تمخض الجبل، وولد فأراََ...
فأرا كان، وفأرا لا يزال...
عندما ضرب الرئيس عون موعدا مع الإعلام، ظن شعب لبنان أن الرئيس "خلص"... سوف "يبق البحصة"...
منهم من تنبأ بهجوم ساحق على الرئيس بري وعلى الطبقة التي حلبت لبنان مع رفيق الحريري، ومع ورثة رفيق الحريري...
ومنهم من ظن أن الرئيس عون سوف يرمي القفاز في وجه كل الطبقة السياسية وسوف يضع اللبنانيين أمام حل واحد لا غير...
الدعوة إلى مؤتمر تأسيسي لإعادة بناء الدولة...
كل هؤلاء لا يعرفون إلرئيس عون...
كل هؤلاء عندهم فكرة تقول أن ميشال عون الذي حارب النظام السوري ورفض الوصول إلى الرئاسة على ظهر دبابة سورية، وضمن تسوية تؤمن له مقعدا على سفينة اتفاق الطائف... لا يزال هو ميشال عون الذي لا يهادن!!!...
لكن ميشال عون، لم يحارب النظام السوري عن قناعة، بقدر ما كانت تلك المواجهة رهاناََ على الحصان الخاسر في المنطقة، صدام حسين...
ميشال عون ترك القصر وترك أنصاره ولجأ إلى باريس...
ميشال عون، لم يختلف عن سمير جعجع إلا في وجهة الرهان... من أجل الاستفراد بتمثيل المسيحيين في داخل الحكم القادم من نظام أكلة الجبنة...
كل علمانية ميشال عون ماتت يوم دخل الطائف شريكاً مضارباََ في تقاسم جبنة السلطة في لبنان..
الكلمة الوحيدة التي ربما تشفع له في كل ما قاله ليلة امس، هي دعوة يتيمة ضعيفة باهتة إلى إقامة نظام مدني في لبنان...
فيما عدا ذلك، كانت كل اقوال ميشال عون هي اجترار نفس المواقف التي يسعى الرجل من خلالها على الحفاظ على نسبته من كعكة السلطة...
لو كان في هذا الرجل خير، لكان عقد الصفقة قبل الوصول إلى الرئاسة...
كان عليه الترشح لرئاسة الجمهورية على أساس برنامج واضح لإعادة بناء الدولة فعلاً على أسس مدنية...
انتظرت الطبقة الحاكمة خطاب الرئيس ليلة أمس، وهي خائفة من رمي القفاز في وجهها... لكنها ما لبثت أن تنفست الصعداء...
كل ما حصل هو مجرد كلام في كلام لا يسمن ولا يغني عن جوع...
كل ما فعله الرئيس هو الإستمرار في الدوران داخل أنبوب الإنهيار الإقتصادي المالي نحو اللا قعر...
لم يقدم الرئيس عون أية اقتراحات ملموسة لأي برنامج إصلاح...
لم يصارح الرئيس عون شعب لبنان بحقائق ما يجري وحقائق ما نحن نسير إليه في سقوط حر نحو مجهول لا قعر له...
مقارنة بسيطة بين الرئيس عون والرئيس التونسي قيس سعيد...
تُظهر أن الأول ليس من طينة الرجال التاريخيين، لا في البنية الشخصية ولا حتى في الموقع التاريخي...
قد يقول قائل إن لبنان هو غير تونس...
تونس دولة فيها قوى قد تختلف مع الرئيس أو قد تتوافق معه، لكنها قوى تريد بناء دولة...
أما لبنان، فهو اتحاد مزارع طائفية مذهبية تحت سلطات رجال دين ودنيا لا هم عندهم غير حلب هذه الدولة حتى آخر نقطة حليب قد يخرج من صدرها...
جاء الرئيس عون أمس واقترح إعادة تنظيم اتحاد المزارع هذا عبر ضرب المركز، لصالح مراكز متعددة إداريا وماليا...
ما يريده الرئيس هو أن تصبح كل محافظة، مجرد إقطاعِِ يعطى لطائفة برأس واحد أو أكثر... لا يهم...
هكذا سوف يستطيع الرئيس إقامة دويلة الكازينو التي تكسب ما يكفي من المال، لشراء البطيخ والبندورة وفق نظرية جعجع عن تعدد الشعوب اللبنانية...
عندما يريد أحد من الأطراف الفرفشة، وشرب كأس من الويسكي وقضاء ليلة حمراء في حضن دافئ، ما عليه سوى الانتقال الى القاطع الإداري المالي الآخر...
تماما كما كان يفعل بعض قادة الفصائل الفلسطينية أيام الحرب حين كان يستضيفهم بشير الجميل في المناطق "المحررة" أو "الحرة"، لا فرق...
المأساة، قمة المأساة ليست في كلمة نجيب ميقاتي المقتضبة، والتي لم تعن شيئا محدداََ، فالسنّة هذه الأيام في ضياع، إلى أن تسمح لهم مملكة ابن سلمان بأن يعود إليهم الصوت بعد أن قامت المملكة بخصي سعد الحريري، فاختفى صوته بشكل شبه كامل...
المأساة، سوف نسمعها إذا وافق حزب الله يوم الإثنين على الدوران في نفس الاتجاه مع الرئيس عون، والاستمرار بالبلد في السقوط الحر نحو الإنهيار الذي لا قعر له...
منذ أن دخل حزب الله جحيم السلطة في لبنان، وهو لا يتوقف عن اقتراف الأخطاء عبر اللعب بنفس قوانين الآخرين...
لا ضرورة بالتأكيد لإعداد أية مضبطة عن سيرة وزراء الحزب ونوابه... فهي لم تتجاوز يوماً ردود الأفعال على ما يجري...
عجز عن مجاراة التاريخ، وعجز عن رؤية الوقائع على الأرض، والتصرف كأن المقاومة هي مُحسن كبير من المغتربين الذين يرسلون مونة الشتاء للفقراء والمعدمين...
مشكلتنا مع حزب الله إنه يضع على عينيه نظارت شمسية في عز العتمة، فينتهي الأمر به إلى عدم رؤية حتى ضوء القمر...
مشكلة حزب الله هي مشكلة المحور كله...
منذ اسبوعين تقريبا قصفت إسرائيل ساحة المستوعبات في ميناء اللاذقية، فخرجت في اليوم التالي الصحف التي تؤيد المحور وتحدثت عن انذار إيراني سوري...
فجر اليوم، قصفت الطائرات الإسرائيلية نفس المواقع وبعنف اكبر وبدقة أكثر...
ابتلعت إيران وسوريا لسانيهما... حتى المعلق الذي عادة ما يتحدث عن إسقاط الصواريخ قبل الوصول إلى أهدافها... غاب عن السمع...
المحور نفسه يتلعثم في العراق، بعد أن خسر الجمهور لألف سبب وسبب...
بغض النظر عن مدى التزوير في الانتخابات، فإن ما حصل هو صفعة على وجه أطراف المحور في العراق... حتى لو كابروا ورفضوا الاعتراف...
في العراق، لا يعترف المحور بالاخطاء المميتة التي ارتكبها...
لا يوجد عندهم شيء اسمه نقد ذاتي... أو مساءلة... أو أي نقد بناء...
هل تختلف الأمور في لبنان؟
يا أخي والله فهمنا...
إن الهدف الاستراتيجي للمقاومة هو فلسطين، والدفاع عن لبنان...
كل الهم هو في الحفاظ على الاتجاه نحو هذا الهدف...
يا أخي لا تستطيعون ارتكاب الخطايا في التكتيك تحت حجة الحفاظ على الستراتيجيا...
من يخطئ في التكتيك، لن يصل ابدا إلى الستراتيجيا...
هذا هو ألف باء المنطق...
كما يقول الشيخ إمام:
"مش ناوي تبطل تكتب بصراحة كلام بوليتيكي... عن دور الحل السلمي واستعمالو التكتيكي..."
يا أخي أذا استمريتم على هذه الحال سوف تخسرون الجمهور...
والجماهير هي للمناضلين كما الماء للسمك...
بمن سوف تقاتلون من أجل فلسطين...
لا تختبئوا خلف الوضع المعقد في لبنان...
مطلوب من المقاومة أن تكسر كل الحواجز الطائفية، إذا أرادت بناء دولة وطنية قوية وعادلة...
هذا الأمر لن يحصل من تلقاء نفسه...
هذا يحتاج إلى فكر عابر للطوائف والمذاهب...
المطلوب من السيد حسن يوم الإثنين أن يتلقف طرح المؤتمر للوصول فعلا إلى الدولة المدنية...
يجب على السيد مع كل المعذرة التعبير بشكل رفض قاطع عن أي تقاسم للسلطة يقوم على أسس طائفية...
يجب الإصرار على مؤتمر تأسيسي لبناء دولة مدنية مع تبني فكرة الجمهورية الديمقراطية الشعبية... هذا هو الدرع الفعلي للمقاومة والطريق الصحيح لإسقاط كل أعداء الأمة في فلسطين وفي الإقليم...
على الحزب أن يصر على هذا النظام من أجل سياسة دفاعية تقوم فعلا على الحرب الشعبية وترفض الوضع الحالي الذي يجعل من لبنان مجرد تابع لاميركا وكلاب اميركا...
أكلة الجبنة سوف يرفضون بالتأكيد...
هذه مشكلتهم هم وليست مشكلة المقاومة...
على المقاومة أن تصر على مبادئها والإصرار على أهدافها...
المهم الإصرار على المبدأ وعدم السكوت بعد اليوم حتى لو أدى ذلك إلى أي سيناريو آخر...
في النهاية، يحب أن لا تتراجع المقاومة كما فعلت أكثر من مرة حرصا على سلم أهلي ليس سوى غطاء لاستمرار المؤامرة على هذه المقاومة...
هناك عند الشيعة من يحلم بشيعية سياسية، وبمثالثة...
هذا الأمر لن يكون سوى مقبرة للمقاومة ومسمارا في تابوتها...
وحدها الدولة المدنية القوية العادلة هي الطريق للخروج من الإنهيار...