، ضد الدولة السورية ، ولكن بات تذمر المجتمع التركي منهم يشكل عبئاً ضاغطاً عليه .
2ـــ التقليل من أعداد الارهابيين الفارين من ادلب باتجاه تركيا ، وهنا
خوف أردوغان الأكبر حد الرعب ، لذلك هو يستمهل اجتياح ادلب من قبل الجيش العربي السوري ، على أمل البحث عن الحل الأقل ضرراً .
3ـــ مشكلة الانفصاليين الكرد المنتشرين على الحدود الشمالية السورية ، الذين يدعمون حزب أوجلان الانفصالي .
هذه الأخطار الثلاثة تراكمت فوق رأس أردوغان بسبب سياساته الرعناء ، التي قادها بأحلامه ورغباته الشخصية .
.......
[ لذلك نؤكد لا حرباً ، مصلحة تركيا التصالح مع سورية للبحث عن حلول أقل ضرراً لهذه الأخطار الثلاثة ، وإن لم يبادر أردوغان لتحقيق ذلك في الوقت المتاح ، سيحمله شعبه مسؤولية ذلك ، وينسفه من جذوره هو وحزبه ]
[ وكل من يعتقد أن سورية ستترك شبراً يرتع فيه الإرهابيون ، أو العثمانيون الجدد ، أو الأمريكان ، هو عميلٌ يحلمْ ، أو جاهلٌ يهرفْ ]