ثورة 23 يوليو ١٩٥٢في ذكراها الثامنه والستين..حدث تاريخي عربي هام جسد الكرامة، والوطنية ، وقيم التحرر والنضال ضد الاستعمار، وقيم الوحدة العربية، كانت مصر في ظلالها رائدة المشروع القومي العربي النهضوي.
في ظلال ثورة 23 يوليو وفي خطها ونهجها العروبي المعادي للصهيونية والاستعمار، تجسدت المقاومة الفلسطينية كأنبل ظاهرة في التاريخ الحديث، ووجدت لتبقى.
إحياء ذكرى 23 يوليو والوقوف عند مبادئها وأهدافها ليس إبحاراً في الماضي بقدر ما هو ضرورة للمستقبل، تحفز الأحرار والشرفاء في الأمة لتمثل القيم التي حملتها وللتسلح بها لمواجهة تحديات ومخاطر الراهن.
مضت ثماني وستون عاماً على ثورة يوليو عام 1952، في مصر العروبة، ومضت ٥٠ عاماً على رحيل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، ولازالت ذكرى الثورة ومبادئها وأهدافها وما جسدته مصر تحت ظلالها بقيادة قائدها وزعيمها حيّة ومضيئة لما مثلته وما ناضلت مصر من أجل تحقيقه وفي الطليعة منها استعادة الكرامة وصونها، وقيم الوطنية والتحرر والنضال ضد الاستعمار، وقيم الروابط القومية وصولاً لتحقيق الوحدة العربية.
في ظلال ثورة يوليو لعبت القاهرة دوراً ريادياً على مختلف الأصعدة، سواء اتجاه قضايا امتنا العربية جمعاء وفي طليعتها حريتها وتحررها أو على الصعيد الإفريقي والإسلامي والعالمي، فلقد كانت القاهرة رافعة المشروع العربي النهضوي، وهو مشروع لامس آمال وطموحات الأمة جمعاء وقواها الحرة والشريفة على وجه الخصوص. لثورة يوليو المجيدة موقف ثابت ومبدئي تجاه قضية فلسطين، وتجاه الصراع العربي-الصهيوني، وتجاه الكيان الصهيوني بوصفه عدواً للأمة كلها.
ولأن مصر العروبة، مصر ثورة يوليو بقيادة الزعيم الخالد الراحل جمال عبد الناصر تحمل كل هذه القيم وهذه المبادئ والأهداف، جرى شن حروب متعاقبة عليها، بدأ من العدوان الثلاثي عام 56 إلى حرب عام 67 ، وفي حرب 56 جسد الكيان الصهيوني على نحو ساطع وبارز دوره ووظيفته في خدمة المشاريع الاستعمارية، فوقف إلى جانب بريطانيا وفرنسا في عدوانهم وحربهم الظالمة على مصر بغية استعادة مشروعهم الاستعماري من جديد.
تاريخ طويل وحافل بالأحداث صنعته ثورة 23 يوليو مما جعلها واحدة من أهم الثورات في القرن العشرين، ولما خلفته من آثار سياسية واقتصادية واجتماعية غيرت وجه مصر والأمة العربية.
لثورة 23 يوليو خصومها كما لها أصدقائها، ومعسكر الخصوم كبير ومتعدد، ولا زال لليوم يهاجم الثورة ويشوهها ويشكك بها ويصورها مجرد انقلاب للاستيلاء على الحكم، في محاولة للتقليل من شأنها وتشويه مضمونها وأهدافها.
إن التغيير الجذري السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي تحقق في ظلال الثورة جعل منها ثورة حقيقية، فليس على حد علمنا أن هناك انقلاب عسكري قد حقق كل هذه الأهداف وحمل هذا المشروع النهضوي الكبير.
لقد أكدت ثورة 23 يوليو على جملة من الأهداف في طليعتها، القضاء على الاستعمار، والتخلص من الإقطاع، وإنهاء الاحتكار وكل سيطرة لرأس المال على الحكم، وأكدت على تحقيق العدالة الاجتماعية، وعملت على بناء الجيش الوطني.
اليوم بعد 68 عاماً على ذكرى الثورة نقف في رحابها بجلال واحترام، وتجربة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر تجربة حية لا تموت وهي في كل الأحوال دروساً مستفادة وليست مجرد مناسبات للخطابات والاحتفالات، إن إعادة قراءة تراث عبد الناصر وفكره، رسالة لتحقيق النضال من أجلها، ليس من أجل الإبحار في الماضي بل ضرورة من أجل المستقبل، ففي تمثلها بعض ما يستوجب وعيه وإدراكه، وأمتنا تواجه ما تواجه من تحديات ومخاطر. *كثيرون يقولون ماذا تبقى من ثورة 23 يوليو، بعدما انقضت حقبة عبد الناصر، وبثقة كبيرة نقول لقد بقي فيها الكثير من الدروس والعبر، وبقي فيها الكثير من القيم والمبادئ والأهداف، وبقي فيها تجربة حملت درساً كبيراً أن قيام مصر بدورها الريادي والتاريخي يتطلب أن يتحرر الوطن العربي من قوى الرجعية والاستعمار، فلقد اكتشفت ثورة يوليو حقيقتها العربية وأدركت اتساع مساحة المعركة، وعندها جرى التآمر على التخلص من عبد الناصر وجرى الانقلاب على ثورة يوليو وأهدافها.
اليوم وفي هذه المرحله يتداعى على مصر كالقصعه أعداء يتجددون، يطلون برؤوسهم لتظل مصر محاصره، مهددة، مستهدفة بأمنها القومي، وامنها الغذائي وشريان الحياة عبر التاريخ فيها نهر النيل..
ومصر اليوم أمام هذا المشهد الخطير تقف أمام تحديات خطيرة وتتعرض لامتحان كبير فإما أن تستجيب لهذه التحديات وتنهض لمواجهتها لتعود قوية، مهابة الجانب، تلعب دور رياديا فاعلا في امتها، وعندها تتكسر على صخرة صمودها ودفاعها الاستراتيجي أطماع اردوغان ومؤمرات أحفاد هيلا سلاسي واحلام الصهاينة، أو تظل لا سمح الله موضع الاخضاع والاستهداف لشلها وشل كل إمكانية لتطورها.
في ذكرى ثورة يوليو ٥٢ نتمثل قول الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، بأن الخائفين لا يصنعون الحرية، وأن الضعفاء لا يخلقون الكرامة، وأن المترددين لن تقوى أياديهم المرتعشة على البناء.
وأخيراً ومهما حاول الصغار والأقزام في محاولة يائسه للنيل منه إلا أنه كما قال الشاعر الكبير المرحوم نزار قباني:_
تضيق قبور الميتين بمن بها...... وفي كل يوم أنت في القبر تكبر. سلاماً لروحك.... ولذكرك الخلود.
(أبو فاخر/ أمين السر المساعد لحركة فتح الانتفاضة)