ألقى الرئيس التركي صباح اليوم خطاباً رناناً وبنبرته المعهودة، ساق فيها عدد غير محدد من الأكاذيب كما هي عادته، سواء في أعداد الضحايا من الجنود السوريين أو في ملف اللاجئين، وحتى في علاقته مع روسيا، وأميركا، وظهر حجم استخفاف أردوغان بعقول الأتراك الذين يسود الغضب فيما بينهم جراء عدم إجابته على التساؤل الأهم، ماذا تفعل القوات التركية في سوريا.
أردوغان الذي خرج في محاولة لتهدئة خواطر الأتراك، الذين تحول جيشهم بقدرة قادر من جيش وطني إلى جيش " إخواني" زعم أن قواته دمرت مستودعا كيميائيا للجيش السوري وقال: "لم نرغب بالوصول لهذه النقطة لكن النظام أجبرنا على معاملته بهذه الطريقة".
محاولة أردوغان المكشوفة لاستدراج تدخل أميركي غربي عسكري لمساعدته في القتال العبثي الذي تخوضه قواته، سرعان ما كذبته دمشق التي أعلنت وكالتها الرسمية " سانا" بأن رئيس النظام التركي يمارس سياسة التضليل ويدعي تدمير منشآت للأسلحة الكيميائية في سورية، وأضافت " سانا" بأنه لو كان كلام أردوغان صحيحاً بتدمير منشأة كيميائية 13كم جنوب حلب لكان هناك أعداد كبيرة من الشهداء في المناطق المحيطة وحتى في مدينة حلب، مضيفةً “الجميع يعلم أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أكدت في تقاريرها أن سورية لا تمتلك أية منشآت كيميائية”.
أردوغان وفي الكلمة التي ألقاها أثناء مشاركته في لقاء مع نواب حزبه "العدالة والتنمية" في إسطنبول، استكمل أكاذيبه بالادعاء بأنه قتل أكثر من 2100 عنصر من قوات الجيش السوري ودمر نحو 300 آلية"، حيث جاءت هذه الأكاذيب في سياق اعترافه بارتفاع عدد قتلى الجيش التركي إلى 36 جندياً.
الغريب بالأمر بأن أنقرة ومنذ بدء تدخلها المباشر في سوريا تعلن يويماص عن أرقام لضحايا الجيش السوري وعن تدمير آليات وصل عددها للآلاف، في تصريحات بدت خارج المنطق، لكنها تحاول التغطية على حجم الخيبة التي تتلقاها القوات التركي، وهذا الأمر ردت عليه وكالة " سانا" الرسمية اليوم وقالت إن مبالغات النظام التركي عن إلحاق خسائر بالجيش العربي السوري إنما تهدف للتغطية على الهزائم الكبيرة التي لحقت بأدواته الإرهابية وبمخططه الإجرامي ضد الشعب السوري.
الكذبة الأخرى التي ساقها أردوغان جاءت تحت عنوان اللاجئين ورقة الابتزاز التركي المتواصلة بوجه أوروبا الخائفة، من تحمل تبعات خياراتها الخاطئة في سوريا، حيث زعم أردوغان اليوم بأن أكثر من 20 ألف مهاجر غادروا أمس نحو أوروبا وهناك الآلاف بانتظار الخروج، وهذا مالم يحصل مطلقاً حيث أعلن المتحدث باسم الحكومة اليونانية ستيليوس بيتاس بأن نحو 4000 شخص حاولوا دخلوا البلاد بشكل غير قانوني عبر الحدود مع تركيا خلال الـ 24 ساعة ماضية، مؤكدا أن الحكومة اليونانية ستفعل أي شيء تحتاجه لحماية حدودها.
أسلوب الرئيس التركي الذي حقق له شعبية في مرحلة من المراحل وإطلاقه التصريحات المنفعلة هنا وهناك، والبعيدة عن الحجم الحقيقي لتحركه العسكري والسياسي، ومحاولته اللعب على جميع الحبال، يبدو انه لم يعد يجدي نفعاً، وهذا ما تعكسه ردات فعل الأتراك على سياسته التي يصفها الكثيرون بالحمقاء في سوريا، والتي أثمرت مزيداً من القتلى الأتراك وهبوطاً في الليرة التركية.