في الحرب العالمية الثانية، انتصر الحلفاء..
ولأن المنتصر هو من يكتب التاريخ، جرت محاكمات نورينبورغ التي حصرت الجرائم ضد الإنسانية بمن تريد...
أدين أتباع هتلر في المانيا، كما أدين أتباع موسوليني في إيطاليا...
لكن أحداً لم يقترب من امبراطور اليابان، أو من الجنرال الفاشي فرانكو في اسبانيا...
أما الجرائم البريطانية في شبه القارة الهندية وأفريقيا وآسيا، فلم يجري التطرق إليها...
كذلك كان الامر بالنسبة لجرائم الأميركيين ضد السكان الأصليين وضد أبناء العرق الأسود وضد بلدان وسط وجنوب القارة الأميركية...
حتى جوزيف ستالين، لم يقترب منه أحد في السنين الأولى ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى أن تبين للغرب أن الحرب العالمية الثالثة سوف تكون بين الكنائس الشرقية بزعامة موسكو والكنائس الغربية بزعامة الأنكلو ساكسون...
العلماء وعباقرة التصنيع الحربي الألماني في تلك الحقبة، جرى تخييرهم بين الإعدام، وبين العمل لصالح الآلة العسكرية الأميركية...
هكذا انتقل المشروع الصاروخي الألماني إلى أميركا تحت إشراف العالِم فون براون... وهكذا بدأ مشروع أبولو للمركبات الفضائية الأميركية وبدأ غزو النجوم...
لا يحتاج الإعلام الغربي إلى غوبلز لكي يلوي الحقائق، فقد تفوق هذا الإعلام على الوف العقول من امثال عقل غوبلز...
نحن العرب هم أكثر البشر معرفة بمدى الكذب الذي يستطيع الإعلام الغربي بثه...
إنه الإعلام الذي يدين انتهاك حرية التعبير في روسيا، بينما يمنع هو وكالة سبوتنيك، وأقنية روسيا اليوم من الظهور على الشاشات... بل وصل الأمر بهذا الغرب الكاذب حد إقفال الفضاء الاليكتروني حتى لا يكتشف العالم مدى الزيف الذي يبثه هذا الإعلام الغربي نفسه...
تصر France 24، على رفض مقولة القرب بين الشعبين الروسي والأوكراني، لكن من يتابع المقابلات التي تجري مع السكان ويستمع مباشرة إلى ما يقوله هؤلاء الناس، بدل محاولة الاستماع الى الترجمة، يرى أن الجميع يتحدث نفس اللغة مع بعض الفوارق، طبعا باستثناء النازيين الآتين من غرب البلاد، والذين ترجع أصولهم إلى بولندا ورومانيا وغيرها...
أما قمة الكذب مع هذا الإعلام، فهو في الحديث عن كيفية كشف عملاء روسيا في أوكرانيا اليوم...
وفقاً لFrance25، يُطلب من الذي يمر على الحواجز لفظ كلمات محددة في اللغة، فيتم معرفة من الروسي ومن الأوكراني...
نحن في لبنان لا نزال نذكر ماذا كانت تفعله الحواجز الفاشية عندما كانوا يحملون حبة البندورة ويطلبون من العابرين لفظ اسم هذه الحبة... على اساس أن الفلسطيني يقول بَنْدورَة، بينما يقول اللبناني بَنَدورة... هكذا كان الفاشيون في لبنان يصطادون الفلسطيني لقتله...
وهكذا يصطاد النازيون في أوكرانيا الأوكرانيين السلاف لقتلهم...
دون ان تقصد، فضحت France 24 عنصرية النازيين في أوكرانيا بناء على مجرد اللفظ...
إنه نفس الإعلام الذي كان ينقل أكاذيب ساركوزي وفابيوس عن مقاتلي الحرية في سوريا إلى أن عاد بعض هؤلاء ومارسوا تلك الحرية في شوارع باريس... في باريس تحول مقاتلو الحرية إلى إرهابيين مسلمين...
إنه الإعلام الذي أنتج في الثمانينيات افلام رامبو لستالوني وأهداها إلى المجاهدين من أجل الحرية في افغانستان، قبل أن يوصم هؤلاء بالإرهاب عندما انتقلوا إلى قتل الأميركيين بدل قتل الروس والسوفيات...
نعم... الحروب قذرة...
كل الحروب قذرة... لكن أقذر صفحات هذه الحروب يكتبها إعلام قذر...
إعلام لا يرى اليمنيين عندما يقصفهم التحالف السعودي الأميركي...
إعلام لا يرى الفلسطينيين حين تصادر أراضيهم وتهدم بيوتهم ويعتقلون إداريا بلا سبب أو يقتلون لمجرد أنهم ولدوا عرباََ...
لأن عقيدة بني صهيون هي أن العربي الجيد، هو العربي الميت...
هذا الاعلام الكاذب لذي مجد غزو العراق، ثم غزو ليبيا الذي حول تلك البلاد إلى دول فاشلة...
هذا الاعلام الذي غطى صبرا وشاتيلا مع شارون، ثم غطى قانا مع شيمون بيريز قبل حتى تنصيبه من قبل لجنة نوبل حمامة سلام...
إنه نفس الإعلام،... ونفس الغرب الذي غطى تهويد الجولان وتهويد القدس...
أنه نفس الإعلام الذي يغطي إردوغان في ساحة ويدينه في ساحة اخرى...
يغطي قسد وحزب العمال الكردستاني في جرائم التمييز العنصري ضد العرب القابعين تحت الاحتلال الأميركي في الشرق والشمال الشرقي لسوريا، ثم يتحدث عن ديكتاتورية بشار الأسد...
إنه نفس الإعلام الذي يغطي سرقة الجيش الأميركي وقسد والجيش التركي للنفط السوري، ومصادرة وحرق محاصيل القمح في الحقول السورية، ثم يتحدث عن ظلم نظام بشار الأسد...
التاريخ مليء بالمجانين...
من نيرون الذي أحرق روما، إلى نابليون الذي سرق الثورة الفرنسية، إلى هتلر وموسوليني اللذان اعتقدا أن العنصر الآري هو وحده الجدير بالحياة... إلى جوزيف ستالين الذي قتل أبناء الثورة حتى يبقى وحده على رأس هذه الثورة.. إلى... إلى...
لكن ماذا عن بقية المجانين...
ماذا عن مجانين بريطانيا وحرب الأفيون ضد الشعب الصيني...؟
ماذا عن مجازر الاستعمار البريطاني في كل بقعة من الإمبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس... ماذا عن الجنون البريطاني في جنوب إفريقيا وفي روديسيا...؟
ماذا عن جنون ليوبولد ملك بلجيكا الذي كان يقطع أيدي الأفارقة إذا لم يؤدوا الكمية اللازمة من الكاوتشوك إلى رجال الملك قبل مغيب الشمس...؟
ماذا عن مجانين فرنسا في الجزائر...؟
إذا لم يؤد كل ذلك الجنون الغربي المجرم إلى مقاومة مجنونة فبئس المجرم المجنون وبئس المقاوم الذي لا يجن...
نعم قد يكون فلاديمير بوتين مجنوناً...
لكن جنون بوتين هو الرد على جنون الغرب الذي تمادى حتى أراد نصب الصواريخ النووية على بوابات ريف موسكو...
متى يجن العرب بعد أن غزا مجانين واشنطن ولندن وامستردام ووارسو وكانبرة وحتى كييف العراق...
متى يخرج مجنونا بين العرب بعد أن غزا الغرب الشام ثم اليمن ثم لبنان بعد أن كانوا استملكوا غصبا فلسطين...
متى ينفجر جنون رجل عربي فيرد الصاع صاعين...
ليت صدام كان مجنونا فعلاً ولم يكن مجرد غبي ظن أن الغرب تبناه...
ليت القذافي كان مجنونا ولم يكن مغفلاََ كما كان بالفعل حين بعثر ثروات الأمة على عاهرات أوروبا وعواهرها...
ليت ابو عمار جن ولو مرة واحدة في ذلك التاريخ ولم يغرق في حسابات الربح والخسارة في التعامل مع الرجعية العربية والإستعمار...
شعب روسيا يرى في جنون بوتين هبة من السماء جاءت لإنقاذ روسيا بعد تفاهات غورباتشوف ويلتسين...
بقى أن يرسل الله إلى العرب مجنونا ينهي ذلك الظلم التاريخي، وذلك الوهن، وتلك العبودية، ويرفع راية العروبة خفاقة من المحيط الى الخليج رغم انف الغرب، وصبيانه من حكام العرب..