كشفت جلسة مجلس النواب اللبناني أمس الغطاء كلياً عن تورط كتل نيابية بأكملها في حرمان اللبنانيين من حقوقهم المنهوبة على مدى عشرات السنين، لتسقط هذه الكتل الغطاء عن قوانين أحوج ما يكون اليها الناس، وتضيع قوانين لمكافحة الفساد وسد جوع الفقراء، وهم الذين قدموا أنفسهم قادة للثورة على الفساد والفاسدين.
وبالضربة القاضية، أسقط المجلس النيابي اللبناني صفة الاستعجال عن مقترحين تشريعيين لإلغاء سرية الحسابات المصرفية ومحاكمة الوزراء المشتبه في ارتكابهم جرائم فساد، وأحال المقترحين إلى اللجان النيابية المختصة، تاركاً المقترحين ليضيعا في دهاليز اللجان والسياسة.
المجلس النيابي اللبناني الذي ضيع النصاب للتصويت على فتح اعتماد اضافي في الموازنة بقيمة الف و 200 مليار دولار، قال عنها رئيس الحكومة حسان دياب بأنها ستشكل شبكة أمان اجتماعية، هو نفسه من أقر مشروع قانون بقيمة 450 مليار كدفعة لمستحقات المستشفيات الخاصة لصالح وباء الكورونا.
وماهي إلا دقائق على طلب التصويت على مشروع فتح اعتماد إضافي، حتى انسحب نواب المستقبل والاشتراكي. إثر تنسيق بينهم وبين النائبة بهية الحريري، الأمر الذي أزعج رئيس الحكومة ليطالب بري بعقد جلسة مسائية لاستكمال النقاش في المشروع لما له من أهمية، لكن بري ردّ بالقول: «ما حدا بيفرض عليّ شي، المشروع يحال الى اللجان، على أن يُبتّ في غضون 15 يوماً»!.
ما جرى بالأمس عرى النظام اللبناني بأكمله، وكشف ان منظومة الفساد وحدها عابرة للطوائف والمذاهب وقادرة على توحيد الرؤى إذا اقتضى الأمر المس بها، وأكد عدم القدرة على المُحاسبة بعيداً عن تصفية الحسابات، ليتأكد المؤكد بأن الحماية الحقيقية التي يتسلح بها المرتكبون الكبار والصغار، هي حماية النظام الطائفي وفقط.
وعلى توتر سياسي بين الرئاستين الثانية والثالثة انتهت جلسة النواب أمس، وخرجت الأمانة العامة لمجلس النواب بيان من سطر واحد قالت فيه: «على الحكومة أن تتعلم كيفية إرسال مشاريع القوانين الى مجلس النواب قبل التطاول عليه».
الصحفي ياسر الحريري اختصر في بضع كلمات مشاعر اللبنانيين الذين تابعوا ماجرى وكتب قائلاً: " عندما يصادق مجلس النواب على اموال المستشفيات الخاصة التي تركت اللبنانيين في بداية ازمة كورونا وهو من خارج جدول اعمال جلساته. يسقط ويحيل مشروع الحكومة للجنة. وهي اموال مخصصة لمساعدة فئات كبيرة من اللبنانيين يجب ان نسأل من انتخب هؤلاء عن نوابهم، مع العلم ان هذا المشروع هو نفس مشروع اموال المستشفيات من خارج جدول اعمال الجلسة النيابية، لكن الواضح ان المستشفيات الخاصة ..
في الحقيقة لا يريدون ان يحصل المواطن اللبناني على مساعدات من دولته دون المرور عبرهم. كي يبقى اللبناني مرتبط بحياته وارزاقه من خلالهم.. لأنه كل ما تعززت فكرة الدولة والمواطن.. تراجع نفوذهم المذهبي والطائفي. وهو تجارتهم الرائجة في لبنان.