حوار مع رجال الدين من جميع الأديان ، والمذاهب من مواقع الإيجاب ، لا السلب .
لا مقدس إلا الكتب السماوية ، والفقــهاء ليــسوا معصــومين ، بل هم أبنـاء زمانهم .
اخــرجوا من المــاضي ، واتركـوه للمـؤرخين ، وتعــالوا نتحـاور ونحتـــكم للعــقل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ( 2 )ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جميع الأديان السماوية وغير السماوية تقول بأن ( الله واحد ) ، لكن الكل يصوره حسب زمانه ، ودرجة وعيه ، ومفاهيمه الدينية ، فتعالوا إذن نسأل ونجيب في آن :
ماذا يريد الله الواحد من البشرية ؟؟ الكل يُجمع : أن الله يريد من الانسان الصدق ، والاستقامة ، والوفاء ، والنبل ، والاخلاص ، ومساعدة المظلوم ، ومحاربة الظالم ، وعون الفقير ، ( وهنا يجب أن ينحصر دور رجل الدين ) ، وجماع كل هذه القيم الرفيعة المقر بها وغيرها ، يمكن أن نجملها بكلمة واحدة هي :
...........................الحـــــــــــــــــــــــــــــب ...........................
حب الآخر أي آخر ، الذي عبر عنه الامام علي :
[ الناس صنفان اخ لك في الدين ، ونظير لك في الخلق ]
هذا القول لا يماري بصحته انسان ، إلا ان كان عنصرياً ، أو متعصباً دينياً ، ( وهذان الصنفان لا نحاورهما ) ، أي أن الناس اخوة لأي مذهب أو عرق ، أو جنس انتموا ، فهم خلق الله ، وعباده ، وعلى رجال الدين التمسك بصحة هذا ، لأن الكتب السماوية كلها تحض على ذلك ، بل عليهم يقع عبء نشر ، وتعميم ، هذا المفهوم ورعايته .
فمن يمتلك هذه الخصيصة يَفُزْ ، ومن ( لا ) يُعاقب ، من السماء ، والأرض ، إلى أي دين ، أو مذهب انتمى .
فتعالوا بساعة صفاء ، في هذا الزمن الضيق ، الذي نعيش بعضاً من حصار ، لينزل كل منا في أعماق نفسه ، ويجري حساباً وجدانياً شفافاً ، على ضوء هذه القيم ، فمن وجدها في خصاله ، والتي لخصناها بكلمة واحدة هي : [ الحب ] ، حب أخيه الانسان ( المخلوق الآخر ) ، فاز بمحبة السماء والأرض ، وإلا فهو مخالف لتعاليم السماء والأرض ، شيخاً كان ، أو كاهناً ، أو انساناً عادياً .
( ولله وحده حق الحساب وفاقاً للآية / 17 / من سورة الحج ) .
[ لذلك لا يحق لأي شيخ ، أن يكفر أحداً ، لأن هذا محصور بيد الله ].
فكلمة ( حب ) ليست كلمة مجردة ، بل هي كلمة [ لا تسعها الأرض بكل جنباتها ] ولا يمكن حصرها بتعريف ، أو بقول ، أو بتعبير ، ولا تعني محبة البشر لوحدهم ، بل الحب للكون بكل ما فيه من بشر ، وحجر ، ومخلوقات ، من لا يحب مخلوقات الكون ، هو قاصر في إيمانه ، ووعيه ، من أي دين أو مذهب كان ، حتى من لادين له .
إذن تعالوا نُكَرِّمَ العقل ، ونحتكم له وبه ، لأن العقل وحده هو الذي يدلنا على ما حضت الأديان كلها على فعله ، والعقل ذاته هو الذي دلنا على ما نهت الأديان كلها عنه ، وبالتالي العقل هو الفيصل ، وهو الذي يجعل الانسان مسؤولاً عن عمله ، أمام الله أو حتى أمام القانون ، إذن من لاعقل له ، لا حساب له ، في السماء والأرض ، فلماذا تتجاهلون العقل ؟؟؟ .
.
سأضرب مثلاً : ( انسان الغابة ) ، الذي رأيته بأم عيني ، عام / 970 / على مسافة / 9 / كم من مدينة ( جوبا ) عاصمة جنوب السودان الآن ، رأيته أمامي عارٍ تماماً كما خُلق ، ؟؟؟!! ، ( بدون لباس بالمطلق ) ،وبدون علم طبعاً ، أو معرفة ، أو دين . فهل سيحاسب هذا المخلوق ، مثلي أنا الذي أدعي أنني صاحب عقل ومعرفة ؟؟؟
...........[ فلماذا نلغي العقل ؟؟؟ لأن إلغاء العقل الغاء للمسؤولية ؟؟؟ ] .
.
[ ما دام العقل هو معيار الحساب في الأرض ، فكيف في السماء ، والسماء أعدل ] .
لا أعتقد أن انساناً عاقلاً رجل دين كان ، أو انساناً عادياً ، لا يقر أن ما قال به الفقهاء ، أو الكهان ، الذي نحترم ، كان ابن ظروف الزمان والمكان الذي قيل فيه ، ونتاج العلم الذي كان متوفراً في حينه .
وبالمقابل الزمن مشى ، والعلم مشى ، وما تَحَصَّلَ في هذا الزمن الحاضر من علم ومعرفة ، وما سيأتي به من تطوير في المستقبل ، لم يتوفر في زمن الفقهاء ، أو الكهنة ، لذلك علينا أن نُعمل العقل ، لنحسن التعامل مع ما يقدمه العلم ، في حاضرنا ، وفي المستقبل ، وإلا نبقى أسرى وعي وعلم ذلك الزمن الغابر .
(وهذا لا يتعارض مع تقديرنا لما جاء به أولئك الفقهاء في زمانهم ).
وحتى نتمكن من التعامل مع واقعنا بكل تناقضاته ، لابد من إعمال العقل ، ، لمتابعة حركة الوعي والمعرفة ، ونعيش واقعنا ، ونتهيأ لاستقبال المستقبل المتصاعد معرفياً ، وهذا التقدم العلمي الذي بات بحوزتنا ، لم يكن متوفراً في زمن الفقهاء ، لذلك جاءت اجتهاداتهم بنت ما تحصل آن ذاك من علم .
( وهذا لا يقلل من اجتهاداتهم ).
مع الأخذ بعين الاعتبار أنهم لا يمتلكون العصمة ، فالعصمة لله وحده ، وبن آدم خطاء ، لذلك جاءت اجتهاداتهم متناقضة ، وكانت سبباً لخلافات ، وانقسامات ، وحروب ، دينية ، ومذهبية ، حتى يومنا هذا ، في أوروبا ، وفي بلادنا .
( فلنترك تلك الاجتهادات القيمة ، للباحثين في التاريخ ) .
عندها نواكب مسار الحياة المتطورة ..
[ ونعيش حاضرنا ، من خلال التزود بالعلم والمعرفة ، وإطلاق العنان للعقل ، ونحاكم الانسان شيخاً كان ، أو كاهناً ، على مقدار قدراته العقلية ، وعلى مدى قدرته على التعامل مع حاضره ، ومدى التزامه برعاية ما دعا إليه دينه من محبة ، واحترام للآخر ، أي آخر على وجه الأرض ، عندها نصبح مؤمنين ، ملتزمين بما جاءت به الأديان السماوية ، وغير السماوية ، وحتى الفلسفات الوضعية ] .