كتب الأستاذ حليم خاتون: سابع من أيار روسي في أوكرانيا.
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: سابع من أيار روسي في أوكرانيا.
حليم خاتون
24 شباط 2022 , 17:47 م

بعد بطرس الأكبر، وكاترين الثانية، ها هو فلاديمير بوتين يلغي كل مفاعيل عصر غورباتشوف ويلتسين...

بعد أن امتد الخامس من أيار الاطلسي فترة زادت عن الحد في كييف، قررت روسيا القيام بعملية نظيفة تنهي جمهورية جورج سوروس...

أكذوبة الثورة الملونة التي تغطي تمدد حلف الأطلسي لتهميش روسيا وتحويلها إلى مجرد حجر من أحجار الشطرنج في خدمة الإمبريالية الأميركية انتهت يوم اعترف بوتين بحق روسيا بالدفاع عن الروس في أقاصي الأرض ومغاربها...

في الخامس من أيار ٢٠٠٨، وبعد صبر فاق صبر ايوب نفسه، قررت المقاومة الإسلامية تنظيف بيروت اولا، ولبنان بالتالي من كل أوكار المخابرات العربية والإسرائيلية والغربية التي كانت تنتشر في انتظار لحظة الانقضاض على حزب الله...

يومها وفي اقل من ٤٨ ساعة كان عناصر المخابرات الأردنية والسعودية والإسرائيلية يتجهون إلى مرفأ جونية ومن هناك يهربون باتجاه قبرص وفلسطين المحتلة...

خلال ٤٨ ساعة استسلمت ميليشيات العملاء التي جندها اشرف ريفي، كي تكون شرارة بداية حرب أهلية الهدف منها إنهاك المقاومة تمهيدا لغزو أطلسي بعد أن فشلت اسرائيل فشلا ذريعاََ في حرب تموز ٢٠٠٦...

في السابع من أيار وقف فؤاد السنيورة ووليد جنبلاط عاريين حتى من ورقة التين...

نفس السيناريو يجري اليوم... لكن في أوكرانيا...

انهيار كامل للجيش الأوكراني بعد رفض الجنود الأوكرانيين الإستمرار في لعبة القط والفأر التي أراد زيلينسكي اتباعها مع روسيا...

هل هذه العقوبات ضد روسيا فقط؟

عقوبات سوف تؤدي في النهاية إلى تفتيت الدولة الأوكرانية، ورفض التدفئة بالغاز الروسي حتى الموت برداََ...

أميركا تطلب من قطر ارسال الغاز الى اوروبا لتلبية حاجة القارة من الطاقة بدلا عن الغاز الروسي... وقطر تعلن أن لا شيء يمكن أن يعوض عن الغاز الروسي في المستقبل المنظور...

بريطانيا لا تحتاج إلى مصادر الطاقة من روسيا، لذلك هي تهدد طالما أن هذا التهديد لا يضرها بشيء...

الغاز الأميركي بعيد ومكلف...

ماكرون الفرنسي، وشولتز الألماني يشبهان إلى حد بعيد وليد جنبلاط... سفسطة حكي والدوران حول الذات...

تهديدات فارغة سوف تؤذي روسيا بالطبع، لكن الأذى الأكبر سوف يطال هاتين الدولتين، ومعهما مجموعة الدول الأوروبية في شمال القارة ووسطها...

غزو العراق سلم اميركا مفاتيح العالم لعقدين من الزمن كانت أثناءها روسيا تتخبط في تركة ميخائيل غورباتشوف وبوريس يلتسين...

كانت الصين تعمل على "اللس" في تنمية قدراتها الاقتصادية والعسكرية...

ما فعله بوتين في أوكرانيا، هو استعادة مركز القوة العظمى رسمياً...

بعد سوريا، عادت روسيا الى المسرح العالمي دولة كبرى...

لكن اميركا، ومعها الجرو البريطاني اللاهث خلفها دوما وأبداََ، لم يتوقفا لحظة عن إهانة روسيا...

كل يوم، تهديدات بالعقوبات...

ضغطت اميركا على ألمانيا وعملت على تأخير عمل خط السيل الشمالي الثاني...

كلما كان بوتين يعطي، كان الغرب يطلب أكثر... حتى طفح الكيل...

في النهاية فلاديمير بوتين ليس سلمان بن عبد العزيز، ولا بالطبع ابنه محمد المجنون...

قوة وسرعة هضم الإهانات عند الأخيرين، لا يضاهيها شيء في علوم طب الجهاز الهضمي..

أجرى بوتين مناورات يدخل في ضمنها إمكانية استخدام السلاح النووي...

أطلق خلال هذه المناورات صواريخ فرط صوتية، تخرج إلى الفضاء الخارجي قبل أن تعود وتنقض على الهدف على الأرض...

كانت الرسالة واضحة لاميركا...

بريطانيا وباقي الجوقة لا يساوون شيئا في العلم العسكري الاستراتيجي...

حشد بوتين جزءا من الجيش وانتظر غلطة من الرئيس الأوكراني زيلينسكي... غلطة في الدونباس، كي يدخل الجيش الروسي إلى تلك المنطقة ويفرض معادلات جديدة...

لم يكذب زيلينسكي خبراََ...

خرج يعلن أن أوكرانيا نادمة على التخلي عن سلاحها النووي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي...

"وصلت الرسالة"، قال بوتين...

بعد أقل من ٤٨ ساعة بدأ عملية تنظيف أوكرانيا...

طالما أن كل ما يستطيع الغرب فعله هو العقوبات...

طالما أن العقوبات واقعة واقعة...

إذاََ، لتكن عملية التنظيف بالهوفر الروسي...

الهدف لم يعد فقط في الدونباس...

سوف يدخل الجيش الروسي إلى كل المناطق التي تتواجد فيها أغلبية روسية...

خاركوف، المدينة الثانية في أوكرانيا، سوف تلي الدونباس ومعها أوديسا على البحر الأسود...

أما الأقليات الأخرى التي سلخها ستالين وضمها إلى أوكرانيا بعد الحرب العالمية الثانية، اقترح بوتين إعطاؤها حق تقرير المصير...

هكذا سوف تتفتت الدولة الأوكرانية وسوف ينتقل الثقل الاقتصادي والبشري إلى روسيا، بينما سوف تتنازع بقية الأقليات فيما بينها وضد ما تبقى من أوكرانيا...

لم يأخذ بوتين معظم أوكرانيا فحسب، بل أورث الناتو نزاعات قومية قابلة للإنفجار في اي لحظة...

من المؤكد ان بوتين الذي انتقد في خطابه الأخير كل القيادات السوفياتية التي كانت تاخذ من الشقيق الأكبر روسيا لترضي الأشقاء الصغار؛ من المؤكد أنه قرأ كيف أنهى بطرس الأكبر كل غزوات الشمال وبنى مدينة بطرسبورغ عاصمة له في ذلك الشمال لكي لا يتراجع الجيش الروسي بعد الان كما كان يفعل قبلاََ...

كما لا بد أنه قرأ ما قالته يوما الامبراطورة كاترين الثانية،

من أن بوابات موسكو تقع في الشام على البحر الأبيض المتوسط...

من يريد الدفاع عن موسكو، عليه عدم السماح للأعداء بالسيطرة على الشام...

بعد أوكرانيا، هل نرى الجيش الروسي أكثر حيوية في سوريا...؟

بعد أوكرانيا، على موسكو دعم الرئيس بشار الأسد لإنهاء تلك الحرب الكونية التي شنت على دمشق، وذلك بالمساهمة في طرد التركي والأميركي والإسرائيلي...

في النهاية، كما أخطأ ستالين في أوكرانيا، كذلك فعل في فلسطين حين أيد إقامة دولة عنصرية دينية تقوم على اغتصاب الحقوق ومنع تطور شعوب المنطقة ولعب دور كلب الامبريالية والرجعية...

اليوم أوكرانيا...

متى نرى نفس العزيمة عند العرب...؟

متى تقرر غزة عملية استشهادية سوف تنهي بالتأكيد ذلك الكيان...؟

ألا من بوتين عربي واحد في هذا المشرق...؟


المصدر: موقع إضاءات الإخباري