تعدّ نواعير حماة التي كانت تستخدم أساساً لري البساتين المجاورة، وفق منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، إرثاً فريداً من نوعه "لا في سوريا فحسب، ولكن في العالم بأسره على الأرجح:
بعض هذه النواعير توقّف تدريجياً عن الدوران إما بسبب تعرّض ألواحها الخشبية المعمّرة للسرقة أو الحرق، أو جراء تعذّر صيانتها على غرار ناعورة المحمدية، أكبر نواعير حماة وأقدمها.
وخلال السنوات الأخيرة، توقّفت عشرة من أصل 25 ناعورة في المدينة وريفها عن الدوران.
ويبلغ قطر ناعورة المحمدية 22 متراً ويعود بناؤها إلى العام 1361 وفق منظمة يونسكو التي ترجّح أن تاريخ بناء النواعير يعود عموماً إلى الحقبة العربية في القرون الوسطى.
إلا أن العثور على فسيفساء تعود إلى العام 469 قبل الميلاد، يفترض أنّها قد بُنيت قبل وقت طويل من تلك الحقبة.
وتتألف الناعورة من محور أساسي يتم تثبيت القاعدة عليه، ودوائر داخلية وخارجية متصلة ببعضها بأنواع مختلفة من أخشاب شجر الجوز والصنوبر والحور والسنديان المعمرة.
ويشرح رئيس دائرة النواعير عهد سبع العرب أنّ الهدف منها قديماً كان رفع مياه نهر العاصي من مجراه المنخفض إلى الأعلى ليطال مستوى البساتين المرتفعة، بالإضافة إلى نقل المياه للمنازل والمساجد والحمامات الشعبية المجاورة.
وبات ترميمها اليوم عملية صعبة وفق قوله، جراء "النقص الحاد في الكادر الذي يُجيد ويُتقن صيانة النواعير" من جهة، ولأن "تأمين أنواع معينة من الخشب المعمّر لم يعد مهمة سهلة نظراً لقلة المواد الأولية وارتفاع ثمنها" من جهة ثانية.
كما تراجع عدد العمال المتخصصين في صيانة النواعير وترميمها من 35 إلى تسعة فقط، بعد موت عدد منهم وهجرة آخرين خلال سنوات الحرب.
وشكّلت النواعير قبل اندلاع الحرب وجهة أساسية "للزوّار السوريين والأجانب، ومراكز تنزّه للحمويين" وفق سبع العرب الذي يأمل "مع عودة دورانها أن يعود الزوّار إلى ساحاتها".
ورغم أن النواعير فقدت وظيفتها الرئيسية في تأمين المياه سواء للري أو الاستخدام المنزلي مع التقدّم التكنولوجي منذ عقود، إلا أن السلطات المحلية تولي لبقائها اهتماماً خاصاً.
ويؤكد رئيس بلدية مدينة حماة عدنان طيّار لفرانس برس "ما زلنا مهتمين بصيانة وإصلاح هذا المعلم الأثري لما له من مكانة رمزية".
ويضيف "لا يُمكن لأي شخص أن يزور مدينة حماة، دون أن يلقي التحية على النواعير من إحدى الطرق التي يسلكها ذهاباً وإياباً".
المصدر
وكالات



