هـل ادخـر أردوغان جـهداً ، لإسقـاط سورية ؟ من هـزم في سنوات تسعٍ ، سيهزم
القـط المـحاصر قد يجـرح هنا ، أو (يخـرمش) هنـاك ، ولكـن لا مفـر من التـسليم
سياسات رعناء ، قادته إلى الاختناق داخلاً ، وخارجاً ، حملته ثلاثة أخطار في آن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا يجادل أحد أن أردوغان غرق حتى أذنيه في الحرب على سورية ، مع حلفائه ، وعملائه في الداخل ، وفي جميع الميادين السورية ، ولم يترك سلاحاً إلا واستخدمه ، فما كانت غلته ؟ .
كانت غلته أخطاءً بحجم أحلامه ، وبحجم انخراطه في الحرب ، بل زادت عليها ، فبالرغم من أنه نزل إلى الحرب كالآخرين بكل طاقاته ، وخسر كما خسر الجميع في جميع الميادين ، ولكن الغالبية حملوا جراحهم وانسحبوا ، وبقي أردوغان لوحده يلملم ( أسلحته واستطالاته العسكرية ) التي توغل بها بعيداً عن حدوده ، والتي حوصر عشراً منها ، من قبل الجيش العربي السوري ، ولكن ورغم صعوبة هذه المهمة ، تبقى أسهل بألف مرة .
من طامته الكبرى التي تؤرقه ، وتتجسد في كيفية التعامل مع قطعانه الارهابيين ، الذين تكوموا في ادلب ، هذا الحمل الثقيل المُهددْ ، الذي كان سلاحه الأمضى ، في جميع الميادين السورية !!، ولكنه فشل ، وفشلوا ، هؤلاء الآن بتوا يشكلون قنبلة موقوتة ستنفجر به لامحالة ، لأن تركيا الأرض الوحيدة ، التي سيفرون إليها مهزومين من أمام الجيش العربي السوري البطل .
القنبلة التي تكاد تخنقه ، هي فرار عشرات الآلاف من الارهابيين المحاصرين في ادلب ، إلى تركيا ، أرض الاستقبال ، والاستثمار ، والرعاية ، والذين ضيق عليهم الجيش العربي السوري المكان والزمان ، لم يضيق الجيش العربي السوري على الارهابيين فحسب ، بل ضيق الزمان على أردوغان أيضاً ، الزمن الذي حرص أردوغان على اطالته من اتفاقيات ( أستنة) ، كي يتدبر أمره مع هذه المصيبة التي وضع نفسه فيها ، ألا وهي ( كيفية الخلاص من الارهاب المتوحش المتكوم على حدوده ) .
فأردوغان من جهة بقي يستثمر بهم إلى آخر لحظة ضد سورية ، بالرغم من الخطر الحال والداهم عليه منهم ، والدليل على ذلك قتل / 33 / ضابط وجندي تركي ، بسبب تواجدهم في حالة مساندة للإرهابيين في مواجهاتهم للجيش العربي السوري .
فوجد نفسه في أتون المواجهة والاشتباك المباشر ، فنزل إلى المعركة بكل قواه ، مع تحريك وانهاض لجميع القطعان الارهابية ، بكل تشكيلاتها ، ولكن وكما قلنا القط بعد حصاره لا يستطيع الافلات من قدره ، وهو هنا تحكيم العقل والعودة إلى الحوار ، والبحث عن حلول تساعده في أيجاد أفضل الحلول ، لكيفية الخروج من المصيبة القاتلة التي وضع نفسه فيها ، وهي الخلاص من هذه الأكوام المحاصرة من الارهابيين ، التي هو من ساهم بإيجادها .
أما الخطر الثالث فهو :
خطر المهاجرين السوريون ، الذين زين لهم أردوغان تركيا على أنها أرض المن والسلوى ، أرض الخلافة المغدورة ، وذلك لغاية استثمارهم كورقة ضغط على الدولة السورية ، فتدفقوا على بلاده قطعاناً من الاخوان المسلمين مع أسرهم ، ومن والاهم ، فباتوا عبأُ عليه وعلى مجتمعه ، بحجم كابوس يومي ممض ، لذلك لم يبقَ أمامه إلا استخدامهم كأداة ضغط ، ومساومة على أوروبا ، حيث فتح الحدود أمامهم .
هذه العقبات الثلاث التي كانت أدواته لتحقيق أحلامه هي اليوم تقض مضاجعه ، وتكاد تخنقه ، ليس في هذه القناعة أدنى شك ، لذلك راح يشتبك مع الجيش العربي السوري إلى جانب الارهابيين ، بمعارك برية وجوية .
ما هي الحلول المطروحة على طاولة أردوغان ؟؟؟
1ـــ أن يخوض حرباً شاملة مع سورية ، أمر ليس قريباً من المستحيل بل هو المستحيل نفسه ، لأن الحروب الدولية المباشرة باتت من الماضي ، وهذه الحقيقة تعرفها أمريكا ذاتها ، بل ومارست هذه القناعة ، كما تعرفها اسرائيل أيضاً ، فالكلام ، والتهديد ، هينٌ ، ولكن النتيجة ليس باستطاعة أحد تحملها ، لا تركيا ، ولا سورية أيضاً ، ومجنون من يعتقد أن أمريكا ستدخل حرباً مع روسيا ، من أجل أردوغان أومن أجل اسرائيل حتى .
2ـــ سيقوم ببعض الهجمات بشكل مباشر ، وبالتعاون مع الارهابيين ، هذا جل ما يمكن فعله ، وذلك لغايتين :
لكي يغطي ماء وجهه أمام شعبه ، الذي سفح في سورية ألف مرة وهذه واحدة منها .
لكي يسجل نقاطاً تكون رصيده على طاولة الحوار مع بوتن ، المطلوب من بوتن ذاته ( اجتراح حلٍ لأردوغان ) يخرجه من مصائبه الثلاثة التي ذكرنا .
3 ـــ سورية حليفة تاريخية لروسيا ، وتحالفنا معها استراتيجي وسيتمدد ، وروسيا لن تبيع سورية إلا إذا باعت ( لينن غراد) ، وهذا الموقف ينطبق على الصديق الاستراتيجي ايران ، الذي يتحمل وزر القضية الفلسطينية وحده ، إلى جانب سورية .
4 ـــ أما محور المقاومة فكل من يتجاهله أو ينساه ، الممتد من ايران ـــ فالعراق ـــ فسورية ـــ فلبنان ـــ فغزة ، هو لا يعلم الدور التغييري الجذري القادم ، الذي سينجزه هذا المحور في المستقبل غير البعيد ، في المنطقة كلها .
[ بكل تأكيد بل أجزم أن ادلب ستتحرر بالكامل ، رضي أردوغان أم لم يرضى ، ولكن مع الأخذ بعين الاعتبار مهلة اضافية ستُمنح له ، للبحث عن الحل الأنجع لمشاكله . وستكون قضية الانفصاليين الأكراد هي السبيل للتوافق السوري التركي ، وقد يتم هذا الاتفاق في غياب أردوغان ذاته ].