استطيع القول بأن ترحيب بعض مؤيدين الدولة السورية بزيارة الرئيس السوري بشار الأسد لإمارات الديانة الإبراهيمية التي تشترك مع السعودية في ذبح الشعب اليمني الشقيق من الوريد إلى الوريد والمرتبطة مع الكيان الإسرائيلي بمعاهدة سلام هو موقف خاطئ ويشبه إلى حد كبير مواقف الشيوعيين العرب الذين كانوا يؤيدون كل ما يصدر من موسكو حتى قيل عنهم بأنهم كانوا يرفعون مظلاتهم كلما امطرت في بلاد السوفييت.
فهذه الزيارة،هي من ناحية دليل على هزيمة المشروع التدمير الذي استهدف سوريا ولكنها لا تختلف بشيئ عن الزيارة التي قام بها إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس للمغرب المطبعة مع إسرائيل بذريعة تقديم الشكر للشعب المغربي على موقفه المؤيد للمقاومة الفلسطينية في معركة سيف القدس والتي ادناها و رأينا فيها تطبيعاً مع دولة عربية تمارس التطبيع بعهر مع إحترامنا وتقديرنا لمواقف الشعب المغربي القومية والعروبية المؤيدة للقضية الفلسطينية.
ولا يغير من هذه الحقيقة الحديث عن أن الزيارة التي جاءت تلبية لدعوة سابقة وجهت للأسد أثناء زيارة قام بها وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد لدمشق العام الماضي، تأتي استثماراً لنتائج العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا او أنها تهدف إلى تعميق الشرخ في العلاقات الاماراتية- الامريكية على خلفية شعور حكام الامارات بأن واشنطن سوف تتخلى عنهم كما تتخلى اليوم عن حكام اوكرانيا وكما تخلت قبلهم عن حكام أفغانستان وعن عملائها في فيتنام وعن شاه إيران والقائمة طويلة.
فهكذا أنظمة وظيفية تابعة لا تستطيع التمرد على حماتها وداعميها والتحالف عوضاً عن ذلك مع روسيا والصين حتى لو شعرت بالخذلان.
وباختصار ومع محبتنا وتقديرنا لسوريا وللرئيس بشار الاسد الذي تعرضت بلاده لمؤامرة شرسة ولحرب كونية مدمرة قادها محور صهيو-إمبريالي- رجعي عربي كانت الإمارات احد المشاركين البارزين فيه، فإن زيارة ألإمارات في هذا الوقت بالذات
هي رفع للغطاء عن دويلة عربية تمارس سياسات مدمرة ومناقشة مع المصالح العليا للشعب العربية وفي مقدمها قلعة الصمود و الشموخ العربي سوريا.
وبالتالي فإن هذه الزيارة وإن بدت في ظاهرها إنتصاراً لسوريا وللرئيس بشار الأسد الذي راهن حكام الإمارات ومعهم حكام قطر والسعودية عام ٢٠١١ على انه لن يبقى في الحكم سوى لعدة اسابيع إلا أنها في جوهرها لن تخدم مصلحة الدول السورية لأن فاقد الشيئ لا يعطيه.
وفي الخلاصة فإنه وأهم من يعتقد بأن تطبيع العلاقاتة السورية- الاماراتية وحتى نجاح سوريا في العودة إلى الجامعة العربية هو الذي سيخرج سوريا من ازماتها ويحل مشاكلها.
فحكام الإمارات مثل حكام السعودية والكثير من الحكام العرب لا يستطيعون البقاء في الحكم لعدة ايام بدون الدعم والحماية الامريكية.
وبالتالي فإنهم سوف يستغلون تطبيع العلاقات مع سوريا ليس من أجل رفع المعاناة عن الشعب السوري بل من أجل أبعاد سوريا عن إيران وبقية اطراف محور المقاومة، لتحقيق ما عجزوا عن تحقيقه بالحرب بوسائل دبلوماسية وسياسية ناعمة.
ولذلك فإن المطلوب من سوريا ومن بقية اطراف محور المقاومة ليس ابقاء الجسور ممدودة مع محور التطبيع العربي بل قطعها نهائياً لا سيما وأن ما تقوم به روسيا في اوكرانيا سيضعف أمريكا وبالتالي إسرائيل ويفتح بالتالي افاقاً افضل لانتصار نا على أعدائنا.
في الختام فإن التماثل والتطابق في موت، بينما الاختلاف في الرأي، فيه حياة، ولذلك فلنختلف على قاعدة أن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.