اللبنانيون ملوا..
بعد الإفلاس، و"الشحار، والتعتير"، وانتظار الفرج في وطن يتحكم برقبته زناة الليل إياهم... ملوا...
يتابعون نشرات الأخبار دون فهم شيء، يشربون الماء عن غير عطش، ويأكلون عن غير جوع...
إنه روتين الحياة ليس إلا، بانتظار أن يتم حملهم إلى مثواهم الأخير، عل الله يمن عليهم براحة لم يعرفوها في هذه الدنيا...
باسم الذي خلق السماوات والأرض، ألا تشعرون أيها اللبنانيون أن الأيام تدور ونحن ندور معها...
مع فارق بسيط جداً...
الأيام تدور في دولاب الزمن إلى الأمام... أما نحن... اللبنانيون...
نحن ندور حول أنفسنا على كثرة الأهوال التي عشناها وكثرة الضربات على رؤوسنا...
هل نحن عاجزين؟
يبدو كذلك...
كأننا أموات احياء في فيلم زومبي أميركي طويل...
لكن الأكيد...
إن النظام كله عاجز...
كل السلطات عاجزة عن أي فعل، لسبب بسيط جداً...
إن الحل هو بإقتلاع كل رجالات السلطة ورميهم في فرن لا تقل حرارته عن ألف ألف درجة مئوية، وكلما ذابت جلودهم، أعاد الله على أجسادهم جلوداََ أخرى...
رئاسة الجمهورية الحالية وكل سابقيها...
رئاسة الحكومة الحالية وكل سابقيها...
الحكومة الحالية وكل حكومات الدولة منذ أعلان تأسيس هذه الدولة المسخ...
في السلطة التنفيذية هذه، كل سوس المجتمع اللبناني...
هؤلاء هم اصل البلاء...
لكنهم ليسوا وحدهم...
هناك مجلس نواب هذه الأمة..
رئيسه الحالي وكل السلف...
نوابه الحاليون... ومن سبقهم...
برلمان لبنان... هو المشغل...
هو من يصنع السوس الذي يذهب إلى السلطة التنفيذية لينفذ في اللبنانيين حكم السلب والنهب والاستهبال...
هناك في مجلس النواب يسكن كارتيل الدواء منذ تأسيس دولة لبنان الكبير واستلام بضعة عائلات لهذا المرفق...
هناك يعشعش كارتيل النفط والغاز، منذ أن برع أمراء الحرب في قتل مصفاتي الزهراني وطرابلس، ليتم سد إدمان الناس على هذه المادة، فقط عبر هذا الكارتيل...
هناك يجلس حراس كارتيل المولدات يراقبون بالمرصاد أي مشروع كهرباء قد يحرمهم من المليارات الحرام التي يضعون عليها اليد الحرام...
حتى الاحتكارات العالمية لها رجالها في مجلس النواب...
أباطرة التبغ العالمي من مارلبورو إلى "كِنت" إلى غيرهم... يمنعون اي رسوم على تناول تلك السموم حتى أصبح لبنان من أكثر المدمنين على النيكوتين...
باسم سلطة الشعب، يحكم هؤلاء...
اللبنانيون باتوا يعرفون كيف تعمل ديمقراطية المال والمذهب والهبل والزبائنية...
يختم المال والعصبية على قلوبهم فيختارون من يختارون قبل أن يقوم هؤلاء بالتصويت لمن يحمل العصا التنفيذية والتشريعية في أحد أسوأ النظم التي تدعًي الديمقراطية...
لكن كل هذا "كوم" والسلطة الثالثة "كوم" آخر..
باسم القانون يحكم هؤلاء ولا احد يعرف ما هو هذا القانون وما هي شرعيته...
يتغنى البعض باستقلالية القضاء، ولا احد يعرف أين تبدأ هذه الاستقلالية وأين تنتهي...
لا احد يعرف من يعين القضاة ومن يعين المجالس والهيئات...
اين كلمة الشعب في كل ذلك؟
أين تبدأ سلطة القضاء وأين تنتهي... كأنها حزورة...
أحياناً، تستضيف الشاشات خبراء دستوريين يشرحون ويشرحون دون أن نفهم نحن، ودون أن يفهموا هم اين كلمة الشعب اللبناني في كل تلك الكلمات....
في محاكمة الضباط عرفنا أن قضاتنا لا يمكن الوثوق بهم، لذلك تم جلب قضاة من الخارج باسم السيادة والحرية والاستقلال...
فجأة اكتشفنا أننا مجرد احجار دومينو يحركها هذا الخارج... ويحرك معنا الرؤساء والحكومات والوزراء والنواب والقضاة والصحف والمصارف والشاشات...
حتى العاهرات في لبنان، يتحركن وفق مشيئة الخارج...
فكم من عاهرة لوت رقبة مسؤول في السلطة حتى صرنا مربعا ليليا...
من لا يتابع مهازل قضاء مهترئ لا يعرف احد أسس بنيته التنظيمية، وشرعية هذه الأسس...
عويدات يتبع الحريري وابراهيم يتبع بري وعبود يتبع عون أو البطرك أو جعجع أو حتى سامي ابن أبيه...
"هاي بلد هاي...؟"
هيدا نظام، او لا نظام...؟
بعد تعليم في المدارس والجامعات عن الجمهورية والسلطات الأربع...
نكتشف أن علم الأنظمة غير موجود لا في المدارس ولا في الجامعات...
علم الأنظمة موجود في كتب أصول السلطات...
وأصول السلطات تعود إلى السلطة الأعلى... إلى آلهة كل الأنظمة التي عرفتها البشرية...
إلى رأس المال
قل لي ممن تقبض، أقول لك من أنت...
يعتقد البعض أن في لبنان أسيادا...
يا حبيبي، هؤلاء كلهم ليسوا سوى مجموعة من عبيد المال...
من أكبر رئيس الى اصغر حاجب في أي إدارة...
كلهم تابعون لسلطة رأس المال...
أمس على شاشة المنار أجاب النائب السابق سكرية بالمقتضب عن مآسي قصة تاريخ الدواء في لبنان...
هل الأمر محصور هناك؟
لا، حتى الرجال النظيفي الكف أصابهم العمى...
لا يزالون يصرون على رفض رفع الدعم عن الدواء...
تقول لهم أن الدعم يذهب إلى المافيا... يوافقون ثم يقولون أن لا حل إلا بإعادة الدعم...
تقول لهم أن الدعم استعمل لتهريب الدولارات إلى الخارج عبر شراء كميات تفوق حاجة المرضى اللبنانيين بأضعاف واضعاف، يوافقون ثم يطالبون بعودة الدعم...
لقد اصبح الفساد جزء من روتين الحياة عند اللبنانيين...
الي الإنتخابات، در...
في حوار مع أحد الإخوة، أصر على أن لا حل إلا بالتوافق، تماما كما قال الأستاذ محمد رعد...
لقد حكمت ١٤ آذار مع فؤاد السنيورة والياس المر ووليد جنبلاط، فخربت البلد وذهبنا الى الدوحة...
حصل التوافق فحكمتنا المافيا بالصرماية العتيقة... حتى انهار البلد وأنهار كل شيء...
يقولون إن ٨ آذار حكمت البلد مع حسان دياب... وبين القائلين بهذا... بعض الحمقى من ٨آذار وحتى من المقاومة...
كيف حكمت ٨ آذار، ووزير التجارة تابع ل١٤ ووزيرة الإعلام تابعة لجنبلاط، ووزير الداخلية يأتمر بدار الفتوى والمستقبل، حتى حسان دياب لم يخرج عن الميقاتية بشيء، بل حكم بشرع أميركا، وما تريده اميركا حتى وإن كانت هي غاضبة منه، فقد كان ينفذ كل ما كانت تطلبه...
بل حتى كيف تكون ٨ آذار هي الحاكمة، وبطرك المال هو رجل اميركا الاول في لبنان رياض سلامة...
هل هناك حل؟
إذا جرت انتخابات وعادت نفس الأكثرية، نحن سوف نظل في نفس المستنقع... لأن الاستاذ محمد رعد مصر على النهج نفسه...
إذا انتصرت اميركا وحصل حكم بالتوافق، سوف نظل في نفس المستنقع... لا فرق... أساساً، ما يجري هو جزء من فيلم أمريكي طويل...
إذا انتصرت السعودية وعملت على إشعال حرب أهلية، سوف يتم تدمير البلد أكثر بكثير مما هو مدمر... وسوف تضطر المقاومة إلى أخذ السلطة في هذا البلد وقد جرى تدميره بالكامل...
من يعرف... قد يهدي السيد نصرالله النصر يومها لكل اللبنانيين بمن في ذلك من تآمر على البلد وعلى المنطقة...
تسألون ما العمل؟
شعب فاسد وعاجز أنتج أحزابا فاسدة وعاجزة...
إنها درب العذاب، إنها طريق الجلجلة... يجب أن نمشي عليها حتى نتطهر من الرجس الذي ركبنا نحن والمقاومة وحزب الله جميعاً...
كيف يمكن بناء اقتصاد مقاوم ومعظم الشعب اللبناني ومعظم جمهور المقاومة، أصحاب عقلية التجارة والربح والاقتصاد الحر..؟
كيف ممكن بناء مجتمع مقاوم، ومعظم قيادات المقاومة لم تقرأ كتابا مفيدا لا في الاجتماع ولا في الإقتصاد ولا في السياسة...؟
وإذا كانوا قرأوا، ونهجهم في لبنان هو خلاصة ما فهموه من أمور الدنيا، فالمصيبة أعظم...
منهم من ينتظر المهدي، وهو يتاجر بعرق الناس...
ومنهم من ينتظر المسيح، وهو يخزن المال الحرام...
كيف يمكن أن يأتي مهدي أو مسيح إلى هكذا مجتمعات...؟
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن، هم، ذهبت أخلاقهم، ذهبوا...