كتب الأستاذ حليم خاتون:
٢٧-١١-٢٠٢١
في مقالة للكاتب زياد ابو الرجا، تناول هذا الكاتب بشيء من التفصيل الصعوبات التي سوف نواجهها في المواجهات القادمة مع هذا الاخطبوط الأميركي، حيث رفض الكاتب القناعات المنتشرة عند الكثيرين عن أفول العصر الأميركي، وتحدث عن مجرد إعادة انتشار تقوم بها القوات الأميركية على مستوى المنطقة والعالم...
صحيح أن ما يقوله الكاتب في هذا الشأن فيه الكثير من الصحة، وان أميركا فعلا لا تزال تملك الكثير من مقومات القوة الاعظم، وسواء شئنا أم أبينا، لا تزال هي الدولة الاعظم عسكريا واقتصاديا... وسوف تظل كذلك إلى أجل ما ربما يمتد أكثر من عقد أو عقدين من الزمن...
كل هذا صحيح، لكن الصحيح أيضاً، أن المقاومة ليست ضعيفة إلى درجة الهزيمة، وان القليل فقط من العزم والمواقف الحاسمة وعدم التردد والبناء على تأسيس مجتمع مقاوم واقتصاد مقاوم؛ كل هذا يستطيع أن يساعد في إلحاق الأذى، بل وحتى الهزيمة بهذه القوة العظمى...
في النهاية، أميركا هذه، هي نفسها أميركا التي تلقت اهم هزيمة لها في القرن الماضي على أيدي المقاومة الفيتنامية، واضطرت لسحب آخر رجالها من على سطح السفارة في سايغون...
من عاصر الحقبيتين، الفيتنامية واللبنانية يستطيع القول أن المقاومة اللبنانية لا تقل قوة عن سابقتها الفيتنامية...
الفرق الوحيد موجود في العقيدة والتفكير...
الفيتناميون كانوا شيوعيين في عصر المكارثية وخلفاء مكارثي ممن يكرهون الشيوعية حتى الموت، ولا يجدون للتعامل معها سوى القوة...
باختصار لم تترك اميركا لهؤلاء الفيتناميين من مخرج، يركنون إليه غير الحرب...
وضعت أميركا الفيتناميين في وضع:
إما القتال حتى النصر أو الموت...
قاتلوا حتى الموت، وانتصروا...
في حالة الصراع الإمبريالي الأميركي مع العرب...
لم يشعر هؤلاء العرب أنهم مجبرون على القتال حتى الموت...
كانوا يعتقدون أن أميركا ترتكب الأخطاء وأن عليهم فقط فتح أعين أميركا على أن مصلحتها هي مع العرب...
تملكت هذه السذاجة كل الأنظمة الوطنية العربية بما في ذلك الرئيس جمال عبد الناصر الذي كان يعتقد أنه يستطيع إقناع جون كينيدي بعدالة القضية الفلسطينية كما تبين الرسائل المتبادلة بين الرجلين...
انسحبت هذه السذاجة حتى إلى الرئيس، حافظ الأسد...
الذي كان يعتقد أن بإمكانه تحرير ريتشارد نيكسون من تأثير اللوبي الصهيوني وهنري كيسينجر عن طريق الإقناع...
طبعا عودة بسيطة في التاريخ تكفي لتبيان مدى البساطة التي تحكمت بعقول العرب...
حتى صدام حسين، ظل يعتقد لوقت طويل أن الأميركيين سيفهمون يوماً أن لا غنى عنه في مواجهة القوة الإيرانية في خليج مليء بأشباه دول ليس لديها وزن، لا في العسكر ولا في الحضارة... بل هي مجرد محطات وقود فوق نبع من البترول...
الطامة الكبرى كانت أن منظمة التحرير الفلسطينية لم تختلف كثيرا عن هذه الأنظمة العربية حتى وصلنا الى وضع تمت فيه تصفية المناضلين في المنظمة ولم يبق سوى أشباه رجال وعملاء يساهمون في تصفية القضية بانتظار كسرة خبز يرميها لهم الأميركي...
من يتابع نهج حماس في المحادثات في القاهرة وما تقبل به، وما كانت تقدمه من اقتراحات، لا شك سوف يكون غبياََ إذا لم يرى المستقبل الأسود الذي سوف تقودنا إليه هذه الحركة المنبثقة من الإخوان المسلمين...
يجب أن يفهم الجميع أن الأخوان المسلمين الذين يقاتلون إسرائيل لا يمكن أن يكونوا سوى من أمثال فتحي الشقاقي...
أما أمثال خالد مشعل...
نهاية هؤلاء كما إردوغان...
عدو إسرائيل في الشكل، تابع لها في الجوهر...
الذي يتحدث عن تحويل غزة إلى دبي فلسطينية سوف يقودنا بالتأكيد إلى شيء ما مشابه لأوسلو، لكن مع بعض المال وابنية زجاجية، وشعب خامل وربما حتى مقاهي انترنت...
في حالتنا، سواء في المقاومة اللبنانية أو في إيران لا يزال الرأسماليون الوطنيون اللبنانيون والإيرانيون يعتقدون أن هناك إمكانية لمكان لهم تحت الشمس الأميركية...
لذلك عداؤهم لأمريكا قائم فقط بانتظار أن تعطيهم أميركا هذا المكان تحت الشمس...
هل هذا ممكن...
هل يمكن الوصول إلى تفاهم مع أميركا؟
هل تسمح الرأسمالية الأميركية بهكذا تفاهم؟
هل تسمح العقيدة الإسلامية بالتلاقي مع هكذا نظام؟
غداََ سوف نحاول سبر أغوار من يسيطر على أميركا، وما هو الفكر الذي يسيطر على الثورة الإيرانية...؟
وما إذا كان بالإمكان الوصول إلى تسوية مع الأميركيين...؟