بقلم ناجي امهز,,
خطير جدا تصريح بايدن في 27 – 2 – 2022 ، إن العقوبات التي فرضناها على روسيا هي الأكبر في التاريخ على المستويين السياسي والاقتصادي.
مع اني توقعت هذا السيناريو وكتبت نفس الكلمات حيث جاء بمقالي الذي نشر في25 – 2 – 2021 : ويتحرك الغرب والناتو، ومع العقوبات التي ستفرض على روسيا الاتحادية والتي ستكون اضعاف مضاعفة عن اي عقوبات شهدتها اي دولة بالعالم.
وللحقيقة لم اكن اتوقع ان يتحرك الغرب بهذه السرعة مع علمي المسبق ان كل ما يجري مسرحية، فالجميع متفقين على الية العمل، ولكن كنت اظن ان مثل هذا القرار سيصدر بعد شهر من بدء الحرب الروسية الاوكرانية، حيث يكون العالم قد بدأ يصدق مايجري، وانطلقت التظاهرات الشعبية الروسية المناهضة للحرب على اوكرانيا.
ولكن الاسراع باخراج ورسيا من "سيستم سويفت" يعني بان ضربة روسيا الاولية قد فشلت تماما، وانها دخلت مرحلة العزلة والاستنزاف كما حصل في افغانستان، وما بقي مسالة وقت كي تتاكل وتتفكك.
ومع اني كتبت قبل عقد من الزمن في ١٠/١٠/٢٠١١ — امريكا الشيطان تحاصر اوروبا وتعزل روسيا وسوريا وتستنزف ايران، وتوقعت هذا المصير لروسيا، وان روسيا ستكون نهايتها اسرع من نهاية صدام حسين، فالذي يتذكر ابان الحرب الباردة كيف كان سكان المانيا الشرقية يقفزون عن جدار برلين، باتجاه المانيا الغربية، يدرك انه لا يعقل لاي دولة انفصلت عن الاتحاد السوفياتي ان تعود اليه مهما كانت الظروف والتحديات، وعلينا ان نفهم ان الذاكرة الجمعية عند الشعوب هي التي تحدد بناء الدول واستمرارها.
وهذا ما ذكرته بمقالي في 25 – 2 – 2022، حيث جاء فيه: لا احد يدخل الموضوع الصيني وقوة صاعدة والى اخر الخبرية، وتذكروا كيف استيقظنا على اختفاء جيش كامل بعدده وعديده ومعداته وعتاده اسمه الجيش العراقي كان ترتيبه الجيش الثالث عالميا.
وللعلم اني احاول خلق توازن خجولا بمقالاتي، كوني اعلم ان هناك الكثير من اليسار القديم يعلنون قربهم من محور المقاومة، بالرغم انه عندما تمطر في موسكو يرفعون المظلات في العالم العربي.
واليسار العربي يحاول دائما خداع نفسه بان روسيا والصين هما اعداء بالمطلق لاسرائيل وامريكا، وهذا الامر غير دقيق فروسيا والصين يعترفان باسرائيل، والصين هي اكبر داعم ومستثمر بالخزينة الامريكية، كما انهما ليسا بمحور المقاومة لكنهما يتسفيدان من التوازن الاستراتيجي الذي ينتجه محور المقاومة، مع العلم ان الذي يريد ان يواجه امريكا واسرائيل ليس امامه الا استراتيجية واحدة كالتي تنتهجها الجمهورية الاسلامية.
وكي تكون واثق من مواجهة امريكا عليك ان تعزز الديمقراطية والشفافية، فالشعب الايراني يمارس ديمقراطيته كل اربع سنوات، اضافة ان الشخصيات الرسمية في ايران تخضع لمراقبة دقيقة فيما يتعلق بالشفافية والمحاسبة، ولا ننسى ان الشعب الايراني سار على الالغام ابان الحرب العراقية الايرانية دفاعا عن بلاده، وعندما فرضت امريكا العقوبات على ايران قام الشعب الايراني بزيادة انتاجه حتى وصل الى شبه الاكتفاء الذاتي ايمانا ببلاده، بينما عندما سقط اول صاروخ امريكي على العراق بحث غالبية الشعب العراقي عن صدام حسين واعوانه ليقتلهم، وعند اول انتفاضة في ليبيا سقط القذافي في مجارير الصرف الصحي، وهذا الامر نفسه حصل مع الصين ابان الحرب العالمية الاولى والثانية، وحصل في روسيا 1812عنما اجتاح نابليون الامبراطورية الروسية قام سكان موسكو بتدميرها واستسلام القوات الروسية بجانب المدنيين في المدينة في أعقاب معركة بورودينو، وفي 3- 4 - 1918 ، وقعت روسيا رسميا على اتفاقية خروجها من الصراع العالمي مقابل تنازلات مذلة لصالح القوى الوسطى، لتصنف هذه الاتفاقية لاحقا كواحدة من أسوأ اتفاقيات السلام التي عرفها التاريخ، حتى في الحرب العالمية الثانية فقد قتل من الروس ما يفوق ال 26 مليون انسان اي تقريبا نصف عدد قتلى الحرب العالمية الثانية، وحتى في افغانستان سقطت روسيا عام 1988.
وانا لا اقول ان روسيا تخسر لانها ضعيفة، لكن روسيا تخسر لانها جدا قاسية، فقد غيرت اسمها من الامبراطورية الروسية الى روسيا القيصرية الى الاتحاد السوفياتي، واليوم روسيا الاتحادية وغدا روسيا ناصعة البياض، لكنها لم تعدل او تغير باسلوب الحكم والحوار المتوارث منذ القدم، وما كتبه ماركس واعتنقه الروس ما هو الا كردة فعل عميقة على كل الحكومات التي تعاقبت على حكم الشعب الروسي،
ما اكتبه هو فقط لاقول للقارئ ان روسيا انتهت وستقسم لكن ليس بسبب قوة امريكا والغرب لكن بسبب ان روسيا دائما تمسك العصا من المنتصف فهي تريد ان تتحالف مع محور المقاومة ومع اسرائيل بنفس الوقت، كما انها تريد ان تبيع اسلحتها لمحور المقاومة ولاعداء محور المقاومة بنفس الوقت.
وكل ما اخشاه الان ان يذهب بوتين الى حرب عالمية ثالثة لانقاذ نفسه من العقوبات، كما يحصل في الاوطان العربية التي يبيع قياديها كل شيء ويتنازلون عن كل شيء فقط ليحموا انفسهم.
نسال الله السلامة للبشرية، فالشرق الاوسط يعيش فوق قنبلة نووية، وبحال اندلعت الحرب نحن نتكلم عن عشرات الملايين من القتلى.