لماذا الخوف على جنى العمر...؟
الشعب اللبناني "عم بتخنًها"...
الرئيس عون، الرئيس بري، الرئيس ميقاتي... لم يبق أحد في السلطة إلا ووعد اللبنانيين، وبالأخص، صغار المودعين أن مالهم سوف يرجع لهم... "مش عالمشمش"، لا... بل بعد إقرار خطة الحكومة العلية بخمسة عشرة سنة، إذا "ضلينا طيبين"...
"وما رح نضل أكيد..."
يقال إن ملكا لا يختلف كثيرا عن حكام بلاد العرب، ولبنان من بلاد العرب، إذا وافق الفينيقيون من حلفاء الخليج...
يقال إن هذا الملك، "طلعت برأسه..."، بالعربي الدارج، "تيّس"...
قرر هذا الملك إجبار علماء المملكة تعليم حمار المملكة المدلل الكلام... في مشروع لا يختلف كثيراً عن ٢٠٣٠، أو عما يجري في ممالك الموز والابراج الزجاجية...
كان الملك يُخيًر العلماء والمفكرين بين الموافقة على تعليم الحمار "الحكي" أو الموت على خازوق، فيما يشبه تقطيع جمال خاشقجي في سفارة بلاده في تركيا...
مضت الأيام والملك يعلق العلماء والمفكرين الواحد بعد الآخر على الخوازيق...
اجتمعت الجموع وذهبت الى حكيم متصوف يسكن أطراف المملكة، وطلبت منه إيجاد حل لهذه المسألة قبل أن يقضي الملك المجنون على كل كبار القوم...
فجر اليوم التالي، ابكر الحكيم في الحضور إلى مجلس العرش قبل أن تتم التضحية بأي عالم أو مفكر آخر...
طلب الاختلاء بالملك، ثم خرج على الناس يطمئنهم أن الأمور حُلت، وأنه أخذ على عاتقه تعليم الحمار الكلام خلال فترة ١٥ سنة...
زاد خوف الناس، وتبعوه إلى مسكنه وقالوا له:
لكن هذا مستحيل. لن تستطيع تعليم الحمار الكلام وبعد رفعك على الخازوق، ستعود حليمة إلى عادتها القديمة...
أجابهم الحكيم أنه أخذ عهدا من الملك أن لا يكون أي كان غيره من يعلم الحمار الكلام، وأنه سوف يحتاج إلى خمسة عشرة سنة من أجل هذه المهمة...
"لكن، بعد خمسة عشرة سنة، سوف يعاود الملك القتل من جديد"، ...قالت له الجموع...
بعد ١٥ سنة، إما يموت الملك، أو يموت الحمار أو اموت أنا وحتى يومها، "بحلّها الحلّال"... أجاب الحكيم...
ليت الرؤساء الثلاثة وبقية الطبقة السياسية في لبنان كانوا بنفس مرتبة السوء واللصوصية والكذب على الناس مثل ذلك الملك المجنون، واكتفوا ب ١٥ سنة من أجل إعطاء الناس حقوقها...
لا، لقد وصلت الوقاحة بهذه الحكومة والحاكم بأمر المال، حدودا تفوق ظلم الملك إياه بأضعاف...
بعد تفكير ملي، خرج الرئيس ميقاتي، والحاكم ووزير المال من الحمامات يصرخون: "وجدتها، وجدتها"... تماما كما فعل أرخميدس...
يا للصدف... نفس الفكرة خطرت على رؤوس الثلاثة معا، وفي نفس الوقت...
سبحان الخالق، إن أراد شيئا، يقول له كن، فيكون...
المهم أن الفرسان الثلاثة وجدوا الحل... هو حل بسيط جداً...
كيف لم يفكر به الرئيس حسان دياب، غفر الله له تلك السقطة !!؟؟
الخسائر ٦٩ مليار دولار...
تتحمل سلطات نهب المال العام عشرة مليارات دولار... سوف تحصلها طبعاً من جلدنا في الضرائب والرسوم التي تبرع في فرضها على الفقراء وصغار الكسبة...
يتحمل المصرف المركزي، إثنا عشرة مليار دولار، وفي جعبته من العاب الهندسات المالية ما لا يعد ولا يحصى... ناهيك عن الذهب المجهول محل الإقامة والذي يزيد ثمنه عن ثمانية عشرة مليار دولار...
المصارف المسكينة، والتي لم تكتف بكل النهب الذي نظمته خلال ثلاثة عقود من النهب في ظل الحريرية ومن ورثها... وكل السرقات التي مارستها خلا السنتين الأخيرتين...
هذه المصارف سوف تتحمل ثلاثة عشرة مليار دولار...
على فكرة، جمعية المصارف ترفض بالمطلق أن تتحمل أي شيء...
هؤلاء جميعا يؤلفون ما يمكن تسميته الدولة العميقة في لبنان؟
وحدهم الذين لا صوت لهم...
وحدهم المودعين، سوف يتحملون ٣٨ مليار دولار و"صرماية بالتم كمان"...
حتى المساكين، "المعترين" الذين لا يملك واحدهم أكثر من خمسين ألف دولار هي "تحويشة العمر"... والذين لا يملكون كلهم مجموعين أكثر من ثلاثمائة وخمسين مليون دولار...
حتى هؤلاء، تريد حكومة ميقاتي التي تضم مباشرة أو غير مباشرة كل الأحزاب؛ تريد هذه الحكومة العتيدة قصف عمرهم...
يوم ذهبوا إلى المصارف بعد ١٧ تشرين، يوم كان الدولار بأقل من ألفي ليرة، رفضت المصارف إعطاءهم اموالهم وأجبرتهم إما خسارة كل شيء، أو تحويل أموالهم إلى دولار يقبضونها بعد سنة تجميد دون فوائد...
لقد وجدها محمد نجيب ميقاتي، والضابط المالي عنده رياض سلامة...
سوف يتم وضع اليد على ٤٠٪ من هذه الودائع وتقسيط.الباقي على ١٥ سنة...
أما الذي لم يلحق نفسه ويحول ليراته القليلة إلى دولار، فسوف يتم حسم ٧٥٪ من الفوائد التي حصل عليها بالرغم من أن ليراته نفسها أصبحت بسعر ورق التواليت...
ولكي تتم النصبة على الأصول، لن يحصل هؤلاء على دولار واحد، بل على ليرات على سعر منصة يلعب بها المصرف المركزي كما لعب خلال السنتين المنصرمتين...
باختصار لن يحصل صغار المودعين ممن يملكون الجِمال على اكثر من الأذن...
يعني إذا كان عندك وديعة بخمسين ألف دولار، كانت تعويض نهاية خدمة أو ثمن عقار بعته، سوف تكون محظوظا إذا أعادوا إليك ١٠٪، أي خمسة آلاف دولار مقسطة على ١٥ سنة... وبالليرة أيضاً...
من الآن وحتى انقضاء ال ١٥ سنة سوف يموت الرؤساء وسوف يموت الحاكم بأمر بالمال وسوف ينقبر معهم أصحاب المصارف من اللصوص...
لكن بعد أن يتأكدوا جميعاً أن الغنم من المودعين في لبنان قد سبقوهم إلى الآخرة بعد طقت مراراتهم أو انتحروا بدل أن ينحروا من أوصلهم الى تلك الحال...
حليم خاتون