مصر : لم نحصل بعد على الموافقة الأميركية لبدء ضخ الغاز الى لبنان.
أرفع أنواع السيادة ماقاله وزير البترول المصري ، بكل بساطة تقولها مصر أمُّ الدنيا : لم نحصل بعدُ على الموافقة الأميركية،لضخ الغاز الى لبنان ، تقولها مصر بكل فخر واعتزاز، وحماوة في الراس، وارتفاع في الهامة وحديث طويل عن الحرية والِاستقلال .
أميركا تسمح ، أميركا لا تسمح ،مصر تسمع ، ومصر لاتسمع ، مصر تُنفّذ ، ومصر لا تُنفّذ ، مصر مطيعة وليست خاضعة ، الإطاعة ناتج الارادة ، أمّا الخضوع والانحناء فهو ناتج الأوامر . المُطيع صفة جميلة ، يعتّز بها الآباء والأولاد ، فالولد المُطيع يكسب رضى الوالدين ، ومصر المطيعة تكسب رضى الأب الراعي والأم الحنونة .
رحم الله المتنبي الذي قتله بيت شعر.
رحم الله فارس الخوري، عندما جلس على مقعد المندوب الفرنسي في هيئة الأمم المتحدة.
رحم الله يوسف بَك العظمة الذي لم يستطع أن يرى الفرنسي يدنِّس أرض الشام.
رحم الله الرئيس حافظ الأسد عندما أنهى الِاجتماع مع كلينتون، قبل أن يبدأ، وعندما أهداه علبة التراب، وعندما أوقف طائرة وزير الخارجية الأميركية في المطار ساعات.
وأطال الله بعمر بشار الأسد، عندما رفض أن يكون ملك ملوك العرب بوصاية الولايات المتحدة الأميركية.
رحم الله الملك فيصل، الذي مع كل مافعله من جرائم، أنهى حياته بأعظم موقف، عندما قال لكيسنجر: بدنا نرجع نركب عالحمير والجِمال.
وأطال الله بعمر الرئيس إميل لحود الذي قال لمادلين أولبرايت وزيرة خارجية أمريكا، خلال انسحاب العدو من جنوب لبنان، وبعد أربع ساعات من الحوار، وبعد تهديدها": صارت الساعة الرابعة صباحا، وأنا نعست بدي نام، وأقفل الخط بوجهها.
وا حسرتاه، ماذا بقي من جمال عبد الناصر في مصر، غير الإسم الذي فقد فخامته في مصر ؟
مصر التي أسست منظمة دول عدم الانحياز،مصر التي أممت قناةالسويس وحضنت قضية السودان، مصر الدولة الفاطمية وقاهرة المعتّز.
بكل ثقة بالنفس يعلن وزير البترول المصري عدم الحصول على الموافقة النهائية الأميركية، لبدء ضخ الغاز إلى لبنان،وتسمع من يقول: إنّ مصر تتمتع بكامل السيادة القومية على أراضيها وعلى قراراتها.
وتسمع من يقول مقتنعا إنّه: يمكن لمصر أن تكون مرجعية للقضية الفلسطينية، ومركزاً للصلح بين الفصائل الفلسطينية ، ومن يقول إنّه: يحق لمصر أن تتدخل في شؤون دول العالم العربي، خاصة تلك التي تتعرض لِاضطرابات داخلية.
لم يعد يليق بأحرار العالم العربي أن يكون مركزالجامعة العربية في القاهرة عاصمة الدولة المصرية، ولم يعديجوز أن يكون رئيس الجامعة العربية من التابعية المصرية، وخاصة إذا كان من الذين استلم منصب وزيرخارجية،أوأي وظيفة رسمية، فلا يمكن لمن تنازل عن سيادة مصر، أن يعرف كيف يجب أن تكون سيادة الدول على أراضيها، وعلى مواردها الطبيعية.
من قال: إنّ مصر التي تتاجر بما ليس لها، تتاجر بجزيرتي صنافير وتيران مع السعودية ومع دولة العدو ، مؤهّلة لتلعب دوراً مساعداً في حل مشاكل الأمّة العربية، ودول العالم العربي.
لن يتحرر العالم العربي إلا إذا تحرر من مرجعية مصر الفاقدة السيادة،والزاحفة على بطنها أمام البيت الأبيض الأمريكي، ومن المملكة "العربية" السعودية المستسلمة للإرادات الأجنبية.
من يقولها علناً: إنّه ينتظر الأوامر من الولايات المتحدة الأميركية، كي يقرر في شؤون مصيرية لبلاده وللعالم العربي ، يجب عزله وإسقاطه، وأعتقد أننا نحتاج الى عملية فرز بين الأحزاب والدول التي لا تساوم على السيادة، وبين الأحزاب والدول التي باعت السيادة، ثمناً لِلَقَبٍ أو وظيفة.
لم يعد العجب من التخلي عن السيادة بل أصبح العجب في الأقلام التي استقالت من خوض المعركة، وأعلنت عجزها في المواجهة العجب كلّ العجب،أن أقلام الحريةماتت وأصبحنا في صحراءنادراًمانجدفيهاواحة رافضة لهذا التَصَحُّر.
أسقِطوا النظام المصري، أسقطوا نظام المملكة "العربية" السعودية، تتحرّروا، يتحرر العالم العربي، وتتحرر فلسطين، وتعود الأجزاء السليبة.