كتب الأستاذ حليم خاتون: حزب الله بين النقد والمديح
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: حزب الله بين النقد والمديح
حليم خاتون
20 كانون الأول 2021 , 17:31 م


مقالتان مهمتان للدكتور أسعد ابي خليل والاستاذ غسان سعود، تستوجبان الوقوف والتأمل...
مقالتان يجب إعادة قراءتها، ومن ثم التعليق...
في مقالته عن انفصام حزب الله في الحرب الإعلامية، لا يكتفي الدكتور أسعد بتناول قناة المنار أو حتى قناة الميادين رغم أنها تتميز عن المنار بالكثير من الحيوية، بل يصل إلى انتقاد الكثير من مواقف حزب الله التي ميزت سياسة هذا الحزب في السنتين الأخيرتين على الساحة الداخلية اللبنانية...

في النهاية، قناة المنار لا تمثل نفسها... هي صوت المقاومة... وكل ما تفعله هو الدفاع عن كل ما يصدر عن هذه المقاومة...

حتى برامجها السياسية تتراوح بين المونولوغ وبين استضافة من لا يغنون النقاش بشيء... فقط من منطلق أنهم قريبون إلى الرئيس ميقاتي أو الرئيس الحريري... أو عيرهم...

أما ضيوف الحلفاء... فكان الله في عون المشاهدين...
حتى لا نجلد المقاومة أكثر مما تستحق...

فإن هناك برامج جيدة جداََ، مثل خطوط الصراع مثلاً...
كما أن برامج التحية للشهداء وعائلاتهم، مثل "أحياء عند ربهم"، يمكن اعتباره تكريما وتعبئة في نفس الوقت...

ينتقد الدكتور أسعد فشل الحزب في التوجه إلى الجيل الشاب، دون الغوص في التفاصيل رغم أهميتها...

كيف يمكن التوجه إلى الجيل الشاب ومهاجمة اليسار "على العمياني"، ودون تمييز...

يتناول المسؤول عن الإعلام العبري في المنار مثلاً، الاستاذ حسن حجازي في إحدى تغريداته، التحور داخل اليسار،
لم يتناول الأستاذ حجازي أسامة سعد مثلاً أو الياس عطالله...

بل ترك انطباعاً ان كل اليسار متحور كما تتحور الفيروسات...

لا اعرف كيف تستطيع حركة مقاومة في القرن الواحد والعشرين تجاهل ثورية اليسار، أو مخاصمة الفكر الماركسي الذي لا يزال يحتل حيزاً كبيرا في فكر الشباب وفكر حركات التحرر في العالم...

بل كيف يمكن مخاطبة الشباب من داخل قوقعة دينية بعد كل ما حصل في سوريا...

إذا كان الأستاذ حجازي مثلاً يقصد ميشيل كيلو او برهان غليون، وهذان مثلان ساطعان عن الانتهازية الطفيلية داخل اليسار الماركسي، فماذا عن الذين عقد حزب الله معهم تفاهمات من السلفيين أو الإخوان المسلمين، إلى درجة أن نقاشا حادا حصل بين كاتب هذه الأسطر وأحد قدامى الحزب الذي انتقد جمال عبد الناصر بسبب إعدام سيد قطب... وسيد قطب هذا لم يكن سوى المثل الفاقع للدواعش الذين عاد الحزب إلى مواجهتهم لاحقاً...
ثم كيف يستطيع حزب الله التوجه إلى الشباب، وهو لا يقدم أي برنامج... ولا حتى برنامج حد أدنى يستطيع مخاطبة الجيل الشاب خارج الخطاب الديني...

هل ممكن في القرن الواحد والعشرين ان يتم تجاهل بناء دولة، أي دولة، على أسس الحقوق المدنية...؟

هل يمكن في القرن الواحد والعشرين التكلم مع المرأة على أساس أنها ليست نصف المجتمع ويحق لها ما يحق للرجل في مسائل الزواج والإرث...
بدل تلك السخافات التي تتحدث عن أصوات امهاتنا وبناتنا وأخواتنا على انها عورات...

حتى المحاكم الجعفرية، كانت أكثر تقدمية في مسألة الأحوال الشخصية من الحزب حين قبلت في عقود الزواج أن يكون "العقد شريعة المتعاقدين"...

هذا في خصوص الخطاب الموجه إلى الشباب عامة... 
فماذا عن شباب الطوائف الأخرى...؟

اليوم صباحاً، على فرنسا٢٤، كان يشار إلى ما حصل في الطيونة على أساس أنه اشتباك بين حركة أمل وحزب الله الشيعيين، ضد القوات اللبنانية المسيحية...

هل هذا كذب...؟
حتى لو كان هناك كذب، فإن في ما حصل الكثير من الصحة...

مرة بعد مرة يتورط حزب الله في السير في مظاهرات تتقصد رفع شعارات غاية في الحماقة المقصودة من البعض... مثل صراخ "شيعة.. شيعة"...

بربكم كيف يمكن ان يخدم هكذا شعار احمق سخيف قضايا الناس غير العمل على الحجر على حزب الله داخل علبة فولاذية من التعصب الأعمى ويمنع عليه التلاقي مع المستضعفين والمضطهدين من الطوائف الأخرى...

كلنا يعرف أنه لولا العصبية الطائفية لكانت الجماهير اقتحمت قصور من نهب وسرق وهرّب... وربما سحلتهم في الشوارع...

كلنا يعرف إن العصبية المذهبية هي ما يمنع المحاسبة في لبنان...
حتى صارت الجرائم المالية والشطارة في نهب المال العام أموراً مباحة...

مسكين داستايوفسكي، كتب قصته المشهورة عن الجريمة والعقاب، قبل أن يتعرف على هذا البلد الغريب لبنان...
يسمي الاستاذ عمر نشاشيبي لبنان، ببلد الجريمة دون عقاب...

قبل حوالي السنة، انتقد البعض التوجه إلى القضاء ضد أمثال ديما صادق أو مي شدياق...

قلنا يومها، أن الحزب بهكذا أفعال يرفع من شأن الصعاليك، وأعطينا مثلاً على ذلك شعر المتنبي الذي كان يُعلي من شأن خصومه حتى لا يشعر بإهانة مخاصمة الصعاليك...
فأنا أن هذا يكسب هؤلاء دعم الجاهلية في طوائفهم...

هل يريد حزب الله إقناع الناس بعدالة القضاء اللبناني ونظافته...؟

يبدو الحزب في هكذا أمور بسيطاََ إلى درجة السذاجة...

اساسا، كل النظام القضائي اللبناني، ليس فقط فاسد ومشوه، بل غير ديمقراطي ويتم تعيينه من قبل الفاسدين أنفسهم...

لا يوجد في لبنان قضاء مستقل كما لا يوجد مجلس نواب حر، ولا سلطة تنفيذية سيدة ومستقلة...
كل هؤلاء توابع..
هنا نأتي إلى مقالة الاستاذ غسان سعود الذي تناول كيفية تعامل كل السلطات في لبنان، والكثير من المنظمات غير الحكومية مع حزب الله...
ما يحق لهم لا يحق لحزب الله...
ما قاله الاستاذ سعود صحيح مئة في المئة...
كل هؤلاء يتعاملون مع الحزب كأنه نكرة...
لكن من المسؤول عن هذا...؟ 
إنه حزب الله نفسه الذي يعطي كل هؤلاء وزناََ لا يستطيعون حمله...
مشكلتنا مع حزب الله انه يعطي هذا النظام شرعية لا يستحقها...

في السابق، قلنا أن هناك عقدة نقص عند حزب الله...

هو يريد ان يكون محبوبا من الجميع... وهذا مستحيل...
لا يمكن مناصرة الحق وكسب قلب الظالم...
حتى لو أعطى حزب الله هؤلاء لبن العصفور كما يفعل دوماً، سوف يظل البطة العرجاء، أو القطة السوداء...

بتصرفه هذا يعطي حزب الله انطباعاََ، بالسذاجة القصوى...

تماما كما فعل حين عفا عن العملاء بعد التحرير مباشرة سنة 2000 بدل فرض محاكمات عادلة يدفع فيها كل واحد عمّا اقترفت يداه،وعن عمى قلبه الأسود...

تماما كما فعل حين اهدى النصر إلى كل اللبنانيين بما في ذلك العملاء والانتهازيين ممن كان يمسح حذاء كونداليزا في السفارات الأميركية ويطلب منها عدم القبول بوقف إطلاق النار قبل سحق المقاومة...

إن نقد الحزب، ليس فقط لبعض التصرفات... 
هذه التصرفات ليست ناتجة عن نزوة أو خطأ ما ارتكبه عضو ما في الحزب...
هذه التصرفات... وهذه الأخطاء..
 وهذه السذاجة ناتجة عن فكر لا يزال يؤمن بإمكانية الحوار مع العملاء، لا يزال يؤمن بإمكانية إصلاح من لا أمل بإصلاحهم... 
ليس لأننا لا نريد، بل لأن هؤلاء مرتبطين مصلحياََ مع أعداء الأمة.

مصالحهم هي مصالح الأميركيين والصهاينة...

هم يعرفون ذلك جيداً...
عمالتهم ناتجة عن سابق إصرار وتصميم...
في القانون الثوري، مكان هؤلاء هو ساحات الإعدام...
الذي يستطيع الحكم في هؤلاء لا يمكن ان يكون قضاء سهيل عبود أو حتى غسان عويدات أو علي ابراهيم...
هؤلاء يحتاجون إلى محاكم ثورية تصدر احكاما ثورية...

احلام حزب الله في الهدوء ومحاولة الكلام مع هؤلاء بالتي هي احسن، قد مضى عليها الزمن...
وضعُ لبنان، كما وضع المنطقة هو وضع ثوري...
في زمن الثورات، لا يستطيع المرء انتظار الخير من قضاء سهيل عبود...
كما كان السيد نصرلله حازما حين قال عن بيطار ان هذا القاضي لن يجلب الحقيقة لأهالي شهداء المرفأ، عليه أن يكون حازما في توصيف قضاء سهيل عبود كقضاء تبعية الخارج...

كما عليه أن يحسم أمره بوضع توصيف دقيق لهذا النظام...

يقول المثل صيت غنى، ولا صيت فقر...

يا اخي هم يقتلون أن حزب الله يسيطر على البلد ويقومون مع ذلك بارتكاب كل الموبقات...
على الأقل، فليسيطر حزب الله على البلد فعلاً، وتبدأ المحاسبة ويتم مصادرة املاك كل هؤلاء اللصوص، واموالهم ووضعهم في الزنازين حتى إعادة المال المنهوب...
                       حليم خاتون
المصدر: موقع إضاءات الإخباري