كتب م/ زياد ابو الرجا: من اوكرانيا الى ناتانيا
مقالات
كتب م/ زياد ابو الرجا: من اوكرانيا الى ناتانيا
م/ زياد ابو الرجا
31 آذار 2022 , 06:48 ص


بعد ان استعرض سيد الكرملين امام العالم اجمع الترسانة العسكرية الروسية، التقليدية منها والمتطورة، وعلى راسها الصواريخ الفرط صوتية، ووضع روسيا  في مصاف الدول الاقتصادية الكبرى( الثمانية الكبار ومجموعة العشرين) ونسج تحالفات دولية واسعة، وانخرط في محاربة الارهاب الذي خلقته ورعته امريكا، ومولته عدة دول  شرق اوسطية غنية واطلقته لكي يطيح بالانظمة والدول التي لا تنصاع وتخضع لاملاءاتها.

بعد ان تيقن بوتين من جاهزيته قام بالنقلة الاولى على رقعة الشطرنج وضم القرم الى روسيا الاتحادية بعد الاستفتاء الشعبي.

اقدمت امريكا على الانسحاب المفاجئ من افغانستان كي تستعد للنقلة الاولى المضادة واقدمت على تحريك ادواتها في كازاخستان  لتصيد عصفورين بحجر واحد وبضربة مزدوجة لروسيا والصين. الا ان بوتين قام بنقلته السريعة والخاطفة ووضع امريكا ومن وراءها الناتو امام مأزق (كش ملك) شيك ميت وترك بايدن وحزبه الديموقراطي في مهب الريح حيث يتربص به الحزب الجمهوري، وخاصة ان امريكا امام استحقاق الانتخابات النصفية اواخر هذا العام.

بعد خيبتها في كازاخستان عجلت امريكا في الاستثمار في دواعش اوكرانيا ( الفرق النازية العنصرية) المهيمنة على الحكومة الاوكرانية. هذه الفرق النازية اشرف الناتو على تدريبها وتسليحها ودفعها لممارسة القتل والتشريد لكل ما هو روسي في اوكرانيا وضد مواطني الدونباس بشكل خاص. على الرغم من تحذيرات روسيا للناتو والحكومة الاوكرانية بانها لن تسمح للارهاب بان يفتك بمواطنيها في الدونباس وانها لن تقبل بان يقف الارهاب على ابوابها ويهدد امنها القومي، الا ان امريكا والناتو استمرا بتجاهل المطالب الروسية، مما اضطر سيد الكرملين بان يقوم بنقلته الاستباقية، ودفع ببعض آلته العسكرية بحملتها المدروسة والمنظمة، والهدف واضح لا لبس فيه وغير قابل للتاويل( القضاء على القوى النازية، وتدمير البنية العسكرية الاوكرانية وايصال الحملة العسكرية الى نهاياتها المنطقية) التي عبر عنها وزير الخارجية الروسي لافروف وكررها مرارا وهي السير قدما نحو نظام عالمي عادل ومتعدد الاقطاب. (( وهذا يعني هزيمة امريكا وارغامها على التسليم بهذا الامر وازاحتها عن عرش التفرد بقيادة النظام العالمي). لجأت قيادة بايدن الى دفع بعض الانظمة العربية التي طبعت مع الكيان للارتقاء بالتطبيع الى مستوى التحالف العسكري والاقتصادي والامني بغية التغطية على الاخفاقات المتتالية التي منيت بها وخاصة النتائج العكسية لسياسة العقوبات حيث انطبق عليها المثل القائل (جاجة حفرت على راسها عفرت).

في لبنان استمرت امريكا بتحريض ودعم العملاء احزابا ومنظمات وافراد، وخربت النظام المصرفي بالتعاون مع الوكلاء، لافقار اللبنانيين ودفعهم للوقوف بوجه حزب الله وتاليب حاضنته الشعبية لتنقلب عليه في محاولة لاسقاطه في الانتخابات النيابية  المقبلة في ايار القادم. الا ان المعلومات تشير الى نجاح حزب الله وحليفيه حركة امل والتيار الوطني الحر. هذا الوضع سيدفع امريكا الى استخدام ادواتها للعبث بامن لبنان وتفجيره.

اما في فلسطين حيث سبق وان دفعت حكومة الكيان بقطعان غلاة المستوطنين الى القدس للاعتداء عليها وعلى مقدساتها واهلها وقاموا ببناء بؤر استيطانية في مناطق مختلفة في الضفة الغربية. رغم كل التحذيرات  استمر الكيان في غيه وعدوانه وصلفه مما دفع بقوى المقاومة الفلسطينية المرابطة في غزة الى استخدام العنف الثوري  من خلال الجولة التي حملت اسم " سيف القدس" انتصارا لفلسطين وقدسها ومقدساتها. كشفت هذه الجولة هشاشة البنية المجتمعية للكيان، وفشل قبته الحديدية في التصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية.

في الملف النووي الايراني، والذي تحتاجه امريكا اكثر من اي وقت مضى، حيث تضيق امامها مساحة المناورة والمراوغة للتهرب من الاستحقاقات التي تطالب بها ايران كاملة غير منقوصة، وان ايران ليست على عجلة من امرها. الامريكي يريد الاتفاق لكي يساعده في الانتخابات المقبلة. ان عامل الوقت يداهم امريكا ويضغط على سلوكها السياسي وعلى علاقتها باليتامى( الايتام) الذين راهنوا على وقوفها الى جانبهم وحمايتهم. قامت على عجل بجمعهم في النقب وفي مستوطنة كانت مقر اقامة بن غوريون الصهيوني الذي اغتصب الوطن وسبب لشعبنا اللجوء والشتات والمحن. وتشابكت الايدي تعبيرا عن تحالف الكيان وبعض العرب. تراقص المستوطنون وشربوا النخب. نخب ركوع اذلاء العرب.

الان وفي هذه المرحلة الحرجة ما زالت دولة الكيان ومستوطنيها يمارسون الاعتداء على القدس ويواصلون بناء المستوطنات حولها والبؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، ونسوا او تناسوا ان المقاومة التي اطلقت جولة سيف القدس الاولى ما زال اصبعها على الزناد. وتراكم العدد والعتاد، وان لها امتداد خارج الحدود والبلاد. لقد غرهم صمت " بوتين المشرق العربي" وصبره الجميل، وتوهموا ان اشغاله بالقضايا الثانوية في بلاده سترغمه على التحول والتبديل. لانهم غرباءعلى هذه الارض وتراثها وثقافتها، فانهم لا يعرفون ان جرحا ثبتته الدماء على غرة محال يزيح. وبدون تحرير القدس لا يستريح. وان النهاية اما نصر او شهادة وقبة وضريح. الخريطة الطبوغرافية لبلاد الشام على طاولة " بوتين المشرق العربي"  وحولها الاركان مجتمعين. ومنها بدا بث الرسائل والاوامر. اولى هذه الرسائل المقابلة التي اجرتها قناة الميادين مع صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية " حماس" والتي يجب على كل فلسطيني وعربي ان لا يمر عليها مرور الكرام. لقد حملت في ثناياها وطياتها ما قل ودل، واخطر ما جاء فيها قوله:

١- على الناس ان يضعوا اكثر من خط تحت الكلمة التي قالها السيد حسن نصر الله  بان المساس بالقدس يعني حربا اقليمية.

٢- اقول للاحتلال ستبتلع كل اوهامك في الضفة الغربية والقدس وهذه المنطقة في قلب المقاومة وجاهزة للنهوض مرة اخرى.

٣- نجري حوارات جدية ونتعاون تعاونا مسؤولا ليس مع حزب الله فقط بل مع حركات ودول وشعوب عدة.

وحدهم المغفلون الذين لا يقفون امام ما قاله العاروري . وما وراء تلميحاته وتصريحاته، ونبرته الهادئة، فالابتسامة على وجهه تعكس الارتياح والثقة بما هو ات. والاتي من " بوتين المشرق العربي"، والمطلع على ما ستقوم به امريكا من العبث بامن المشرق العربي من لبنان الى سوريا والاردن وفلسطين والعراق كل الدلائل تشير واولها العملية البطولية في قلب العدو. الخطوة الاستباقية والوقائية اقتربت وسنشهد العناق، عناق اوكرانيا مع نتانيا عناق افاعي النازية الاوكرانية مع النازية  الصهيونية حيث ستبتلع بعضها.

سنشهد اليوم الذي يفر فيه المطبعون

وتبتلع الارض الخونة والمتعاونين

ويوم يفرح كل مستضعف ومحروم.

المصدر: موقع إضاءات الإخباري